حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ ، قَالَ : " كَانَتْ لِفَاطِمَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ زَوْجَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَارِيَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ فَائِقٍ ، وَكَانَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ مُعْجَبًا بِهَا قَبْلَ أَنْ تُقْضَى إِلَيْهِ الْخِلافَةُ ، فَطَلَبَهَا مِنْهَا وَحَرَصَ فَأَبَتْ دَفْعَهَا إِلَيْهِ ، وَغَارَتْ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمْ تَزَلْ فِي نَفْسِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ أَمَرَتْ فَاطِمَةُ بِالْجَارِيَةِ ، فَأُصْلِحَتْ ثُمَّ حُلِّيَتْ ، فَكَانَتْ حَدِيثًا فِي حُسْنِهَا وَجَمَالِهَا ، ثُمَّ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَى عُمَرَ ، فَقَالَتْ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّكَ كُنْتَ بِفُلانَةَ جَارِيَتِي مُعْجَبًا وَسَأَلْتَنِيهَا فَأَبَيْتُ ذَلِكَ عَلَيْكَ ، وَإِنَّ نَفْسِي قَدْ طَابَتْ لَكَ بِهَا الْيَوْمَ ، فَدُونَكَهَا . فَلَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ اسْتَبَانَ الْفَرَحُ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ قَالَ : ابْعَثِي بِهَا إِلَيَّ . فَفَعَلَتْ ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ نَظَرَ إِلَى شَيْءٍ أَعْجَبَهُ ، فَازْدَادَ بِهَا عَجَبًا ، فَقَالَ لَهَا : أَلْقِي ثَوْبَكِ . فَلَمَّا هَمَّتْ أَنْ تَفْعَلَ ، قَالَ : عَلَى رِسْلِكِ ، اقْعُدِي ، أَخْبِرِينِي لِمَنْ كُنْتِ ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتِ لِفَاطِمَةَ ؟ قَالَتْ : كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ أَغْرَمَ عَامِلا كَانَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مَالا ، وَكُنْتُ فِي رَقِيقِ ذَلِكَ الْعَامِلِ ، فَاسْتَصْفَانِي عَنْهُ مَعَ رَقِيقٍ لَهُ وَأَمْوَالٍ ، فَبَعَثَ بِي إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ صَبِيَّةٌ ، فَوَهَبَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ لابْنَتِهِ فَاطِمَةَ . قَالَ : وَمَا فَعَلَ الْعَامِلُ ؟ قَالَتْ : هَلَكَ . قَالَ : وَمَا تَرَكَ وَلَدًا ؟ قَالَتْ : بَلَى . قَالَ : وَمَا حَالُهُمْ ؟ قَالَتْ : سَيِّئَةٌ . قَالَ : شُدِّي عَلَيْكِ ثَوْبَكِ . ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ عَامِلِهِ : أَنْ شَرِّحْ إِلَى فُلانِ بْنِ فُلانٍ عَلَى الْبَرِيدِ . فَلَمَّا قَدِمَ ، قَالَ لَهُ : ارْفَعْ إِلَيَّ جَمِيعَ مَا أَغْرَمَ الْحَجَّاجُ إِيَّاكَ . فَلَمْ يَرْفَعْ إِلَيْهِ شَيْئًا إِلا دَفَعَهُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْجَارِيَةِ ، فَدُفِعَتْ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا أَخَذَ بِيَدِهَا قَالَ : إِيَّاكَ وَإِيَّاهَا فَإِنَّكَ حَدِيثُ السِّنِّ ، وَلَعَلَّ أَبَاكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَطِئَهَا . فَقَالَ الْغُلامُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هِيَ لَكَ . قَالَ : لا حَاجَةَ لِي فِيهَا . قَالَ : فَابْتَعْهَا مِنِّي . قَالَ : لَسْتُ إِذًا مِمَّنْ يَنْهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَمَضَى بِهَا الْفَتَى ، فَقَالَتْ لَهُ الْجَارِيَةُ : فَأَيْنَ مَوْجِدَتُكَ بِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ ! فَقَالَ : إِنَّهَا لَعَلَى حَالِهَا ، وَلَقَدِ ازْدَادَتْ ، فَلَمْ تَزَلِ الْجَارِيَةُ فِي نَفْسِ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |