باب ذكر الوفاء بالعهد والمحافظة على الود


تفسير

رقم الحديث : 382

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، قَالَ : خَرَجْتُ فِي طَلَبِ ضَالَّةٍ لِي ، فَبَيْنَمَا أَنَا أَدُورُ فِي أَرْضِ بَنِي عُذْرَةَ أَنْشُدُ ضَالَّتِي ، إِذْ أَتَيْتُ مُعْتَزَلا مُعْتَزِلٍ عَنِ الْبُيُوتِ ، وَإِذَا فِي كِسْرِ الْبَيْتِ فَتًى شَابٌّ مُغْمًى عَلَيْهِ ، وَعِنْدَ رَأْسِهِ عَجُوزٌ لَهَا بَقِيَّةٌ مِنْ جَمَالٍ شَاهِيَةٌ تَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَسَلَّمْتُ ، فَرَدَّتِ السَّلامَ ، فَسَأَلْتُهَا عَنْ ضَالَّتِي فَلَمْ يَكُ عِنْدَهَا مِنْهَا عِلْمٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ ، مَنْ هَذَا الْفَتَى ؟ قَالَتِ : ابْنِي . ثُمَّ قَالَتْ : هَلْ لَكَ فِي أَجْرٍ لا مُؤْنَةَ فِيهِ ؟ فَقُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّ الأَجْرَ وَإِنْ رَزِيتُ . فَقَالَتْ : إِنَّ ابْنِي هَذَا يَهْوَى ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ ، وَكَانَ عَلِقَهَا وَهُمَا صَغِيرَانِ ، فَلَمَّا كَبَرَتْ حُجِبَتْ عَنْهُ فَأَخَذَهُ شَبِيهٌ بِالْجُنُونِ ، ثُمَّ خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَامْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهِ ، وَخَطَبَهَا غَيْرُهُ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ ، فَنَحِلَ جِسْمُ وَلَدِي وَاصْفَرَّ لَوْنُهُ وَذَهِلَ عَقْلُهُ ، فَلَمَّا كَانَ مُذْ خَمْسٍ زُفَّتْ إِلَى زَوْجِهَا ، فَهُوَ كَمَا تَرَى ، لا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ ، مُغْمًى عَلَيْهِ ، فَلَوْ نَزَلْتَ إِلَيْهِ فَوَعَظْتَهُ . قَالَ : فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ ، فَلَمْ أَدَعْ شَيْئًا مِنَ الْمَوَاعِظِ إِلا وَعَظْتُهُ ، حَتَّى إِنِّي قُلْتُ فِيمَا أَقُولُ : إِنَّهُنَّ الْغَوَانِي صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ ، النَّاقِضَاتُ الْعَهْدِ ، وَقَدْ قَالَ فِيهِنَّ كُثَيِّرُ عَزَّةَ : هَلْ وَصْلُ عَزَّةَ إِلا وَصْلُ غَانِيَةٍ فِي وَصْلِ غَانِيَةٍ عَنْ وَصْلِهَا خُلْفُ قَالَ : فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ كَالْمُغْضَبِ ، وَهُوَ يَقُولُ : كُثَيِّرُ عَزَّةَ ! إِنَّ كُثَيِّرَ رَجُلٌ مَايِقٌ ، وَأَنَا رَجُلٌ مَايِقٌ ، وَلَكِنِّي كَأَخِي تَمِيمٍ حَيْثُ يَقُولُ : أَلا لا يَضُرُّ الْحُبَّ مَا كَانَ ظَاهِرًا وَلَكِنَّ مَا احْتَافَ الْفُؤَادُ يَضِيرُ أَلا قَاتَلَ اللَّهُ الْهَوَى كَيْفَ قَادَنِي كَمَا قِيدِ مَغْلُولُ الْيَدَيْنِ أَسِيرُ فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ أُصِيبِ مِنْكُمْ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَذْكُرْ مُصَابَهُ بِي " . فَأَنْشَأَ يَقُولُ : أَلا مَا لِلْمَلِيحَةِ لَمْ تَعُدْنِي أَبُخْلٌ بِالْمَلِيحَةِ أَمْ صُدُودُ مَرِضْتُ فَعَادَنِي أَهْلِي جَمِيعًا فَمَالَكِ لَمْ تُرَ فِيمَنْ يَعُودُ فَقَدْتُكِ بَيْنَهُمْ فَبَلِيتُ شَوْقًا وَفَقْدُ الإِلْفِ يَا أَمَلِي شَدِيدُ وَمَا اسْتَبْطَأْتُ غَيْرَكِ فَاعْلَمِيهِ وَحَوْلِي مِنْ ذَوِي رَحِمِي عَدِيدُ وَلَوْ كُنْتِ الْمَرِيضَ لَكُنْتُ أَسْعَى إِلَيْكِ وَمَا يُهَدِّدُنِي الْوَعِيدُ قَالَ : ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً وَخَفَتَ فَمَاتَ ، فَبَكَتِ الْعَجُوزُ ، وَقَالَتْ : فَاضَتْ وَاللَّهِ نَفْسُهُ ، فَدَخَلَنِي أَمْرٌ لَمْ يَدْخُلْنِي مِثْلُهُ ، فَلَمَّا رَأَتِ الْعَجُوزُ مَا حَلَّ بِي ، قَالَتْ : يَا فَتًى ، لا تَرْتَاعْ ، مَاتَ وَاللَّهِ وَلَدِي بِأَجَلِهِ وَاسْتَرَاحَ مِنْ تَبَارِيحِهِ وَغُصَصِهِ ، ثُمَّ قَالَتْ : هَلْ لَكَ فِي اسْتِكْمَالِ الضَّيْعَةِ . قُلْتُ : قُولِي مَا أَحْبَبْتِ . قَالَتْ : تَأْتِي الْبُيُوتَ فَتَنْعَاهُ إِلَيْهِمْ لِيُعَاوِنُونِي عَلَى رَمْسِهِ ، فَإِنِّي وَحِيدَةٌ . قَالَ : فَرَكِبْتُ نَحْوَ الْبُيُوتِ فَرَسِي ، فَإِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ أَجْمَلِ مَا رَأَيْتُ مِنَ النِّسَاءِ نَاشِرَةٍ شَعْرَهَا حَدِيثَةِ عَهْدٍ بِعُرْسٍ ، فَقَالَتْ : بِفِيكِ الْحَجَرُ الْمُصْلَتُ ، مَنْ تَنْعِي ؟ قُلْتُ : أَنْعَى فُلانًا . قَالَتْ : أَوَ قَدْ مَاتَ ؟ قُلْتُ : إِي وَاللَّهِ قَدْ مَاتَ . قَالَتْ : فَهَلْ سَمِعْتَ لَهُ قَوْلا ؟ فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ لا ، إِلا شِعْرًا . قَالَتْ : وَمَا هُوَ ؟ فَأَنْشَدْتُهَا قَوْلَهُ : أَلا مَا لِلْمَلِيحَةِ لَمْ تَعُدْنِي أَبُخْلٌ بِالْمَلِيحَةِ أَمْ صُدُودُ ؟ فَاسْتَعْبَرَتْ بَاكِيَةً ، وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ : عَدَانِي أَنْ أَزُورَكَ يَا مُنَايَ مَعَاشِرُ كُلُّهُمْ بَاغٍ حُسُودُ أَشَاعُوا مَا عَلِمْتَ مِنَ الدَّوَاهِي وَعَابُونَا وَمَا فِيهِمْ رَشِيدُ فَلَّمَا أَنْ ثَوِيتَ الْيَوْمَ لَحْدًا وَكُلُّ النَّاسِ دُونَهُمُ لُحُودُ فَلا طَابَتْ لِيَ الدُّنْيَا فُوَاقًا وَلا لَهُمُ وَلا أَثْرَى الْعَدِيدُ ثُمَّ شَهِقَتْ شَهْقَةً خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا ، وَخَرَجَ النِّسَاءُ إِلَيْهَا مِنَ الْبُيُوتِ ، وَاضْطَرَبَتْ سَاعَةً وَمَاتَتْ ، فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ الْحَيَّ حَتَّى دَفَنْتُهُمَا جَمِيعًا .

الرواه :

الأسم الرتبة
رَجُلٌ

أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلاءِ

ثقة

الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.