حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ الرَّقِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الرَّقِّيُّ ، عَنْ بَعْضِ وَلَدِ حُمَيْدٍ الطُّوسِيِّ ، قَالَ : كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ يَهْوَى جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا : ظَلُومٌ ، وَكَانَ شَدِيدَ الشَّغَفِ بِهَا ، وَكَانَتْ تَجِدُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَجْلِسِهِ ، وَقَدْ فُرِشَ بِالدِّيبَاجِ ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْجَوَارِي وَالْمُغَنُّونَ ، وَلَيْسَ ظَلُومٌ حَاضِرَةً إِذْ وَجَّهَ بَعْضُ جَوَارِيهِ بِأُتْرُجَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بِالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ ، فَلَمَّا وُضِعَتْ فِي يَدِهِ شَمَّهَا وَشَرِبَ رِطْلا وَذَكَرَ ظَلُومًا ، فَدَعَا بِوَصِيفٍ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الأُتْرُجَّةَ ، وَقَالَ لَهُ : اذْهَبْ بِهَذِهِ إِلَى ظَلُومٍ . فَلَمَّا دَفَعَ إِلَيْهَا الأُتْرُجَّةَ ، وَأَدَّى الرِّسَالَةَ بَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى رَحِمَهَا جَمِيعُ مَنْ حَضَرَهَا . وَقَالُوا : إِنَّنَا مَا رَأَيْنَا أَعْجَبَ مِنْكِ ، يُوَجِّهُ إِلَيْكِ بِتَحِيَّةٍ فَتَبْكِينَ ! فَقَالَتْ أَنَا أَتَغَنَّى بِصَوْتٍ تَعْلَمُونَ مِمَّ بُكَايَ ، فَانْدَفَعَتْ تُغَنِّي : أَهْدَى لَهُ أَحْبَابُهُ أُتْرُجَّةً فَبَكَى وَأَشْفَقَ مِنْ عَيَافَةِ زَاجِرِ خَافَ التَّلَوُّنَ وَالْفِرَاقَ لأَنَّهَا لَوْنَانِ بَاطِنُهَا خِلافُ الظَّاهِرِ فَلَمَّا جَاءَ الْغُلامُ ، قَالَ : مَا بَطَّأَ بِكَ ؟ فَأَعْلَمَهُ أَنَّهَا كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ مَنْزِلِهَا ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ عَنْهَا حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَوْضِعِهَا ، فَغَاظَهُ ذَلِكَ ، فَكَتَبَ إِلَيْهَا : ضَيِّعْتِ عَهْدَ فَتًى لِغَيْبِكِ حَافَظٌ فِي حِفْظِهِ عَجَبٌ وَفِي تَضْيِيعِكْ فَصِدْتِ عَنْهُ فَمَا لَهُ مِنْ حِيلَةٍ إِلا الْوُقُوفُ إِلَى أَوَانِ رُجُوعِكْ إِنْ تَقْتُلِيهِ وَتَذْهَبِي بِحَيَاتِهِ فَبِحُسْنِ لا بِحُسْنِ صَنِيعِكْ وَوَجَّهَ إِلَيْهَا بِالرُّقْعَةِ مَعَ الْغُلامِ وَأَمَرَهُ أَلا يَأْخُذَ لَهَا جَوَابًا ، فَلَمَّا دَفَعَ إِلَيْهَا الرُّقْعَةَ ، قَرَأَتْهَا ثُمَّ بَكَتْ حَتَّى رَحِمَهَا جَمِيعُ مَنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ ، ثُمَّ قَالَتْ لِلْغُلامِ : اسْمَعْ مِنِّي صَوْتًا وَاحْفَظْهُ ، وَانْدَفَعَتْ تُغَنِّي : هَلْ لِعَيْنَيَّ إِلَى الرُّقَادِ شَفِيعُ إِنَّ قَلْبِي مِنَ السِّقَامِ مروع الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَرْمَكِيُّ : لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِبِّينَ شَهِيدٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِيمَا يَدَّعُونَ مِنَ الْمَحَبَّةِ إِلا مُلاحَظَةُ أَبْصَارِهِمْ فِي اسْتِدْرَاكِ مَوَاجِدِهِمْ لَكَفَاهُمْ ، وَأَنْشَدَنِي : يُلاحِظُنِي فَيَعْلَمُ مَا بِقَلْبِي وَأَلْحَظُهُ فَيَعْلَمُ مَا أُرِيدُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |