حَدَّثَنَا الرَّبَعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ الْكَلْبِيُّ ، قَالَ : ضَرَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بَعْثًا إِلَى الْيَمَنِ ، فَأَقَامُوا سِنِينَ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ بِدِمَشْقَ ، قَالَ : " وَاللَّهِ لأَعِسَنَّ اللَّيْلَةَ مَدِينَةَ دِمَشْقَ ، وَلأَسْمَعَنَّ النَّاسَ مَا يَقُولُونَ فِي الْبَعْثِ الَّذِي أَغْرَبْتُ فِيهِ رِحَالَهُمْ ، وَأَغْرَمْتُ فِيهِ أَمْوَالَهُمْ ، فَبَيْنَا هُوَ فِي بَعْضِ أَزِقَّتِهَا إِذَا هُوَ بِصَوْتِ امْرَأَةٍ قَائِمَةٍ تُصَلِّي ، فَتَسَمَّعَ إِلَيْهَا ، فَلَمَّا انْصَرَفَتْ إِلَى مَضْجَعِهَا ، قَالَتْ : اللَّهُمَّ يَا غَلِيظَ الْحِجَابِ ، وَيَا مُنْزِلَ الْكُتُبِ ، وَيَا مُعْطِيَ الرُّعْبِ ، وَيَا مُرَوِّيَ الْعَرَبِ ، وَيَا مُسَيِّرَ النُّجُبِ ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُؤَدِّيَ غَايَتِي فَتَكْشِفَ بِهِ هَمِّي ، وَتُصَفِّيَ بِهِ لَذَّتِي ، وَتُقِرَّ بِهِ عَيْنِي ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَحْكُمَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، الَّذِي فَعَلَ بِنَا هَذَا ، فَقَدْ صَيَّرَ الرَّجُلَ نَازِحًا ، وَالْمَرْأَةَ مُتَقَلْقِلَةً عَلَى فِرَاشِهَا ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ : تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَالْعَيْنُ تَدْمَعُ وَأَرَّقَنِي حُزْنٌ بِقَلْبِي يُوجِعُ فَبِتُّ أُقَاسِي اللَّيْلَ أَرْعَى نُجُومَهُ وَبَاتَ فُؤَادِي غَائِبًا يَتَفَزَّعُ إِذَا غَابَ مِنْهَا كَوْكَبٌ فِي مَغِيبِهِ لَمَحْتُ بِعَيْنَيَّ آخَرًا حِينَ يَطْلُعُ إِذَا مَا تَذَكَّرْتُ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا وَجَدْتُ فُؤَادِيَ لِلْهَوَى يَتَقَطَّعُ وَكُلُّ حَبِيبٍ ذَاكِرٌ لِحَبِيبِهِ يُرَجِّي لِقَاهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَطْمَعُ فَذَا الْعَرْشِ فَرِّجْ مَا تَرَى مِنْ صَبَابَتِي فَأَنْتَ الَّذِي تَرْعَى أُمُورِي وَتَسْمَعُ دَعَوْتُكَ فِي السَّرَّاءِ وَالضُّرِّ دَعْوَةً عَلَى غُلَّةٍ بَيْنَ الشَّرَاسِيفِ يَلْذَعُ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِحَاجِبِهِ : تَعْرِفُ هَذَا الْمَنْزِلَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، هَذَا مَنْزِلُ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ : فَمَا الْمَرْأَةُ مِنْهُ ؟ قَالَ : زَوْجَتُهُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ : كَمْ تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا ؟ قَالُوا : سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، فَأَمَرَ أَلا يَمْكُثَ الْعَسْكَرُ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |