بعث الي محمد الامين وهو ولي عهد فصرت اليه فقال ان الفضل بن الربيع كتب عن امير المؤمنين يامر بحملك اليه على ثلاث دواب من دواب البريد وبين يدي محمد السندي بن شاهك فقال له خذه فاحمله وجهزه الى امير المؤمنين فوكل بي السندي خليفته عبد الجبار فجهزني وحملني فلما دخلت الرقة اوصلت الى الفضل بن الربيع فقال لي لا تلقين احدا ولا تكلمه حتى اوصلك الى امير المؤمنين وانزلني منزلا اقمت فيه يومين او ثلاثة ثم استحضرني فقال جئني وقت المغرب حتى ادخلك على امير المؤمنين فجئته فادخلني على الرشيد وهو جالس متفرد فسلمت فاستدناني وامرني بالجلوس فجلست وقال لي يا عبد الملك وجهت اليك بسبب جاريتين اهديتا الي قد اخذتا طرفا من الادب احببت ان تبور ما عندهما وتشير علي فيهما بما هو الصواب عندك ثم قال ليمض الى عاتكة فيقال لها احضري الجاريتين فحضرت جاريتان ما رايت مثلهما قط فقلت لاجلهما ما اسمك قالت فلانة قلت ما عندك من العلم قالت ما امر الله به في كتابه ثم ما ينظر الناس فيه من الاشعار والاداب والاخبار فسالتها عن حروف من القران فاجابتني كانها تقرا الجواب من كتاب وسالتها عن النحو والعروض والاخبار فما قصرت فقلت بارك الله فيك فما قصرت في جوابي في كل فن اخذت فيه فان كنت تقرضين الشعر فانشدينا فاندفعت في هذا الشعر يا غياث العباد في كل محل ما يريد العباد الا رضاك لا ومن شرف الامام واعلى ما اطاع الاله عبد عصاك ومرت في الشعر الى اخره فقلت يا امير المؤمنين ما رايت امراة في مسك رجل مثلها وفاتحت الاخرى فوجدتها دونها فقلت ما تبلغ هذه منزلتها الا انها ان ووظب عليها لحقت فقال يا عباسي فقال الفضل بن الربيع لبيك يا امير المؤمنين فقال لتردا الى عاتكة ويقال لها تصنع هذه يعني التي وصفتها بالكمال لتحمل الي الليلة ثم قال لي يا عبد الملك انا ضجر وقد جلست احب ان اسمع حديثا اتفرج به فحدثني بشيء فقلت لاي الحديث يقصد امير المؤمنين قال لما شاهدت وسمعت من اعاجيب الناس وطرائف اخبارهم فقلت يا امير المؤمنين صاحب لنا في بدو بني فلان كنت اغشاه فاتحدث اليه وقد اتت عليه ست وتسعون سنة اصح الناس ذهنا واجودهم اكلا واقواهم بدنا فغبرت عنه زمانا ثم قصدته فوجدته ناحل البدن كاسف البال متغير الحال فقلت له ما شانك اصابتك مصيبة قال لا قلت افمرض عراك قال لا قلت فما سبب هذا التغير الذي اراه بك فقال قصدت بعض القرابة في حي بني فلان فالفيت عندهم جارية قد لاثت راسها وطلت بالورس ما بين قرنها الي قدمها وعليها قميص وقناع مصبوغان وفي عنقها طبل توقع عليه وتنشد هذا الشعر محاسنها سهام للمنايا مريشة بانواع الخطوب برى ريب المنون لهن سهما تصيب بنصله مهج القلوب فاجبتها قفي شفتي في موضع الطبل ترتعي كما قد انخت الطبل في جيدك الحسن هبيني عودا اجوفا تحت شنة تمتع فيما بين نحرك والذقن فلما سمعت الشعر مني نزعت الطبل فرمت به في وجهي وبادرت الي الخباء فدخلته فلم ازل واقفا الي ان حميت الشمس على مفرق راسي لا تخرج الي ولا ترجع الي جوابا فقلت انا معها والله كما قال الشاعر فوالله يا سلمى لطال اقامتي على غير شيء يا سليمى اراقبه ثم انصرفت سخين العين قرح القلب فهذا الذي ترى بي من التغير من عشقي لها فضحك الرشيد حتى استلقى وقال ويحك يا عبد الملك ابن ست وتسعين سنة يعشق قلت قد كان هذا يا امير المؤمنين فقال يا عباسي فقال الفضل بن الربيع لبيك يا امير المؤمنين فقال اعط عبد الملك مائة الف درهم ورده الي مدينة السلام فانصرفت فاذا خادم يحمل شيئا ومعه جارية تحمل شيئا فقال انا رسول بنتك يعني الجارية التي وصفتها وهذه جاريتها وهي تقرا عليك السلام وتقول ان امير المؤمنين امر لي بمال وثياب فهذا نصيبك منها فاذا المال الف دينار وهي تقول لن نخليك من المواصلة بالبر فلم تزل تعهدني بالبر الواسع الكثير حتى كانت فتنة محمد فانقطعت اخبارها عني وامر لي الفضل بن الربيع من ماله بعشرة الاف درهم
بعث الي محمد الامين وهو ولي عهد فصرت اليه فقال ان الفضل بن الربيع كتب عن امير المؤمني...