حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، النَّاسَ ، يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، إِلا أَرْبَعَةً مِنَ النَّاسِ : عَبْدَ الْعُزَّى بْنَ خَطْلٍ ، وَمِقْيَسَ بْنَ ضُبَابَةَ الْكِنَانِيَّ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ ، وَأُمَّ سَارَةَ ، فَأَمَّا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ خَطْلٍ فَقَدْ قُتِلَ وَهُوَ آخِذُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، قَالَ : وَنَذَرَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِقَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ إِذَا رَآهُ ، وَكَانَ أَخَا عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِنَ الرَّضَاعَةِ ، فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ لِيَشْفَعَ لَهُ ، فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ الأَنْصَارِيُّ اشْتَمَلَ عَلَى السَّيْفِ ، ثُمَّ أَتَاهُ فَوَجَدَهُ فِي حَلَقَةِ النَّبِيِّ ، فَبَسَطَ النَّبِيُّ إِلَيْهِ يَدَهُ ، فَبَايَعَهُ ، ثُمَّ قَالَ لِلأَنْصَارِيِّ : قَدِ انْتَظَرْتُ أَنْ تُوفِيَ نَذْرَكَ . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هِبْتُكَ ، أَفَلا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ ؟ قَالَ : " إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ " وَأَمَّا مِقْيَسٌ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ أَخٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَقُتِلَ خَطَأً ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ مَعَهُ رَجُلا مِنْ بَنِي فِهْرٍ لِيَأْخُذَ لَهُ عَقْلَهُ مِنَ الأَنْصَارِ فَلَمَّا جَمَعَ لَهُ الْعَقْلَ وَرَجَع نَامَ الْفِهْرِيُّ ، فَوَثَبَ مِقْيَسُ بْنُ ضُبَابَةَ ، فَأَخَذَ حَجَرًا فَجَلَدَ بِهِ رَأْسَهُ فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَهُوَ يَقُولُ : شَفَى النَّفْسَ مَنْ قَدْ بَاتَ بِالْقَاعِ مُسْنِدًا يُضَرِّجُ ثَوْبَيْهِ دِمَاءُ الأَخَادِعِ وَكَانَتْ هُمُومُ النَّفْسِ مِنْ قَبْلِ قَتْلِهِ تَلُمُّ فَتُنْسِينِي وِطَاءَ الْمَضَاجِعِ قَتَلْتُ بِهِ فِهْرًا وَغُرِّمْتُ عَقْلَهُ بَنِي النَّجَّارِ أَرْبَابُ فَارِعِ حَلَلْتُ بِهِ نَذْرِي وَأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتِي وَكُنْتُ إِلَى الأَوْثَانِ أَوَّلَ رَاجِعِ قَالَ : وَأَمَّا أُمُّ سَارَةَ ، فَإِنَّهَا كَانَتْ مَوْلاةً لِقُرَيْشٍ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَشَكَتْ إِلَيْهَا الْحَاجَةَ فَأَعْطَاهَا شَيْئًا ، ثُمَّ أَتَاهَا رَجُلٌ فَبَعَثَ مَعَهَا بِكِتَابٍ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يَتَقَرَّبُ بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ لِيُحْفَظَ فِي عِيَالِهِ ، وَكَانَ لَهُ بِهَا عِيَالٌ ، فَأَخْبَرَ جِبْريلُ النَّبِيَّ بِذَلِكَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ، فِي أَثَرِهَا عُمَر بُن الْخَطَّابِ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَلَحِقَاهَا فِي الطُّرُيقِ فَفَتَشَاهَا فَلَمْ يَقْدِرَا عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَأَقبلا رَاجِعَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِه : وَاللَّهِ مَا كَذَبْنَا وَلا كُذِبْنَا ، ارْجِعْ بِنَا إِلَيْهَا ، فَرَجَعَا إِلَيْهَا فَسَلا سَيْفَيْهُمَا ، ثُمَّ قَالا : لَتَدْفَعِنَّ إِلَيْنَا الْكِتَابَ أَوْ لَنُذِيقَنَّكِ الْمَوْتَ . قَالَ : فَأَنْكَرَتْ ، ثُمَّ قَالَتْ : أدْفَعْهُ إِلَيْكُمَا عَلَى أَلا تَرْدَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَبِلا ذَلِكَ مِنْهَا ، فَحَلَّتْ عِقَاصَ رَأْسِهَا ، فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ قَرْنٍ مَنْ قُرُونِهَا ، فَرَفَعَتْهُ إِلَيْهِمَا فَرَجَعَا بِالْكِتَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَرَفَعَاهُ إِلَيْهِ ، فَدَعَا الرَّجُلَ ، فَقَالَ : مَا بِهَذَا الْكِتَابِ ؟ قَالَ : أُخْبِرُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ مِمَّنْ مَعَكَ إِلا وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَحْفَظُهُ فِي عِيَالِهِ غَيْرِي ، فَكَتَبْتُ بِهَذَا الْكِتَابِ لِيَكُونُوا لِي فِي عِيَالِي مَعِي ، قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ إِلَى آخِرِ الآيَاتِ .