587 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ، نَا سَعِيدٌ الْجَرْمِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُعَلَّى بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، يَقُولُ : وَعَظَ بَعْضُ الزُّهَّادِ أَصْحَابَهُ بِالْبَصْرَةِ ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ : إِنَّ التَّرَاجُعَ فِي الْمَوَاعِظِ يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ يَوْمُهَا ، وَيَأْتِي يَوْمُ الصَّاخَّةِ ، كُلُّ الْخَلْقِ يَوْمَئِذٍ مُصِيخٌ لِيَسْتَمِعَ مَا يُقَالُ لَهُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ : وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا سورة طه آية 108 ، فَاصْمُتِ الْيَوْمَ عَمَّا يُصْمِتُكَ يَوْمَئِذٍ ، وَتَعَلَّمْ ذَلِكَ حَتَّى تَعْلَمَهُ ، وَابْتَغِهِ حَتَّى تَجِدَهُ ، وَبَادِرْ قَبْلَ أَنْ تَفْجَأَكَ دَعْوَةُ الْمَوْتِ ، فَإِنَّهَا عَنِيفَةٌ ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَيُقْحِمُكَ فِي دَارٍ تَسْمَعُ فِيهَا الْأَصْوَاتَ بِالْحَسْرَةِ ، وَالْوَيْلِ ، وَالثُّبُورِ ، ثُمَّ لَا يُقَالُونَ وَلَا يُسْتَعْتَبُونَ ، وَلَا يُسْتَعْتَبُونَ ، وَلَا يُرْحَمُونَ ، وَلَا يَجِدُونَ فِيهَا حَمِيمًا وَلَا شَفِيعًا وَلَا رَاحَةً لَهُمْ فِيهَا إِلَّا الْوَيْلَ وَالْعَوِيلَ ، أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا سورة الحج آية 22 ، مَا لِغَمِّهِمْ وَعَذَابِهِمْ زَمَانٌ يُحْصَى وَلَا عَدَدٌ يَعْرِفُونَهُ ، فَيَنْتَظِرُونَ الْفَرَجَ وَأَنَّى لَهُمْ ذَلِكَ ! وَهُوَ يَقُولُ جَلَّ جَلَالُهُ : لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا سورة النبأ آية 23 ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّمَا مَضَى حِقْبٌ جَاءَ حِقْبٌ بَعْدَهُ أَبَدًا ، فَالْحِقْبُ الْوَاحِدُ ثَمَانُونَ سَنَةً ، وَالسَّنَةُ ثَلَاثَمِائَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا ، الْيَوْمُ مِنْهَا كَسَائِرِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ مَعَ هَذَا الَّذِي هُمْ فِيهِ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ سَاعَةً وَاحِدَةً ، بَلْ يُزَادُ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ سَاعَةٍ بِعَذَابٍ جَدِيدٍ ، يَنْسَوْنَ مَا كَانُوا فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ لِشَدَّةِ الْعَذَابِ الَّذِي بَعْدَهُ . أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ : فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلا عَذَابًا سورة النبأ آية 30 ، فَهَذِهِ أَشَدُّ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ النَّارِ ، فَاعْرِفْ يَا ابْنَ آدَمَ ، نَفْسَكَ وَسَلْ عَنْهَا الْكِتَابَ الْمُبِينَ سُؤَالَ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَعْلَمَ عِلْمَ مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَعْرِفَ فَيَعْمَلَ ، فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ سورة هود آية 112 ، فَإِنَّ الرَّبَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا يَعْذُرُنَا بِالتَّعْذِيرِ وَالتَّغْرِيرِ ، وَلَكِنْ يَعْذُرُ بِالْجِدِّ وَالتَّشْمِيرِ ، اكْتَسِ نَصِيحَتِي ، فَإِنَّهَا كُسْوَةٌ وَدَلِيلٌ عَلَى مَفَاتِيحِ الْخَيْرِ " .