حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُ الْعَزِيزِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي ، يَقُولُ : سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ ، يَقُولُ : " لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَرَكَ الدُّنْيَا مَا قُلْنَا لَهُ : إِنَّكَ زَاهِدٌ ؛ لِأَنَّ الزُّهْدَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَرْكِ الْحَلَالِ الْمَحْضِ ، وَالْحَلَالُ الْمَحْضُ لَا نَعْرِفُهُ الْيَوْمَ ، وَإِنَّمَا الدُّنْيَا حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَشُبُهَاتٌ ، فَالْحَلَالُ حِسَابٌ ، وَالْحَرَامُ عَذَابٌ ، وَالشُّبُهَاتُ عِتَابٌ ، فَأَنْزِلِ الدُّنْيَا مَنْزِلَةَ الْمَيْتَةِ ، فَخُذْ مِنْهَا مَا يُقِيمُكَ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَلَالًا ؛ كُنْتَ زَاهِدًا فِيهَا ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا ، لَمْ تَكُنْ أَخَذْتَ مِنْهَا إِلَّا مَا يُقِيمُكَ كَمَا يَأْخُذُ الْمُضْطَرُ إِلَى الْمَيْتَةِ ، وَإِنْ كَانَ شُبُهَاتٍ ؛ كَانَ الْعِتَابُ يَسِيرًا " . قَالَ يُوسُفُ : وَقَالَ بَعْضُ الزُّهَادِ مِنَ التَّابِعِينَ : لَيْسَ الزُّهْدُ بِتَرْكِ الدُّنْيَا ، وَلَكِنَّ الزُّهْدَ التَّهَاوُنُ بِهَا وَأَخْذُ الْبَلَاغِ مِنْهَا ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ سورة يوسف آية 20 ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ زَهَدُوا فِيهِ وَقَدْ أَخَذُوا لَهُ ثَمَنًا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |