حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الشَّيْبَانِيُّ ، نا ابْنُ خُبَيْقٍ ، نا أَبِي ، قَالَ : " صَحِبَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ ، فَتًى مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُ إِلا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ ، وَكَانَ يُوسُفُ يَرَى مِنْ جَزَعِهِ ، وَفَزَعِهِ ، وَكَثْرَةِ عِبَادَتِهِ أَنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ : مَا كَانَ عَمَلُكَ ، فَإِنِّي أَرَاكَ لا تَهْدَأُ مِنَ الْبُكَاءِ ؟ فَقَالَ لَهُ : كُنْتُ رَجُلا نَبَّاشًا ، فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ : فَأَيُّ شَيْءٍ كُنْتَ تَرَى إِذَا وَصَلْتَ إِلَى اللَّحْدِ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَرَى أَكْثَرَهُمْ قَدْ حُوِّلُوا عَنِ الْقِبْلَةِ إِلا قَلِيلا ، قَالَ يُوسُفُ : إِلا قَلِيلا ، فَاخْتَلَطَ يُوسُفُ عَلَى الْمَكَانِ ، وَذَهَبَ عَقْلُهُ حَتَّى كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُدَاوَى . قَالَ ابْنُ خُبَيْقٍ : قَالَ أَبِي : دَعَوْنَا سُلَيْمَانَ الطَّبِيبَ ، لِيُدَاوِيَ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ ، وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ عَقْلُهُ أَحْيَانًا ، فَيَقُولُ : إِلا قَلِيلا ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى دَاوَاهُ ، وَصَحَّ ، فَلَمَّا فَرَغَ ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ سُلَيْمَانَ الطَّبِيبَ ، قَالَ يُوسُفُ : أَيَّ شَيْءٍ تُعْطُونَهُ ؟ قُلْنَا : لا يُرِيدُ مِنْكَ شَيْئًا ، قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! جِئْتُمْ بِطَبِيبِ الْمُلُوكِ ، وَلا أُعْطِيهِ شَيْئًا ، قُلْتُ : أَعْطِهِ دِينَارًا ، فَقَالَ : خُذْ هَذَا ، فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ ، وَأَعْلِمْهُ أَنِّي لا أَمْلِكُ غَيْرَهُ ، لِئَلا يَتَوَهَّمَ أَنِّي أَقَلُّ مُرُوءَةٍ مِنَ الْمُلُوكِ ، فَدَفَعَ إِلَيَّ صُرَّةً فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا ، قَالَ : فَأَخَذْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ ، وَجَعَلَ يُوسُفُ يَعْمَلُ الْخُوصَ بِيَدِهِ حَتَّى مَاتَ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |