عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ ، عَنِ الرِّيَاشِيِّ ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ ، قَالَ : " خَطَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ يَوْمًا ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَوْضِعِ الْعِظَةِ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ : مَهْلا ، إِنَّكُمْ تَأْمُرُونَ وَلا تُؤْمَرُونَ ، وَتَنْهَوْنَ وَلا تُنْهَوْنَ ، أَفَنْقَتَدِي بِسِيرَتِكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ، أَمْ نُطِيعُ أَمْرَكُمْ بِأَلْسِنَتِكُمْ ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ : اقْتَدُوا بِسِيرَتِنَا ، فَأَيْنَ وَكَيْفَ وَمَا الْحُجَّةُ ؟ وَكَيْفَ الاقْتِدَاءُ بِسِيرَةِ الظَّلَمَةِ ؟ وَإِنْ قُلْتُمْ : أَطِيعُوا أَمْرَنَا وَاقْبَلُوا نُصْحَنَا ، فَكَيْفَ يَنْصَحُ غَيْرَهُ مَنْ يَغُشُّ نَفْسَهُ ؟ وَإِنْ قُلْتُمْ : خُذُوا الْحِكْمَةَ مِنْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهَا ، فَعَلامَ قَلَّدْنَاكُمْ أَزِمَّةَ أُمُورِنَا ؟ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ فِينَا مَنْ هُوَ أَفْصَحُ مِنْكُمْ بِفُنُونِ الْعِظَاتِ ، وَأَعْرَفُ بِوُجُوهِ اللُّغَاتِ ، فَتَلَجْلَجُوا عَنْهَا ، وَإِلا ، فَأَطْلِقُوا عِقَالَهَا يَبْتَدِرُ إِلَيْهِ الَّذِينَ شَرَّدْتُمُوهُمْ فِي الْبُلْدَانِ إِنْ لَكُمْ قَائِمًا يَوْمًا لا يَعْدُوهُ ، وَكِتَابًا بَعْدَهُ لا يَتْلُوهُ ، لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا ، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ " .