حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبَّادٍ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : قَالَ الْوَاقِدِيُّ : قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ يَوْمًا لِعُبَيْدِ بْنِ شَرِيَّةَ الْجُرْهُمِيّ : أَخْبِرْنِي بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ قَالَ : إِنِّي نَزَلْتُ بِحَيٍّ مِنْ قُضَاعَةَ ، فَخَرَجُوا بِجِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ ، يُقَالُ لَهُ : حُرَيْثٌ ، وَخَرَجْتُ مَعَهُمْ ، حَتَّى إِذَا وَارَوْهُ فِي حُفْرَتِهِ ، تَنَحَّيْتُ جَانِبًا عَنِ الْقَوْمِ وَعَيْنَايَ تَذْرِفَانِ بِالْبُكَاءِ ، ثُمَّ تَمَثَّلْتُ بِأَبْيَاتٍ مِنَ الشِّعْرِ كُنْتُ أَرْوِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ : اسْتَقْدِرِ اللَّهَ خَيْرًا وَارْضَيَنَّ بِهِ فَبَيْنَمَا الْعُسْرُ إِذْ دَارَتْ مَيَاسِيرُ وَبَيْنَمَا الْمَرْءُ دُنْيَاهُ مُغْتَبِطًا إِذْ صَارَ فِي الرَّمْسِ تعْفُوهُ الْأَعَاصِيرُ يَبْكِي الْغَرِيبُ عَلَيْهِ لَيْسَ يَعْرِفُهُ وَذِي قَرَابَتِهِ فِي الْحَيِّ مَسْرُورُ قَالَ : وَإِلَى جَانِبِي رَجُلٌ يَسْمَعُ مَا أَقُولُ فقال لي : يَا عَبْدَ اللَّهِ هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِقَائِلِ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ ؟ قُلْتُ : لَا وَاللَّهِ ، إِلَّا أَنِّي أَرْوِيهَا مُنْذُ زَمَانٍ . فَقَالَ : وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ ، إِنَّ قَائِلَهَا لَصَاحِبُنَا الَّذِي دَفَنَّاهُ آنِفًا السَّاعَةَ ، وَهَذَا الَّذِي تَرَاهُ ذُو قَرَابَتِهِ أَسَرُّ النَّاسِ بِمَوْتِهِ وَأَنْتَ الْغَرِيبُ تَبْكِي عَلَيْهِ كَمَا وَصَفْتَ . فَعَجِبْتُ لِمَا ذَكَرَ فِي شِعْرِهِ وَالَّذِي صَارَ إِلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى مَكَانِهِ مِنْ جِنَازَتِهِ ، فَقُلْتُ : إِنَّ الْبَلَاءَ مُوَكَّلُ بِالْمَنْطِقِ ، فَذَهَبَتْ مَثَلًا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |