حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، نَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : " أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، يُقَالُ لَهُ : أَرْمِيَا حِينَ ظَهَرَتْ فِيهِمُ الْمَعَاصِي أَنْ قُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ لَهُمْ قُلُوبًا وَلَا يَفْقَهُونَ ، وَأَعْيُنًا وَلَا يُبْصِرُونَ ، وَآذَانًا وَلَا يَسْمَعُونَ ، وَأَنِّي تَذَكَّرْتُ صَلَاحَ آبَائِهِمْ ، فَعَطَّفَنِي ذَلِكَ عَلَى أَبْنَائِهِمْ ، فَسَلْهُمْ كَيْفَ وَجَدُوا غِبَّ طَاعَتِي ، أَوْ هَلْ سَعِدَ أَحَدٌ مِمَّنْ عَصَانِي بِمَعْصِيَتِي ، وَهَلْ شَقِيَ أَحَدٌ مِمَّنْ أَطَاعَنِي بِطَاعَتِي ؟ إِنَّ الدَّوَابَّ تَذْكُرُ أَوْطَانَهَا فَتَنْزِعُ إِلَيْهَا ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ تَرَكُوا الْأَمْرَ الَّذِي أُكْرِمَتْ عَلَيْهِ آبَاءُهُمْ ، فَالْتَمَسُوا الْكَرَامَةَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا . أَمَّا خِيَارُهُمْ ، فَأَنْكَرُوا حَقِّي ، وَأَمَّا قُرَّاؤُهُمْ ، فَعَبَدُوا غَيْرِي ، وَأَمَّا نُسَّاكُهُمْ ، فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا عَلِمُوا ، وَأَمَّا وُلَاتُهُمْ ؛ فَكَذَبُوا عَلَيَّ وَعَلَى رُسُلِي ، خَزَنُوا الْمَكْرَ فِي قُلُوبِهِمْ ، وَعَوَّدُوا الْكَذِبَ أَلْسِنَتَهُمْ ، وَإِنِّي أُقْسِمُ بِجَلَالِي وَعِزَّتِي ، لَأُهَيِّجَنَّ عَلَيْهِمْ جُنُودًا لَا يَفْقَهُونَ أَلْسِنَتَهُمْ ، وَلَا يَعْرِفُونَ وُجُوهَهُمْ ، وَلَا يَرْحَمُونَ بُكَاءَهُمْ ، وَلَأَبْعَثَنَّ فِيهِمْ مَلِكًا جَبَّارًا قَاسِيًا ، لَهُ عَسَاكِرُ كَقِطَعِ السَّحَابِ ، وَمَرَاكِبُ كَأَمْثَالِ الْعُجَاجِ ، كَأَنَّ خَفَقَانَ رَايَاتِهِ طَيَرَانُ النُّسُورِ ، وَكَأَنَّ حَمْلَ فِرْسَانِهِ كَرُّ الْعِقْبَانِ ، يُعِيدُونَ الْعُمْرَانَ خَرَابًا ، وَيَتْرُكُونَ الْقُرَى وَحْشَةً ، فَيَا وَيْلَ إِيلْيَا وَسُكَّانِهَا ، كَيْفَ أُذَلِّلُهُمْ لِلْقَتْلِ ، وَأُسَلَّطُ عَلَيْهِمُ السَّبَاءَ ، وَأُعِيدُ بَعْدَ لُجْبِ الْأَعْرَاسِ صُرَاخًا ، وَبَعْدَ صَهِيلِ الْخَيْلِ عُوَاءَ الذِّئَابِ ، وَبَعْدَ شُرُفَاتِ الْقُصُورِ مَسَاكِنَ السِّبَاعِ ، وَبَعْدَ ضَوْءِ السُّرُوجِ وَهْجَ الْعُجَاجِ ، وَبِالْعِزِّ الذُّلَّ ، وَبِالنِّعْمَةِ الْعُبُودِيَّةَ وَلَأُبَدِّلَنَّ نِسَاءَهُمْ بَعْدَ الطِّيبِ التُّرَابَ ، وَبِالْمَشْيِ عَلَى الزَّرَابِيِّ الْخُبَبِ ، وَلَأَجْلَعَنَّ أَجْسَادَهُمْ ذُبْلًا لِلْأَرْضِ ، وَعِظَامَهُمْ ضَاحِيَةً لِلشَّمْسِ ، وَلَأَدُوسَنَّهُمْ بِأَلْوَانِ الْعَذَابِ ، ثُمَّ لَآمُرَنَّ السَّمَاءَ فَلَتَكُونَنَّ طَبَقًا مِنْ حَدِيدٍ ، وَالْأَرْضَ سَبِيكَةً مِنْ نُحَاسٍ ، فَإِنْ أَمْطَرَتْ لَمْ تُنْبِتِ الْأَرْضُ ، وَإِنْ أَنْبتَتْ شَيْئًا فِي خِلَالِ ذَلِكَ ، فَبِرَحْمَتِي لِلْبَهَائِمِ ، ثُمَّ أَحْبِسُهُ فِي زَمَانِ الزَّرْعِ ، وَأُرْسِلُهُ فِي زَمَانِ الْحَصَادِ ، فَإِنْ زَرَعُوا فِي خِلَالِ ذَلِكَ شَيْئًا ؛ سَلَّطْتُ عَلَيْهِ الْآفَةَ ، فَإِنْ خَلُصَ مِنْهُ شَيْءٌ ؛ نُزِعَتْ مِنْهُ الْبَرَكَةُ ، فَإِنْ دَعَوْنِي ، لَمْ أُجِبْهُمْ ، وَإِنْ سَأَلُونِي ، لَمْ أُعْطِهِمْ ، وَإِنْ بَكَوْا ؛ لَمْ أَرْحَمْهُمْ ، وَإِنْ تَضَرَّعُوا ؛ صَرَفْتُ وَجْهِي عَنْهُمْ " .