حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّاسِبِيُّ ، حَدَّثَنِي الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مَهْرَانَ ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيِّ ، قَالَ : كَانَ عَلَيْنَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ أَمِيرًا بِالْبَصْرَةِ ، فَوَجَّهَنِي فِي بَعْثِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ ، فَضَرَبْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ ، فَخَرَجَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ : أَنَا ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيُّ . قَالَ : فَأَدْخَلَنِي مَنْزِلَهُ ، وَقَدَّمَ إِلَيَّ طَعَامًا ، فَأَكَلْتُ ثُمَّ ذَكَرْتُ لَهُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ، فَبَكَى . فَقُلْتُ لَهُ : أَنْتَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ . فَازْدَادَ بُكَاءً لِذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ يَبْكِي : وَاللَّهِ ، لَلَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَيَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ وَآلِ عُمَرَ ، هَلْ لَكَ أَنْ أُحَدِّثَكَ بِيَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ : أَمَّا اللَّيْلَةُ ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَارِبًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ خَرَجَ لَيْلًا ، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَجَعَلَ مَرَّةً يَمْشِي أَمَامَهُ وَمَرَّةً خَلْفَهُ ، وَمَرَّةً عَنْ يَمِينِهِ وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِهِ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا هَذَا يَا أَبَا بَكْرٍ ؟ ! مَا أَعْرِفُ هَذَا مِنْ فِعَالِكَ ! " ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَذْكُرُ الرَّصَدَ فَأَكُونُ مِنْ أَمَامِكَ ، وَأَذْكُرُ الطَّلَبَ فَأَكُونُ خَلْفَكَ ، وَمَرَّةً عَنْ يَمِينِكَ وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِكَ لا آمَنُ عَلَيْكَ . قَالَ : فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَهُ كُلَّهُ حَتَّى أَدْغَلَ الطَّرِيقُ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ، وَجَعَلَ يَشْتَدُّ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ فَمَ الْغَارِ ، فَأَنْزَلَهُ ، ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لا تَدْخُلْهُ حَتَّى أَدْخُلَهُ أَنَا قَبْلَكَ ، فَإِنْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ نَزَلَ بِي دُونَكَ . قَالَ : فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا ، فَقَالَ لَهُ : اجْلِسْ ، فَإِنَّ فِي الْغَارِ خَرْقًا أَسُدُّهُ ، وَكَانَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ فَمَزَّقَهُ ، وَجَعَلَ يَسُدُّ بِهِ خَرْقًا خَرْقًا ، فَبَقِيَ جُحْرَانِ ، فَأَخَذَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَحَمَلَهُ ، فَأَدْخَلَهُ الْغَارَ ثُمَّ أَلْقَمَ قَدَمَيْهِ الْجُحْرَيْنِ ، فَجَعَلَ الأَفَاعِي وَالْحَيَّاتُ يَضْرِبْنَهُ وَيَلْسَعْنَهُ إِلَى الصَّبَاحِ ، وَجَعَلَ هُوَ يَتَقَلَّى مِنْ شِدَّةِ الأَلَمِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَعْلَمُ بِذَلِكَ ، وَيَقُولُ لَهُ : " يَا أَبَا بَكْرٍ ! لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا سورة التوبة آية 40 " ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى رَسُولِهِ السَّكِينَةَ وَالطَّمَأْنِينَةَ لِأَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَهَذِهِ لَيْلَتُهُ . وَأَمَّا يَوْمُهُ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : نُصَلِّي وَلا نُزَكِّي ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : نُزَكِّي وَلا نُصَلِّي ، فَأَتَيْتُهُ لا آلُوهُ نُصْحًا ، فَقُلْتُ : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! ارْفُقْ بِالنَّاسِ . وَقَالَ غَيْرِي ذَلِكَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَارْتَفَعَ الْوَحْيُ ، وَوَاللَّهِ ، لَوْ مَنَعُونِي عِقَالا مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ . قَالَ : فَقَاتَلْنَا مَعَهُ ، فَكَانَ وَاللَّهِ رَشِيدُ الأَمْرِ ، فَهَذَا يَوْمُهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيِّ | ضبة بن محصن العنزي | صدوق حسن الحديث |
مَيْمُونِ بْنِ مَهْرَانَ | ميمون بن مهران الجزري / ولد في :39 / توفي في :117 | ثقة فقيه وكان يرسل |
الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ | فرات بن السائب الجزري | متروك الحديث |
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّاسِبِيُّ | عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي | متهم بالوضع |
يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ | يحيى بن جعفر الواسطي / ولد في :180 / توفي في :275 | صدوق حسن الحديث |