أَخْبَرَنَا الْفَقِيهُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ الْهَرَوِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ , أنبا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ , ثنا , أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ , حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَلَوِيُّ , بِالْمَدِينَةِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، قَالَ : بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسِهِ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ , وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ , وَالْبَعْثِ النُّشُورِ إِذْ أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عِظَامٌ نَخِرَةٌ ، وَفِي يَدِهِ الْيُسْرَى ضَبٌّ ، فَأَقْبَلَ بِالْعِظَامِ يَضَعُهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ عَرَكَهَا بِرِجْلِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أتَرَى رَبَّكَ يُعِيدُهَا خَلْقًا جَدِيدًا ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابَهُ ، ثُمَّ انْتَظَرَ الإِجَابَةَ مِنَ السَّمَاءِ ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ {78} قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ {79} سورة يس آية 78-79 . فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الأَعْرَابِيِّ فَقَالَ : وَاللّاتِ وَالْعُزَّى مَا اشْتَمَلَتْ أَرْحَامُ النِّسَاءِ وَلا أَصْلابُ الرِّجَالِ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَكْذَبَ مِنْكَ , وَلا أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْكَ ، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمِي يَدْعُونَنِي عَجُولا لَقَتَلْتُكَ ، وَأَفْسَدْتُ بِقَتْلِكَ الأَسْوَدَ وَالأَبْيَضَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ , فَهَمَّ بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَلِيُّ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحَلِيمَ كَادَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا " . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَعْرَابِيُّ ، بِئْسَ مَا جِئْتَنَا بِهِ ، وَسُوءَ مَا تَسْتَقْبِلُنِي بِهِ , وَاللَّهِ إِنِّي لَمَحْمُودٌ فِي الأَرْضِ , أَمِينٌ فِي السَّمَاءِ عِنْدَ الْمَلائِكَةِ " . فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ وَرَمَى الضَّبَّ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : وَاللَّهِ لا أُومِنُ بِكَ حَتَّى يُؤْمِنَ بِكَ هَذَا الضَّبُّ , فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنَبِهِ ، ثُمَّ قَالَ : " يَا ضَبُّ " . قَالَ : لَبَّيْكَ يَا زَيْنَ مَنْ وَافَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ , قَالَ : " مَنْ تَعْبُدُ ؟ قَالَ : أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ عَرْشُهُ ، وَفِي الأَرْضِ سُلْطَانُهُ ، وَفِي الْبَحْرِ سَبِيلُهُ وَفِي الْجَنَّةِ ثَوَابُهُ وَفِي النَّارِ عَذَابُهُ ، قَالَ : مَنْ أَنَا ؟ قَالَ : أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ حَتَّى نَسَبَهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ , لا يُحْرَمُ مَنْ صَدَّقَكَ وَخَابَ مَنْ كَذَّبَكَ ، فَوَلَّى الأَعْرَابِيُّ وَهُوَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ تَسْتَهْزِئُ " . فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ : بِأَبِي وَأُمِّي ، لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايِنِ ، أَنَا أَشْهَدُ بِلَحْمِي وَدَمِي وَعِظَامِي أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ , وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " جِئْتَنَا كَافِرًا وَتَرْجِعُ مُؤْمِنًا ، هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ ؟ " قَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ رَسُولا ، مَا فِي بَنِي سُلَيْمٍ أَفْقَرُ مِنِّي ، وَلا أَقَلُّ شَيْئًا مِنِّي , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " مَنْ عِنْدَهُ رَاحِلَةٌ يَحْمِلُ أَخَاهُ عَلَيْهَا ؟ " فَقَامَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، عِنْدِي نَاقَةٌ وَبْرَاءُ حَمْرَاءُ عُشَرَاءُ ، إِذَا أَقْبَلَتْ دَقَّتْ وَإِذَا أَدْبَرَتْ زَفَّتْ ، أَهْدَاهَا إِلَيَّ أَشْعَثُ بْنُ وَائِلٍ غَدَاةَ قَدِمْتُ مَعَكَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَكَ عِنْدِي نَاقَةٌ مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ " .