باب اختلاف العلماء في الذي ينسخ القران والسنة


تفسير

رقم الحديث : 13

مَا رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ : قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى فَلَمَّا بَلَغَ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى سورة النجم آية 19 , قَالَ : " فَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ تُرْتَجَى " فَسَهَا , فَلَقِيَهُ الْمُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرْضٌ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَفَرِحُوا ، فَقَالَ لَهُمْ : " إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ " ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ سورة الحج آية 52 " . وَقَالَ قَتَادَةُ : قَرَأَ " فَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ تُرْتَجَى وَإِنَّهُنَّ لَهُنَّ الْغَرَانِيقُ الْعُلَا " . قَالَ أَبْو جَعْفَرٍ : الْحَدِيثَانِ مُنْقَطِعَانِ وَالْكَلَامُ عَلَى التَّأْوِيلِ فِيهِمَا قَرِيبٌ فَقَالَ قَوْمٌ : هَذَا عَلَى التَّوْبِيخِ أَيْ تَتَوَهَّمُونَ هَذَا وَعِنْدَكُمْ أَنَّ شَفَاعَتَهُنَّ تُرْتَجَى ، وَمِثْلُهُ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ سورة الشعراء آية 22 , وَقِيلَ : إِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ تُرْتَجَى عَلَى قَوْلِكُمْ ، وَمِثْلُهُ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي سورة الأنعام آية 78 , وَمِثْلُهُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ سورة النحل آية 27 أَيْ عَلَى قَوْلِكُمْ وَقِيلَ : الْمَعْنَى وَالْغَرَانِيقِ الْعُلَا يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ تُرْتَجَى شَفَاعَتُهُمْ فَسَهَا ، يَدُلُّكَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ , وَقِيلَ : إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ وَلَمْ يَقُلْ : إِنَّهُ قَالَ كَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْطَانٌ أَلْقَى هَذَا مِنَ الْجِنِّ أَوْ مِنَ الْإِنْسِ وَمِمَّا يُشْكِلُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ سورة البقرة آية 284 نَسَخَهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا سورة البقرة آية 286 وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ نَسْخٌ , لِأَنَّهُ خَبَرٌ وَلَكِنَّ التَّأْوِيلَ فِي الْحَدِيثِ , لِأَنَّ فِيهِ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ سورة البقرة آية 284 اشْتَدَّ عَلَيْهِمْ وَوَقَعَ بِقُلُوبِهِمْ مِنْهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ فَنَسَخَ ذَلِكَ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا سورة البقرة آية 286 أَيْ فَنَسَخَ مَا وَقَعَ بِقُلُوبِهِمْ أَيْ أَزَالَهُ وَرَفَعَهُ , وَمِنْ هَذَا الْمُشْكِلِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ سورة الفرقان آية 68 إِلَى وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا { 68 } يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا { 69 } إِلا مَنْ تَابَ سورة الفرقان آية 68-70 ثُمَّ نَسْخَهُ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا سورة النساء آية 93 وَهَذَا لَا يَقَعُ فِيهِ نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ ؛ لِأَنَّهُ خَبَرً وَلَكِنَّ تَأْوِيلَهُ إِنْ صَحَّ نَزَلَ بِنُسْخَتِهِ وَالْآيَتَانِ وَاحِدٌ يَدْلُكُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ سورة طه آية 82 وَمِنْ هَذَا يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ سورة آل عمران آية 102 , قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : " نَسَخَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ سورة التغابن آية 16 " أَيْ نَزَلَ بِنُسْخَتِهَا وَهُمَا وَاحِدٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ : قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : حَقَّ تُقَاتِهِ سورة آل عمران آية 102 أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ وَأَنْ يُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى فَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَخَ ؛ لِأَنَّ النَّاسِخَ هُوَ الْمُخَالِفُ لِلْمَنْسُوخِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ الرَّافِعُ لَهُ الْمُزِيلُ حُكْمَهُ ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تُشْرَحُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فِي مَوَاضِعِهَا مِنَ السُّوَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ

ثقة

الزُّهْرِيِّ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

يُونُسَ

ثقة

اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ

ثقة ثبت فقيه إمام مشهور

Whoops, looks like something went wrong.