باب ذكر الاية التي هي تتمة العشرين من هذه السورة


تفسير

رقم الحديث : 226

وَحَدَّثَنَا وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ , فَقَالَ : أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا تَوْبَةٌ ؟ قَالَ : " لَا ، إِلا النَّارَ " . قَالَ : فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ : أَهَكَذَا ؟ كُنْتَ تُفْتِينَا أَنَّ لِمَنْ قَتَلَ تَوْبَةً مَقْبُولَةً ، قَالَ : " إِنِّي لأَحْسِبُهُ رَجُلا مُغْضَبًا يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا " . قَالَ : فَبَعَثُوا فِي أَثَرِهِ فَوَجَدُوهُ كَذَلِكَ " . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ حُجَجُهُمْ ظَاهِرَةٌ , مِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ سورة طه آية 82 وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ الأَخْبَارَ لَا يَقَعُ فِيهَا نَسْخٌ وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَيْضًا فَرُوِيَ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ يَعْنِي الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ وَعَنْهُ نَسَخَتْهَا الَّتِي فِي النِّسَاءِ فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : مَعْنَى نَسَخَتْهَا نَزَلَتْ بِنُسْخَتِهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَيْسَ يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ نَزَلَتْ بَعْدَ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ كَمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْدٍ أَنَّ الَّتِيَ فِي الْفُرْقَانِ نَزَلَتْ بَعْدَهَا أَوْ يَكُونُ هَذَا وَتَكُونُ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ نَزَلَتْ بَعْدَهَا أَوْ يَكُونَا نَزَلَتَا مَعًا وَلَيْسَ ثَمَّ قِسْمٌ رَابِعٌ فَإِنْ كَانَتِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ بَعْدَ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ فَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لَهَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ سورة المائدة آية 72 مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ سورة الأنفال آية 38 وَإِنْ كَانَتِ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ نَزَلَتْ بَعْدَ الَّتِي فِي النِّسَاءِ فَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لَهَا , فَإِنْ كَانَتَا نَزَلَتَا مَعًا فَإِحْدَاهُمَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الأُخْرَى وَهَذَا بَابٌ مِنَ النَّظَرِ إِذَا تَدَبَّرْتَهُ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا مَدْفَعَ لَهُ مَعَ مَا يُقَوِّي ذَلِكَ مِنَ الْمُحْكَمِ الَّذِي لَا تَنَازُعَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ سورة طه آية 82 وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ أَمْرَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَابَ أَوْ لَمْ يَتُبْ فَعَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ أَيْضًا يَقُولُ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذَا إِلا بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْهُ أَوْ مَعْنَى هَذَا وَأَمَّا الْقَوْلُ الرَّابِعُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ الْمَعْنَى إِنْ جَازَاهُ فَالْغَلَطُ فِيهِ بَيِّنٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا سورة الكهف آية 106 فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مَعْنَاهُ إِنْ جَازَاهُمْ وَهَذَا خَطَأٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ لأَنَّ بَعْدَهُ وَغَضِبَ اللَّهُ سورة النساء آية 93 عَلَيْهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى جَازَاهُ , وَأَمَّا الْقَوْلُ الْخَامِسُ إِنَّ الْمَعْنَى وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مُسْتَحِلا لِقَتْلِهِ فَغَلَطٌ لأَنَّ مَنْ عَامٌّ لَا يُخَصُّ إِلا بِتَوْقِيفٍ أَوْ دَلِيلٍ قَاطِعٍ ، فَهَذَا الْقَوْلُ يُقَالُ إِنَّهُ قَوْلُ عِكْرِمَةَ لأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا ثُمَّ ارْتَدَّ , قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذِهِ عَشْرُ آيَاتٍ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ ذَكَرَ آيَةً سِوَى الْعَشَرَةِ , وَهِيَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا سورة النساء آية 101 . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِنَّمَا لَمْ أُفْرِدْ لَهَا بَابًا لأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدِي أَنَّهَا نَاسِخَةٌ وَلا مَنْسُوخَةٌ وَلا ذَكَرَهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَيْنِكَ فَيَذْكُرُ قَوْلَهُ وَلَيْسَ يَخْلُو أَمْرُهَا مِنْ إِحْدَى ثَلاثِ جِهَاتٍ لَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ نَسْخٌ وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ قَالَ : هِيَ مَنْسُوخَةٌ يَحْتَجُّ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا سورة النساء آية 101 قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا مَنْعٌ مِنْ قَصْرِ الصَّلاةِ إِلا فِي الْخَوْفِ ثُمَّ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَصَرَ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ آمِنٌ مَا كَانَ النَّاسُ فِي السَّفَرِ ، فَجَعَلَ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَاسِخًا لِلآيَةِ وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ لأَنَّهُ لَيْسَ فِي الآيَةِ مَنْعٌ لِلْقَصْرِ فِي الأَمْنِ وَإِنَّمَا فِيهَا إِبَاحَةُ الْقَصْرِ فِي الْخَوْفِ فَقَطْ وَالْجِهَاتُ الَّتِي فِيهَا عَنِ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُنَّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى أَنْ يَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ حُدُودِهَا فِي حَالِ الْخَوْفِ وَذَلِكَ تَرْكُ إِقَامَةِ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَأَدَائِهَا كَيْفَ أَمْكَنَ ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَمُسْتَدْبِرَهَا وَمَاشِيًا وَرَاكِبًا فِي حَالِ الْحَرْبِ وَهِيَ حَالُ الْخَوْفِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا سورة البقرة آية 239 وَهَذَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهَذَا قَوْلٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ وَاسْتَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ بِأَنَّ بَعْدَهُ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ سورة النساء آية 103 فَإِقَامَتُهَا إِتْمَامُ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَسَائِرِ فَرَائِضِهَا , وَتَرْكُ إِقَامَتِهَا فِي غَيْرِ الطُّمَأْنِينَةِ هُوَ تَرْكُ إِقَامَةِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ , وَمِنَ الْجِهَاتِ فِي تَأْوِيلِ الآيَةِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ , قَالُوا : قَصْرُ صَلاةِ الْخَوْفِ أَنْ تُصَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً لأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ لَيْسَ بِقَصْرٍ لِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ فَرْضَهَا رَكْعَتَانِ وَمِمَّنْ صَحَّ عَنْهُ فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ أَتَمَّتْ صَلاةَ الْمُقِيمِ وَأَقَرَّتْ صَلاةَ الْمُسَافِرِ بِحَالِهَا عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَمِمَّنْ قَالَ : صَلاةُ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ حُذَيْفَةُ ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ , وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ عَبَّاسٍ

صحابي

سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ

ثقة

أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ

ثقة

الْحَسَنُ مُحَمَّدٍ

Whoops, looks like something went wrong.