قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلامِ ، عَنْ أَبِي الأَزْهَرِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزّ وَجَلَّ : الطَّلاقُ مَرَّتَانِ سورة البقرة آية 229 , قَالَ : " فَنَسَخَ هَذَا مَا كَانَ قَبْلَهُ فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَدَّ الطَّلاقِ ثَلاثًا , وَجَعَلَ لَهُ الرَّجْعَةَ مَا لَمْ يُطَلِّقْ ثَلاثًا " . فَهَذَا قَوْلٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ سورة الطلاق آية 1 , وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ وَافْتَرَقَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا مُحْكَمَةٌ عَلَى ثَلاثِ جِهَاتٍ : فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَنْبَغِي لِلرِّجَالِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا إِلا اثْنَتَيْنِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : الطَّلاقُ مَرَّتَانِ سورة البقرة آية 229 ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ الثَّالِثَةَ بَعْدُ وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ إِنْ شَاءَ وَاحِدَةً وَإِنْ شَاءَ اثْنَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ ثَلاثًا وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَيُحْتَجُّ لِصَاحِبِ هَذَا الْقَوْلِ : بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ " وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فَكَانَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ تَطْلِيقَتَيْنِ حَيْضَةٌ فَلَوْ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ وَقَعَتْ تَطْلِيقَتَانِ بَيْنَهُمَا حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا خِلافُ السُّنَّةِ فَلِهَذَا أَمَرَ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ وَمِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا الطَّلاقُ مَرَّتَانِ سورة البقرة آية 229 لأَنَّ مَرَّتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى التَّفْرِيقِ كَذَا هُوَ فِي اللُّغَةِ قَالَ سِيبَوَيْهِ : وَقَدْ تَقُولُ سِيرَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ تَجْعَلُهُ لِلدَّهْرِ أَيْ ظَرْفًا فَسِيبَوَيْهِ يَجْعَلُ مَرَّتَيْنِ ظَرْفًا فَالتَّقْدِيرُ أَوْقَاتُ الطَّلاقِ مَرَّتَانِ .