كَمَا قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّقْرِ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَصْحَابُنَا ، مَنْصُورٌ ، وَغَيْرُهُ عَنِ الْحُكْمِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزّ وَجَلَّ : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ سورة المائدة آية 49 قَالَ : " نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ سورة المائدة آية 42 . وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ , وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ قَوْلُ عِكْرِمَةَ ، وَالزُّهْرِيِّ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالسُّدِّيِّ , وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ , قَالَ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ : وَلا خِيَارَ لَهُ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ سورة التوبة آية 29 وَهَذَا مِنْ أَصَحِّ الاحْتِجَاجَاتِ لأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعْنَى وَهُمْ صَاغِرُونَ سورة التوبة آية 29 أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَ أَلا يُرَدُّوا إِلَى حُكَّامِهِمْ , وَإِذَا وَجَبَ هَذَا فَالآيَةُ مَنْسُوخَةٌ وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ أَبِي حَنِيفَةَ وزُفَرَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ , لَا اخْتِلافَ بَيْنَهُمْ إِذَا تَحَاكَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَى الإِمَامِ ، أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْرِضَ عَنْهُمْ غَيْرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ إِذَا جَاءَتِ الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَإِنْ جَاءَتِ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا , وَقَالَ الْبَاقُونَ : بَلْ يَحْكُمُ , فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الآيَةَ مَنْسُوخَةٌ مَعَ مَا صَحَّ فِيهَا مِنْ تَوْقِيفِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَكَانَ النَّظَرُ يُوجِبُ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ لأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا جَمِيعًا أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ إِذَا تَحَاكَمُوا الإِمَامِ فَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ بَيْنَهُمْ وَأَنَّهُ إِذَا نَظَرَ بَيْنَهُمْ مُصِيبٌ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الإِعْرَاضِ عَنْهُمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَالْوَاجِبُ أَنْ يَنْظُرَ بَيْنَهُمْ لأَنَّهُ مُصِيبٌ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ وَأَلا يُعْرِضَ عَنْهُمْ فَيَكُونُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ تَارِكًا فَرْضًا فَاعِلا مَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَلا يَسَعُهُ وَلِمَنْ قَالَ بِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ قَوْلٌ آخِرُ , مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عَلَى الإِمَامِ إِذَا عَلِمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ أَنْ يُقِيمَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ ، وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ سورة المائدة آية 49 يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْكَ ، الآخَرُ : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْكَ إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، قَالُوا : فَوَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُوجِبُ إِقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْنَا , فَأَمَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ سورة النساء آية 135 وَأَمَّا مَا فِي السُّنَّةِ فَحَدِيثُ الْبَرَاءِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مُجَاهِدٍ | مجاهد بن جبر القرشي / ولد في :19 / توفي في :102 | ثقة إمام في التفسير والعلم |