كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ ، قَالَ : أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ فَجِئْتُهُ فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رِمَالِهِ ، فَقَالَ حِينَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ : يَا مَالُ : أَمَا إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ وَقَدْ أَمَرْتُ بِرَضْخِ فَخِذِهِ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ ، قُلْتُ لَهُ : لَوْ أَمَرْتَ غَيْرِي بِذَلِكَ ، قَالَ : خُذْهُ فَجَاءَ يَرْفَأُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ، وسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ لَكَ فِي الْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمَا فَدَخَلَا ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا يَعْنِي : عَلِيًّا فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَاقْضِ بَيْنَهُمْ وَارْحَمْهُمَا ، فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ : خُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا قَدِمَا أُولَئِكَ النَّفْرَ لِذَلِكَ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنْشُدُكُمْ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ فَقَالَ : أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ " ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ فَقَالَ : أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : " لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ " ؟ قَالَا : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَصَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَاصَّةٍ لَمْ يَخُصَّ بِهَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فَقَالَ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ سورة الحشر آية 6 فَكَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَفَاءَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي النَّضِيرِ فَوَاللَّهِ مَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُمْ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَأْخُذُ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ فَقَالَ : أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ فَقَالَ : أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ ؟ قَالَا : نَعَمْ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ فَجِئْتَ أَنْتَ وَهَذَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَجِئْتَ أَنْتَ تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ وَيَطْلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ " فَوَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ : أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ فَوُلِّيتُهَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَلِيَهَا ، ثُمَّ جِئْتَ أَنْتَ وَهَذَا وَأَنْتُمَا جَمِيعُ أَمْرِكُمَا وَاحِدٌ فَسَأَلْتُمَا فِيهَا فَقُلْتُ : إِنْ شِئْتُمَا أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ لَتَلِيَانِهَا بِالَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلِيهَا بِهِ فَأَخَذْتُمَاهَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ جِئْتُمَانِي لِأَقْضِيَ بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَوَاللَّهِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُدَّاهَا إِلَيَّ " . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى سورة الحشر آية 7 الْأَوَّلُ خِلَافُ الثَّانِي وَلِأَنَّهُ جُعِلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً فَإِنَّ الثَّانِي خِلَافُهُ , لِأَنَّهُ لِأَجْنَاسِ جَمَاعَةٍ ، وَفِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : " لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ " ، فَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ يُفَرِّقُونَ هَذَا الْحَدِيثَ وَيَجْعَلُونَهُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ ، ثُمَّ يَجْعَلُونَهُ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ ، وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ ، وَمِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ ، وَمِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَمِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا نُورَثُ " قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْهُ وَحْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يَقُولُ الرَّئِيسُ : فَعَلْنَا وَصَنَعْنَا ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ لَا نُورَثُ لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَإِنْ أُشْكِلَ عَلَى أَحَدٍ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ إِخْبَارًا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي سورة مريم آية 5 وَمَا بَعْدَهُ فَقَدْ بَيَّنَ هَذَا أَهْلُ الْعِلْمِ فَقَالُوا : إِنَّمَا قَالَ هَذَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي سورة مريم آية 5 , لِأَنَّهُ خَافَ أَلَّا يَكُونَ فِي مَوَالِيهِ مُطِيعٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَرِثُ النُّبُوَّةَ مِنْ بَعْدِهِ وَالشَّرِيعَةُ ، فَقَالَ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا { 5 } يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ سورة مريم آية 5-6 ثُمَّ قَالَ : وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا سورة مريم آية 6 وَكَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ سورة النمل آية 16 فَإِنْ أُشْكِلَ عَلَى أَحَدٍ فَقَالَ : إِنَّ سُلَيْمَانَ قَدْ كَانَ نَبِيًّا فِي وَقْتِ أَبِيهِ قِيلَ لَهُ : قَدْ كَانَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ الشَّرَائِعَ كَانَتْ إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ سُلَيْمَانُ مَعِينًا لَهُ فِيهَا ، وَكَذَا كَانَتْ سُبُلُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ إِذَا اجْتَمَعُوا أَنْ تَكُونَ الشَّرِيعَةُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَوَرِثَ سُلَيْمَانُ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ : " مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ " ، فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ أَيْ : لَا يُورَثُ وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ قَدْ تَصَدَّقَ بِهِ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ : " لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةً " بِالنَّصْبِ فَتَكُونُ مَا بِمَعْنَى الَّذِي وَتَكُونُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَيْضًا وَالْمَعَانِي فِي هَذَا مُتَقَارِبَةٌ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُورَثُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |
مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ | مالك بن أوس النصري / توفي في :92 | له رؤية |
الزُّهْرِيِّ | محمد بن شهاب الزهري / ولد في :52 / توفي في :124 | الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه |
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ | مالك بن أنس الأصبحي / ولد في :89 / توفي في :179 | رأس المتقنين وكبير المتثبتين |
بِشْرُ بْنُ عُمَرَ | بشر بن عمر الزهراني | ثقة |
عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ | عمرو بن علي الفلاس / توفي في :249 | ثقة حافظ |
أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ عَلِيٍّ | أحمد بن شعيب النسائي | ثقة ثبت حافظ |