كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ نَسْمَعُ لِصَوْتِهِ دَوِيًّا وَلا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلامِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ " . قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا , قَالَ : " لَا إِلا أَنْ تَطَوَّعَ " ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَصِيَامُ رَمَضَانَ " . فَقَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ ، قَالَ : " لَا إِلا أَنْ تَطَوَّعَ " ، وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ , فَقَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟ قَالَ : " لَا إِلا أَنْ تَطَوَّعَ " ، فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ : وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنْقُصُ مِنْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ " . فَتَبَيَّنَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَعَ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَاسْتِقَامَةِ طَرِيقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّلاةِ إِلا الْخَمْسُ وَلا مِنَ الصَّدَقَةِ إِلا الزَّكَاةُ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالآيَةِ فَرْضٌ سِوَى الزَّكَاةِ وَأَنَّهَا لَيْسَتِ الزَّكَاةُ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ نَدْبًا لَمْ يَبْقَ إِلا أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً , فَأَمَّا وَلا تُسْرِفُوا سورة الأنعام آية 141 فَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَعْنَى : " وَلا تُسْرِفُوا لَا تَمْنَعُوا مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ " وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : " كَانُوا إِذَا حَصَدُوا أَعْطَوْا ثُمَّ تَبَارَوْا فِي ذَلِكَ حَتَّى أَجْحَفُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَلا تُسْرِفُوا " وَقَالَ السُّدِّيُّ : " لَا تُعْطُوا أَمْوَالَكُمْ فَتَقْعُدُوا فُقَرَاءَ " وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : " نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ جَدَّ نَخْلا لَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ أَلا أَعْطَاهُ فَأَمْسَى لَيْسَتْ لَهُ ثَمَرَةٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ سورة الأنعام آية 141 " وَقَالَ ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَلا تُسْرِفُوا سورة الأنعام آية 141 لِلْوُلاةِ أَيْ وَلا تَأْخُذُوا مَا لَا يَجِبُ عَلَى النَّاسِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذِهِ الأَقْوَالُ كُلُّهَا غَيْرُ مُتَنَاقِضَةٍ لأَنَّ الإِسْرَافَ فِي اللُّغَةِ فِعْلُ مَا لَا يَنْبَغِي فَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ فَوَاجِبٌ اجْتِنَابُهُ وَمَعْنَى إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ لَا يُثِيبُهُمْ وَلا يَقْبَلُ أَعْمَالَهُمْ مَجَازًا ، وَتَقْدِيرُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ سورة الأنعام آية 99 وَشَجَرُ الزَّيْتُونِ وَشَجَرُ الرُّمَّانِ , مِثْلُ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ سورة يوسف آية 82 قَالَ قَتَادَةُ : " مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ سورة الأنعام آية 141 يَتَشَابَهُ وَرَقُهُ وَيَخْتَلِفُ ثَمَرُهُ " وَقَالَ غَيْرُهُ : يَتَشَابَهُ لَوْنُهُ وَيَخْتَلِفُ طَعْمُهُ وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ , وَهِيَ قِرَاءَةٌ حَسَنَةٌ لأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَتْ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ , فَثُمُرٌ جَمْعُ ثِمَارٍ وَثِمَارٌ جَمْعُ ثَمَرَةٍ , قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ : أَصْلُ الإِسْرَافِ فِي كَلامِ الْعَرَبِ الإِخْطَاءُ فِي إِصَابَةِ غَيْرِ الْحَقِّ إِمَّا بِزِيَادَةٍ وَإِمَّا بِنُقْصَانٍ مِنَ الْحَدِّ الْوَاجِبِ ، وَأَنْشَدَ : أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌ مَا فِي عَطَائِهِمُ مَنٌّ وَلا سَرَفُ أَيْ خَطَأٌ . وَاخْتَلَفُوا فِي الآيَةِ الْخَامِسَةِ اخْتِلافًا كَثِيرًا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ | طلحة بن عبيد الله القرشي | صحابي |
أَبِيهِ | مالك بن أبي عامر الأصبحي / توفي في :74 | ثقة |
عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ | نافع بن مالك التيمي / توفي في :141 | ثقة |
مَالِكٌ | مالك بن أنس الأصبحي / ولد في :89 / توفي في :179 | رأس المتقنين وكبير المتثبتين |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ | عبد الله بن يوسف الكلاعي / توفي في :218 | ثقة متقن من أثبت الناس في الموطأ |
بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ | بكر بن سهل الدمياطي | مقبول |