باب ذكر الاية الخامسة من هذه السورة


تفسير

رقم الحديث : 290

كَمَا قُرِئَ عَلَى كَمَا قُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : " إِنَّمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خُذِ الْعَفْوَ سورة الأعراف آية 199 مِنْ أَخْلاقِ النَّاسِ " . وَهَذَا أَوْلَى مَا قِيلَ فِي الآيَةِ لِصِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَأَنَّهُ عَنْ صَحَابِيٍّ يُخْبِرُ بِنُزُولِ الآيَةِ وَإِذَا جَاءَ الشَّيْءُ هَذَا الْمَجِيءَ لَمْ يَسَعْ أَحَدًا مُخَالَفَتُهُ وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ خُذِ الْعَفْوَ سورة الأعراف آية 199 أَيِ السَّهْلَ مِنْ أَخْلاقِ النَّاسِ وَلا تَغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَلا تُعَنِّفْ بِهِمْ ، وَكَذَا كَانَتْ أَخْلاقُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَا لَقِيَ أَحَدًا قَطُّ بِمَكْرُوهٍ فِي وَجْهِهِ وَلا ضَرَبَ أَحَدًا بِيَدِهِ وَقِيلَ لِعَائِشَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا مَا كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي مَدَحَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ ، فَقَالَ تَعَالَى : وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ سورة القلم آية 4 ؟ فَقَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ : " إِنَّ هَذَا أَمْرُ للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُفَّارِ أَمَرَهُ بِالرِّفْقِ بِهِمْ وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ فِيَ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ فِيهِمْ , قَالَ : لأَنَّ قَبْلَهُ احْتِجَاجًا عَلَيْهِمْ قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ سورة الأعراف آية 195 وَبَعْدَهُ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ سورة الأعراف آية 202 " وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ , فَقَالَ : أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالأَخْلاقِ السِّهْلَةِ اللِّينَةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ ، بَلْ هَذَا لِلْمُسْلِمِينَ أَوْلَى ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ الَّذِي فَسَّرَ الآيَةَ : وَاللَّهِ لأَسْتَعْمِلَنَّ الأَخْلاقَ السِّهْلَةَ مَا بَقِيتُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَفِي الآيَةِ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ سورة الأعراف آية 199 قَالَ عُرْوَةُ ، وَالسُّدِّيُّ : " الْعُرْفُ الْمَعْرُوفُ " . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالَّذِي قَالا مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةَ يُقَالُ أَوْلانِي مَعْرُوفًا وَعْرُفًا وَعَارِفَةً وَفِي الْحَدِيثِ " الْعُرْفُ أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ وَتَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ " وَهَذَا مِنْ كَلامِ الْعَرَبِ وَمِنِ اخْتِصَارِ الْقُرْآنِ الْمُعْجِزِ لأَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ فِي قَوْلِهِ : وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ سورة الأعراف آية 199 هَذِهِ الْخِصَالُ الثَّلاثُ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقَبُولُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَمَرَ بِهِ وَمَا نَدَبَ إِلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ مِنَ الْعُرْفِ , وَفِيهَا وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ سورة الأعراف آية 199 وَزَعَمَ ابْنُ زَيْدٍ أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ بِالأَمْرِ بِالْقِتَالِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِاحْتِمَالِ مَنْ ظَلَمَ ، وَمَا بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ كَمَا قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ بِالسَّهْلِ مِنَ الأَخْلاقِ وَتَرْكِ الْغِلْظَةِ لأَنَّ بَعْدَهَا وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ سورة الأعراف آية 200 أَيْ وَإِمَّا يُغْضِبَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَسْوَسَةٌ وَتَحْمِيلٌ عَلَى تَرْكِ الاحْتِمَالِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ أَيْ فَاسْتَجِرْ بِهِ مِمَّا عَرَضَ لَكَ إِنَّهُ سَمِيعٌ سورة الأعراف آية 200 لاسْتِجَارَتِكَ وَغَيْرِهَا عَلِيمٌ سورة الأعراف آية 200 بِمَا يُزِيلُ لَكَ مَا عَرَضَ لَكَ ، وَبَعْدَهَا أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا سورة الأعراف آية 201 أَيِ اتَّقَوُا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَتَرْكِ مَعَاصِيهِ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ سورة الأعراف آية 201 أَيْ عَارِضٌ وَوِسْوَاسٌ مِنْهُ " تَذَكَّرُوا " وَعْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَوَعِيدَهُ وَعِقَابَهُ فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ الْحَقَّ آخِذُونَ بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنَ التَّحَامُلِ عِنْدَ الْغَضَبِ وَالْغِلْظَةِ عَلَى مَنْ قَدْ نُهُوا عَنِ الْغِلْظَةِ عَلَيْهِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ الزُّبَيْرِ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.