باب ذكر الاية الاولى من هذه السورة


تفسير

رقم الحديث : 337

كَمَا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنِ الْمِسْكِينُ ؟ قَالَ : " الَّذِيُ لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلا يُفْطَنُ لَهُ فَيُعْطَى وَلا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ " . فَقِيلَ : مَعْنَى هَذَا أَنَّ الَّذِيَ يَسْأَلُ يَجِيئُهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ وَقِيلَ الْمَعْنَى لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي هُوَ فِي نِهَايَةِ الْمَسْكَنَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمِسْكِينَ السَّائِلَ وَيَكُونُ الْمَعْنَى لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَعُدُّونَهُ فِيكُمْ مِسْكِينًا هَذَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيْسَ الْغَنِيُّ عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ إِنَّمَا الْغَنِيُّ غَنِيُّ النَّفْسِ " وَلِهَذَا نَظَائِرُ مِنْهَا : قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّمَا الْمَحْرُوبُ مَنْ حُرِبَ دِينَهُ " أَيِ الْمَحْرُوبُ عَلَى الْحَقِيقَةِ هُوَ هَذَا وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ ؟ " قَالُوا : الَّذِي لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ ، قَالَ : " بَلِ الرَّقُوبُ الَّذِي لَمْ يَمُتْ لَهُ وَلَدٌ " أَيْ هَذَا الَّذِي لَمْ يَمُتْ لَهُ وَلَدٌ هُوَ أَوْلَى بِهَذَا الاسْمِ أَيْ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ قَدْ لَحِقْتُهُ الْمُصِيبَةُ وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذِهِ الآيَةِ فِي قَسْمِ الزَّكَوَاتِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : فِي أَيِّ صِنْفٍ قَسَّمَتْهَا مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ أَجْزَى عَنْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : بَلْ تُقْسَمُ فِي الأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ كَمَا سَمَّاهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : تُقْسَمُ عَلَى سِتَّةٍ يَسْقُطُ مِنْهَا سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ لأَنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا فِي وَقْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَهْمُ الْعَامِلِينَ إِذَا فَرَّقَ الإِنْسَانُ زَكَاتَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ يُرْوَى عَنْ ثَلاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وحُذَيْفَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الصَّدَقَاتِ جَائِزٌ أَنْ تُدْفَعَ إِلَى بَعْضِ هَذِهِ الأَصْنَافِ دُونَ بَعْضٍ وَلا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلافٌ لِهَذَا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَعَطَاءٍ ، وَإِبْرَاهِيمَ ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ ، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ , وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تُقْسَمُ فِيمَنْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ , وَحُجَّتُهُ ظَاهِرُ الآيَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ إِذَا وَصَّى رَجُلٌ لِجَمَاعَةٍ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَحُجَّةُ مَنْ ذَكَرْنَا غَيْرَهُ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْوَصِيَّةِ لأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا يَجُوزُ أَنْ تُقْسَمَ إِلا فِيمَنْ سُمِّيَتْ لَهُ فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَرْجِعْ سَهْمُهُ إِلَى مَنْ بَقِيَ ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا فُقِدَ مَنْ ذُكِرَ فِي الآيَةِ رَجَعَ سَهْمُهُ إِلَى مَنْ بَقِيَ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلا تُوصَلُ إِلَى أَنْ يَعُمَّ كُلَّ مَنْ ذُكِرَ فِي الآيَةِ لأَنَّ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ لَا يُحَاطُ بِهِمْ , وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لِسَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ حِينَ وَطِئَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَهَارًا : " أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا " ، فَقَالَ : مَا بِتْنَا لَيْلَتَنَا إِلا وَحْشًاء لَا نَصِلُ إِلَى شَيْءٍ ، فَقَالَ : " امْضِ إِلَى بَنِي زُرَيْقٍ فَخُذْ صَدَقَتَهُمْ فَتَصَدَّقْ بِوَسْقٍ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ مَا بَقِيَ " فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ هَذِهِ الْقَبِيلَةِ وَلَمْ يَقْسِمْهَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ " ، فَلَمَّا احْتَمَلَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ سورة التوبة آية 60 الآيَةَ . أَنْ يُقْسَمَ عَلَى هَذَا , وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى يُقْسَمُ فِي هَذَا الْجِنْسِ وَلا يَخْرُجُ عَنْهُمْ ثُمَّ جَاءَ عَنْ ثَلاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَحَدُ الْمَعْنِيِّينَ كَانَ أَوْلَى مَعَ حُجَّةِ مَنْ ذَكَرْنَاهُ , وَأَمَّا وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا سورة التوبة آية 60 . فَقَالَ الزُّهْرِيُّ : " هُمُ السُّعَاةُ " قَالَ الْحَسَنُ : " يُعْطَوْنَ بِمِقْدَارِ عَمَلِهِمْ " . وَقَالَ مُجَاهِدٌ ، وَالضَّحَّاكُ " لَهُمُ الثَّمَنُ " فَأَمَّا الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ قَوْمٌ أَسْلَمُوا وَلَمْ يَكُنْ إِسْلامُهُمْ قَوِيًّا , فَلِلإِمَامِ أَنْ يَسْتَمِيلَهُمْ وَيُعْطِيَهُمْ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ , وَأَمَّا وَفِي الرِّقَابِ سورة التوبة آية 60 فَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُمُ الْمُكَاتَبُونَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، وَالْحَسَنِ ، وَابْنِ زَيْدٍ ، وَالشَّافِعِيِّ , وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ : يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَ مِنَ الزَّكَاةِ لِعُمُومِ الآيَةِ , وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا وَالْغَارِمِينَ فَهُمْ عَلَى ضَرْبَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَحَدُهُمَا أَنْ يُدَانَ الرَّجُلُ فِي مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ فَيُقْضَى دَيْنُهُ وَالآخَرُ أَنْ يُدَانَ الرَّجُلُ فِي حَمَّالاتٍ وَفِي مَعْرُوفٍ وَفِي مَا فِيهِ صَلاحٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَيُقْضَى دَيْنُهُ ، وَأَمَّا وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ سورة التوبة آية 60 فَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ تَقُولُ لِلْغُزَاةِ , وَمِنْهُمْ مَنْ يُجِيزُ أَنْ يُعْطَى فِي الْحَجِّ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ , وَأَمَّا وَابْنِ السَّبِيلِ سورة التوبة آية 60 فَهُوَ الْمُنْقَطِعُ بِهِ الَّذِي لَيْسَ بِبَلَدِهِ يُعْطَى مَا يَتَحَمَّلُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي بَلَدِهِ مَالٌ وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ ، وَالآيَةُ أَيْضًا مَا قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُوَ مِنْ سَبِيلِهِ أَنْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

الأَعْرَجِ

ثقة ثبت عالم

أَبِي الزِّنَادِ

إمام ثقة ثبت

مَالِكٌ

رأس المتقنين وكبير المتثبتين

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يوسُفَ

ثقة متقن من أثبت الناس في الموطأ

بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ

مقبول

Whoops, looks like something went wrong.