فَحَدَّثَنَا فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ سورة التوبة آية 60 قَالَ : " الْفُقَرَاءُ الَّذِينَ بِهِمْ زَمَانَةٌ وَالْمَسَاكِينُ الأَصِحَّاءُ الْمُحْتَاجُونَ " . فَهَذَا قَوْلٌ فِي الْفَرَقِ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ , وَقَالَ الضَّحَّاكُ : " الْفُقَرَاءُ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْمَسَاكِينُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ " , قَالَ عِكْرِمَةُ : " الْفُقَرَاءُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَسَاكِينُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ " , وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ : " الْمَسَاكِينُ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْخُضُوعُ وَالْفُقَرَاءُ الَّذِينَ يَتَجَمَّلُونَ وَيَأْخُذُونَ فِي السِّرِّ " , قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ : " الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ الْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ " , فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ , وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ قَالَ : الْمِسْكِينُ الَّذِي لَهُ شَيْءَ وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ . قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " الْفَقِيرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ لَا مَالٌ لَهُ وَلا حِرْفَةَ تَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعًا , زَمِنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ زَمِنٍ , سَائِلا كَانَ أَوْ مُتَعَفِّفًا ، وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَهُ مَالٌ أَوْ حِرْفَةٌ لَا تَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعًا وَلا تُغْنِيهِ سَائِلا كَانَ أَوْ غَيْرَ سَائِلٍ " فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : الْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ شَيْءٌ وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يُصِيبُ مِنْ كَسْبِهِ مَا يَقُوتُهُ , وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ , مِنْهُمْ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي جَمَاعَةٍ مَعَهُ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ شَيْءٌ لَا يَكْفِيهُ ، قَالَ يُونُسُ : قُلْتُ لأَعْرَابِيٍّ : أَفَقِيرٌ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : لَا بَلْ مِسْكِينٌ , وَأَنْشَدَ أَهْلُ اللُّغَةِ : أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبُهُ وِفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ وَمِنْ أَجْلِ مَا رَوَى فِيهِ ، مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ " الْمَسَاكِينُ الطَّوَّافُونَ وَالْفُقَرَاءُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ " , وَأَكْثَرُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ , قَالَ مُجَاهِدٌ ، وَالْحَسَنُ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَعِكْرِمَةُ ، وَالضَّحَّاكُ فِي اخْتِلافٍ عَنْهُمَا : الْمِسْكِينُ السَّائِلُ وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ , فَهَذِهِ تِسْعَةُ أَقْوَالٍ ، وَمِنْ أَهْلِ النَّظَرِ مَنْ يَقُولُ : الْفَقِيرُ هُوَ الْفَقِيرُ إِلَى الشَّيْءِ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ مَالا فَقَدْ يَكُونُ غَائِبًا عَنْهُ وَيَكُونُ فَقِيرًا إِلَى أَخْذِ الصَّدَقَةِ , وَالْمِسْكِينُ الَّذِي عَلَيْهِ الْخُضُوعُ وَالذِّلَّةُ , وَالْقَوْلُ الْحَادِي عَشَرَ : أَنَّ الْفَقِيرَ هُوَ الَّذِي يُعْطَى بِفَقْرِهِ فَقَطْ وَالْمِسْكِينُ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ مَعَ فَقْرِهِ خُضُوعُ وَذِلَّةُ السُّؤَالِ ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ , وَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْكُرْ كَثِيرًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ , وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ , وَهُوَ مُسْتَخْرَجٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْجَمَاعَةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ مَعَهُ لأَنَّ الْمِسْكِينَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمَسْكَنَةِ وَهِيَ الْخُضُوعُ وَالذِّلَّةُ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ سورة البقرة آية 61 . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذِهِ الأَقْوَالُ وَإِنْ كَثُرَتْ فَإِذَا جَمَعْتَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَنَظَرْتَ فِيهَا قَرُبَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ الْمِسْكِينُ كَذَا وَالْفَقِيرُ كَذَا , لَمْ يَقُلْ إِنَّهُ لَا يُقَالُ لِغَيْرِهِ مِسْكِينٌ وَلا فَقِيرٌ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ : " إِذَا وَصَّى رَجُلٌ بِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ جَازَ أَنْ يُدْفَعَ إِلَى الْمَسَاكِينِ , وَإِذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ أَنْ يُدْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ وَإِذَا أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ , وَالْمَسَاكِينِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُدْفَعَ إِلَى أَحَدِهِمَا " . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الأَقْوَالُ وَقَدْ قُلْنَا إِنَّ بَعْضَهَا يَقْرَبُ مِنْ بَعْضٍ وَجَبَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مَا هُوَ أجْمَعَهَا , وَهُوَ أَنَّ الْمِسْكِينَ هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ النَّاسَ , وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ وَلا سِيَّمَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيهِ , ثُمَّ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ الَّذِينَ يُرْجَعُ إِلَى قَوْلِهِمْ فِي تَفْسِيرِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى , وَأَيْضًا فَإِنَّ الأَسْمَاءَ إِنَّمَا يُرْجَعُ فِيهَا إِلَى التَّعَارُفِ ، وَالتَّعَارُفُ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا قِيلَ ادْفَعْ هَذَا إِلَى الْمَسَاكِينِ أَنَّهُمُ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ , وَإِذَا قِيلَ ادْفَعْ هَذَا إِلَى الْفُقَرَاءِ فَهُمُ الَّذِينَ لَا يَسْأَلُونَ وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , قَالَ تَعَالَى لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا سورة البقرة آية 273 . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ مُحْتَجًّا لأَهْلِ اللُّغَةِ بِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِالأَسْمَاءِ وَبِمَوْضُوعَاتِهَا ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ قَالَ : وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ السُّكُونِ وَالسُّكُونِ ذَهَابُ الْحَرَكَةِ حَتَّى ، لَا يَبْقَى مِنْهَا شَيْءٌ وَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا قَالَ : وَالدَّلِيلُ عَلَى ، أَنَّ الْفَقِيرَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ شَيْئًا أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ فَقَرْتُهُ أَيْ كَسَرْتُ فِقَارَهُ فَهَذَا قَدْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ , فَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ سورة الكهف آية 79 فَإِذَا صَحَّ أَنَّ الْمِسْكِينَ هُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ فَالْكَلامُ عَلَى هَذَا سَهْلٌ لأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُنْسَبَ إِلَيْهِمْ لأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْمَلُونَ فِيهَا كَمَا يُقَالُ قَصَدْتُ فُلانًا فِي دَارِهِ وَإِنْ كَانَ مُكْتَرِيًا لَهَا وَكَمَا يُقَالُ سَرْجُ الدَّابَّةِ , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نُسِبُوا إِلَى الْمَسْكَنَةِ وَهِيَ الْخُضُوعُ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا مِسْكِينَةُ عَلَيْكِ السَّكِينَةُ " وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ : " مِسْكِينٌ مِسْكِينٌ مَنْ لَا امْرَأَةَ لَهُ وَمِسْكِينَةٌ مِسْكِينَةٌ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا " فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
قَتَادَةَ | قتادة بن دعامة السدوسي / ولد في :61 / توفي في :117 | ثقة ثبت مشهور بالتدليس |
ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |
مَعْمَرٌ | معمر بن أبي عمرو الأزدي / ولد في :96 / توفي في :154 | ثقة ثبت فاضل |