باب ذكر الاية الثالثة من هذه السورة


تفسير

رقم الحديث : 472

كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ عَزّ وَجَلَّ : لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ سورة الممتحنة آية 8 قَالَ : " نَسَخَهَا فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ سورة التوبة آية 5 " . وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ مُجَاهِدٍ قَالَ : " الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ سورة الممتحنة آية 8 الَّذِينَ آمَنُوا وَأَقَامُوا بِمَكَّةَ وَلَمْ يُهَاجِرُوا " , وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ قَوْلُ أَبِي صَالِحٍ قَالَ : " هُمْ خُزَاعَةُ " , وَقَالَ الْحَسَنُ : " هُمْ خُزَاعَةُ وَبَنُو الْحَارِثِ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ " أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ سورة الممتحنة آية 8 قَالَ : تُوَفُّوا لَهُمْ بِالْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ , وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ : أَنَّهَا عَامَّةٌ مُحْكَمَةٌ قَوْلٌ حَسَنٌ بَيِّنٌ , وَفِيهِ أَرْبَعُ حُجَجٍ مِنْهَا : أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ ، وَمِنْهَا : أَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ مَطْعُونٌ فِيهَا ، لِأَنَّ قَوْلَ قَتَادَةَ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ رُدَّ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَيْسَ بِمَحْظُورٍ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ سورة التوبة آية 5 لَيْسَ بِعَامٍّ لِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ وَلَا هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ , فَيَكُونُ كَمَا قَالَ قَتَادَةُ وَإِنَّمَا هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا سورة المائدة آية 38 ثُمَّ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا فَصَارَتِ الْآيَةُ لِبَعْضِ السُّرَّاقِ , لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَكَذَا فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ سورة التوبة آية 5 قَدْ خَرَجَ مِنْهُ أَهْلُ الْكِتَابِ إِذَا أَدَّوُا الْجِزْيَةَ ، وَخَرَجَ مِنْهُ الرَّسُولُ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَبُو وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : وَكُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَافَاهُ رَسُولَانِ مِنْ مُسَيْلِمَةَ , فَقَالَ لَهُمَا : " أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ " فَقَالَا : أَتَشْهَدُ أَنْتَ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : " آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ لَوْلَا أَنَّ الرَّسُولَ لَا يُقْتَلُ لَقَتَلْتُكُمَا " وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الْعَسِيفِ " فَهَذَا كُلُّهُ خَارِجٌ مِنَ الْآيَةِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمَعْنَى فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ سورة التوبة آية 5 عَلَى مَا أُمِرْتُمْ , فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْإِقْسَاطِ إِلَيْهِمْ وَهُوَ الْعَدْلُ فِيهِمْ ، وَمِنْ بِرِّهِمْ أَيِ : الْإِحْسَانُ إِلَيْهِمْ بِوَعْظِهِمْ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْإِحْسَانِ ثَابِتًا ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعُ الْعُلَمَاءُ : أَنَّ الْعَدُوَّ إِذَا بَعُدَ وَجَبَ أَلَّا يُقَاتَلَ حَتَّى يُدْعَى وَيُعْرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَهَذَا مِنَ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَالْعَدْلِ فِيهِمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ، عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَى قَوْمًا إِلَى بِلَادِ الرُّومِ أَمَرَهُمْ أَلَّا يُقَاتِلُوا حَتَّى يَدْعُوا مَنْ عَزَمُوا عَلَى قِتَالِهِ إِلَى الْإِسْلامِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي كُلِّ مَنْ عُزِمَ عَلَى قِتَالِهِ وَهُوَ مَرْوِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ وَقَالَ الْحَسَنُ ، وَالنَّخَعِيُّ ، ورَبِيعَةُ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ : لَا يُدْعَى مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ ، وأَحْمَدَ ، وإِسْحَاقَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ فِي الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يُهَاجِرُوا مَطْعُونٌ فِيهِ ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ السُّورَةِ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ سورة الممتحنة آية 1 وَالْكَلَامُ مُتَّصِلٌ , فَلَيْسَ مَنْ آمَنَ وَلَمْ يُهَاجِرْ يَكُونُ عَدُوًّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ يُرَدُّ بِهَذَا , فَصَحَّ الْقَوْلُ الرَّابِعُ وَفِيهِ مِنَ الْحُجَّةِ أَيْضًا أَنَّ بِرَّ الْمُؤْمِنِ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ نَسَبٌ أَوْ قَرَابَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ غَيْرُ مَنْهِيُّ عَنْهُ وَلَا مُحْرِمٌ , لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ تَقْوِيَةٌ لَهُ وَلَا لِأَهْلِ دِينِهِ بِسِلَاحٍ أَوْ كُرَاعٍ وَلَا فِيهِ إِظْهَارُ عَوْرَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ , وَالْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ : أَنْ تَفْسِيرَ الْآيَةِ إِذَا جَاءَ عَنْ صَحَابِيٍّ لَمْ يَسَعْ أَحَدًا مُخَالَفُتُهُ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مَعَ قَوْلِهِ تَوْقِيفٌ بِسَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
قَتَادَةَ

ثقة ثبت مشهور بالتدليس

مَعْمَرٌ

ثقة ثبت فاضل

Whoops, looks like something went wrong.