أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُهْتَدِي ، أَنْبَأَنَا الْقَاسِمُ بْنُ حُبَابَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْوَرَّاقُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ زَاجٍ ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُصْعَبٍ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ صَفْوَانَ ، قَالَ : لَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَسُجِّيَ عَلَيْهِ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ بِالْبُكَاءِ كَيَوْمِ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُسْتَعْجِلا مُسْرِعًا مُسْتَرْجِعًا وَهُوَ يَقُولُ : الْيَوْمَ انْقَطَعَتِ النُّبُوَّةُ ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ : رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا بَكْرٍ ، كُنْتَ إِلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنِيسَهُ وَمُسْتَرَاحَهُ وَثِقَتَهُ وَمَوْضِعَ سِرِّهِ وَمُشَاوَرَتِهِ ، وَكُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلامًا وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَانًا وَأَشَدَّهُمْ للَّهِ يَقِينًا ، وَأَخْوَفَهُمْ للَّهِ وَأَعْظَمَهُمْ غِنَاءً فِي دِينِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ، وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْدَبَهُمْ عَلَى الإِسْلامِ ، وَأَحْسَنَهُمْ صُحْبَةً ، وَأَكْثَرَهُمْ مَنَاقِبَ وَأَفْضَلَهُمْ سَوَابِقَ وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً ، وَأَقْرَبَهُمْ وَسِيلَةً ، وَأَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيًا وَسَمْتًا ، وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً وَأَرْفَعَهُمْ عِنْدَهُ وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ الإِسْلامِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ . صَدَّقْتَ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ كَذَّبَهُ النَّاسُ وَكُنْتَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ ، سَمَّاكَ اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ صِدِّيقًا ، فَقَالَ : وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ سورة الزمر آية 33 وَآسَيْتَهُ حِينَ بَخِلُوا ، وَقُمْتَ مَعَهُ عَلَى الْمَكَارِهِ حِينَ قَعَدُوا ، وَصَحِبْتَهُ فِي الشِّدَّةِ أَكْرَمَ الصُّحْبَةِ ، ثَانِيَ اثْنَيْنِ صَاحَبَهُ فِي الْغَارِ ، وَالْمَنْزِلِ عَلَى السَّكِينَةِ ، وَرَفِيقُهُ فِي الْهِجْرَةِ ، وَخَلَفْتَهُ فِي دِينِ اللَّهِ وَأُمَّتِهِ أَحْسَنَ الْخِلافَةِ حِينَ ارْتَدُّوا . فَقُمْتَ بِالأَمْرِ مَا لَمْ يَقُمْ بِهِ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ ، نَهَضْتَ حِينَ وَهَنَ أَصْحَابُهُ ، وَبَرَزْتَ حِينَ اسَتْكَانُوا ، وَقَوِيتَ حِينَ ضَعُفُوا ، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِهِ إِذْ وَهَنُوا ، كُنْتَ خَلِيفَةَ حَقًّا لَنْ تُنَازَعَ وَلَنْ تُضَارَعَ ، بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ وَكَبْتِ الْحَاسِدِينَ ، قُمْتَ بِالأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا فَاتَّبَعُوكَ فَهُدُوا ، وَكُنْتَ أَخْفَضَهُمْ صَوْتًا وَأَعْلاهُمْ فَوْقًا ، وَأَقَلَّهُمْ كَلامًا وَأَصْدَقَهُمْ مَنْطِقًا وَأَطْوَلَهُمْ صَمْتًا وَأَبْلَغَهُمْ قَوْلا وَأَكْرَمَهُمْ رَأْيًا ، وَأَشْجَعَهُمْ نَفْسًا ، وَأَشْرَفَهُمْ عَمَلا . كُنْتَ - وَاللَّهِ - لِلدِّينِ يَعْسُوبًا ، أَوَّلا حِينَ نَفَرَ عَنْهُ النَّاسُ وَآخِرًا حِينَ أَقْبَلُوا . كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَبًا رَحِيمًا ، صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالا ، حَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا ، وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا وَعَلِمْتَ مَا جَهِلُوا ، وَشَمَّرْتَ إِذْ ظَلَعُوا ، وَصَبَرْتَ إِذْ جَزِعُوا وَأَدْرَكْتَ أَوْتَارَ مَا طَلَبُوا ، وَرَاجَعُوا بِرَأْيِكَ رُشْدَهُمْ فَظِفَرُوا ، وَنَالُوا بِرَأْيِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا . كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَابًا صَبًّا وَلَهَبًا ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ رَحْمَةً وَأُنْسًا وَحِصْنًا ، طِرْتَ - وَاللَّهِ - بِعَنَائِهَا وَفُزْتَ بِحِبَائِهَا ، وَذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا وَأَدْرَكْتَ سَوَابِقَهَا لَمْ تُفَلَّلْ حُجَّتُكَ وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ ، وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ وَلَمْ يَزُغْ قَلْبُكَ ، فَلِذَلِكَ كُنْتَ كَالْجِبَالِ لا تُحَرِّكُهَا الْعَوَاصِفُ وَلا تُزِيلُهَا الْقَوَاصِفُ ، كُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَمِنَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي صُحْبَتِكَ وَذَاتِ يَدِكَ ، وَكُنْتَ كَمَا قَالَ : ضَعِيفًا فِي بَدَنِكَ قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - ، مُتَوَاضِعًا فِي نَفْسِكَ عَظِيمًا عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى - جَلِيلا فِي أَعْيُنِ النَّاسِ كَبِيرًا فِي أَنْفُسِهِمْ ، لَمْ يَكُنْ لأَحَدِهِمْ فِيكَ مَغْمَزٌ وَلا لِقَائِلٍ فِيكَ مَهْمَزٌ وَلا لِمَخْلُوقٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ ، الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ حَتَّى تَأْخُذَ بِحَقِّهِ ، الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ، وَأَقْرَبُ النَّاسِ عِنْدَكَ أَطْوَعُهُمْ للَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَأَتْقَاهُمْ ، شَأْنُكَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ ، قَوْلُكَ حُكْمٌ وَحَتْمٌ ، وَأَمْرُكَ حِلْمٌ وَحَزْمٌ ، وَرَأْيُكَ عِلْمٌ وَعَزْمٌ ، اعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ ، وَقَوِيَ بِكَ الإِيمَانُ ، وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ فَسَبَقْتَ - وَاللَّهِ - سَبْقًا بَعِيدًا ، وَأَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ إِتْعَابًا شَدِيدًا ، وَفُزْتَ بِالْخَيْرِ فَوْزًا مُبِينًا . فَجَلَلْتَ عَنِ الْبُكَاءِ وَعَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ وَهَدَتْ مُصِيبَتُكَ الأَنَامَ ، فَإِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . رَضِينَا عَنِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - قَضَاءَهُ وَسَلَّمْنَا لَهُ أَمْرَهُ . وَاللَّهِ لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِكَ أَبَدًا ، كُنْتَ لِلدِّينِ عِزًّا وَحِرْزًا وَكَهْفًا . فَأَلْحَقَكَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا حَرَمَنَا أَجْرَكَ وَلا أَضَلَّنَا بَعْدَكَ . فَسَكَتَ النَّاسُ حَتَّى قَضَى كَلامَهُ ، ثُمَّ بَكَوْا حَتَّى عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَقَالُوا : صَدَقْتَ يَا خَتَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُهْتَدِي | محمد بن علي القرشي / ولد في :370 / توفي في :465 | ثقة حجة |
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ ، أَنْبَأَنَا | عبد الرحمن بن محمد الشيباني / ولد في :453 / توفي في :535 | صدوق حسن الحديث |