حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ ، ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ ، ثنا أَبِي ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ أَبُو رَافِعٍ : كُنْتُ عَلَى مَالِ الْعَبَّاسِ ، وَكَانَ الإِسْلامُ قَدْ دَخَلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، فَأَسَلَمْتُ ، وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ ، وَيَكْرَهُ خِلافَهُمْ ، وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلامَهُ ، وَكَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وَمُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ ، وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ قَدْ تَخَلَّفَ ، وَبَعَثَ مَكَانَهُ الْعَاصِيَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَصْنَعُونَ ، لَمْ يَتَخَلَّفْ رَجُلٌ إِلا بَعَثَ مَكَانَهُ رَجُلا ، فَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ عَنْ مُصَابِ قُرَيْشٍ بِبَدْرٍ ، وَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا قُوَّةً وَعِزَّةً ، وَكُنْتُ رَجُلا ضَعِيفًا ، وَكُنْتُ أَعْمَلُ الأَقْدَاحَ أَنْحِتُهَا فِي حُجْرَةِ زَمْزَمَ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَجَالِسٌ فِيهَا أَنْحِتُ أَقْدَاحِي ، وَعِنْدِي أُمُّ الْفَضْلِ جَالِسَةٌ ، وَقَدْ سِرْنَا مَا جَاءَنَا إِذْ أَقْبَلَ أَبُو لَهَبٍ حَتَّى جَلَسَ إِلَى طُنْبِ الْحُجْرَةِ ، وَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى ظَهْرِي ، إِذْ قَالَ النَّاسُ : أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَدْ قَدِمَ ، وَالنَّاسُ قِيَامٌ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : ابْنُ أَخِي أَخْبِرْنِي ، فَعِنْدَكَ الْخَبَرُ ، فَقَالَ : لا ، وَاللَّهِ إِنْ هُوَ إِلا أَنْ لَقِينَا الْقَوْمَ ، فَمَنَحْنَاهُمْ أَكْتَافَنَا يَقْتُلُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا ، وَيَأْسِرُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا ، وَايْمُ اللَّهِ مَعَ ذَلِكَ قَدْ رَأَيْتُ رِجَالا عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ ، لا يَقُومُ لَهَا شَيْءٍ ، قَالَ أَبُو رَافِعٍ : فَرَفَعْتُ طُنْبَ الْحُجْرَةِ ، وَقُلْتُ : تِلْكَ وَاللَّهِ الْمَلائِكَةُ ، فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ ، فَضَرَبَ بِهَا وَجْهِي ضَرْبَةً شَدِيدَةً ، وَثَاوَرْتُهُ فَاحْتَمَلَنِي فَضَرَبَ بِي الأَرَض ، ثُمَّ بَرَكَ عَلَيَّ يَضْرِبُنِي ، وَكُنْتُ رَجُلا ضَعِيفًا ، قَالَتْ أُمُّ الْفَضْلِ : اسْتَضْعَفْتُهُ فَقَامَ مُوَلِّيًا ذَلِيلا ، وَاللَّهِ مَا عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا سَبْعَ لَيَالٍ ، حَتَّى رَمَاهُ اللَّهُ بِالْعَدَسَةِ فَقَتَلَهُ ، فَلَقَدْ تَرَكَهُ بَنُوهُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا مَا يَدْفِنُونَهُ حَتَّى أُنْتِنَ ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَتَّقِي الْعَدَسَةَ كَمَا يَتَّقِي النَّاسُ الطَّاعُونَ ، حَتَّى قَالَ لابْنِهِ رَجُلٌ ، أَوْ لابْنَيْهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ : وَيْحَكُمَا أَلَا تَسْتَحِيَانِ ؟ إِنَّ أَبَاكُمَا قَدْ أُنْتِنَ فِي بَيْتِهِ لا تَدْفِنَانِهِ ، قَالا : إِنَّا نَخْشَى مِنْهُ ، قَالَ : انْطَلِقَا فَأَنَا مَعَكُمَا ، فَمَا غَسَّلُوهُ إِلا قَذْفًا بِالْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ فَمَا يَمَسُّونَهُ ، ثُمَّ احْتَمَلُوهُ فَدَفَنُوهُ بِأَعْلَى مَكَّةَ . .