وأخبرني ابن قُدَيد ، عَنْ يحيى بْن عُثمان بْن صالح ، عَن ابن عُفير : " أن عليّ بْن محمد اختفى عند عسَّامة بْن عمرو ، وقد وجَّه عَسَّامة إِلَيْهِ وأنزله قريةً لَهُ من طُوَّه ، فمرِض عليّ بها ، فمات ودُفن بها وحُمِل عَسَّامة إلى العراق ، فحُبِس زمانًا ، فلمَّا صار الأمرُ إلى المَهدِيّ قام أَبُو عُبَيْد اللَّه الأَشْعَريّ كاتب المهدِيّ فِي أمر عَسَّامة لِما بين المَعافر والأشعريّين ، فأدخله إلى المَهدي وشفع فِيهِ ، فأَمَّنه المَهديّ عَلَى أن يصدُقه عَنْ عليّ بْن محمد ، فقال : مات والله يا أمير المؤمنين فِي بيتي لا شكَّ فِيهِ . فصَدَّقه المَهديّ ، وفرض لَهُ مائتين وردّه إلى مِصر . وأمّا خَالِد بْن سَعِيد فاستخفى زمانًا طويلًا ، ثمَّ مات فِي زمن المَهدِيّ بعد الستّين ومائة فِي إِسْكَندريَّة . وشكت المَعافر إلى يزيد بْن حاتم بُعد الماء عَنْهُمْ ، فابتنى يزيد بن حاتم ، فِسْقيَّة المَعافر وأجرى إليها الماء من ساقية أَبِي عون ، وأنفق فيها مالًا عظيمًا ، فقال لَهُ أَبُو جَعْفَر : لِمَ أنفقتَ مالي عَلَى قومك . وورد كتاب أَبِي جَعْفَر عَلَى يزيد بْن حاتم يأمره بالتحوّل من العسكر إلى الفُسطاط ، وأن يجعل الدواوين فِي كنائس القصر وذلك فِي سنة ستّ وأربعين ومائة ، فلم يحجّ منهم أحد إلَّا من أهل الشأم لِما كَانَ بالحِجاز من الاضطراب بأمر ابن حسن ، ثمَّ حجَّ يزيد بْن حاتم سنة سبع وأربعين واستخلف عَلَى مِصر عبد الله بْن عبد الرحمن بن مُعاوية بْن حُدَيج . وعقد يزيد بْن حاتم لعبد الأعلى بْن سَعِيد الحَيْشانيّ عَلَى خيل ووجَّههم إلى بِلاد الحَبَشة ، وكانت خارجة خرجت بها عليهم أَبُو ميمون ، فقتله عَبْد الأعلى ، وخرج برأسه ورءوس أصحابه إلى أمير المؤمنين المنصورِ المُهلَّبُ بْن داود بْن يزيد بْن حاتم . وضمّ يزيد بْن حاتم بَرْقة إلى عَمل مِصر وهو أوَّل من ضمّها إِلَيْهِ ، وأمَّر عليها عَبْد السلام بْن عبد الله بْن هُبيرة السّيْبانيّ وذلك فِي سنة ثمان وأربعين ومائة . وخرج القِبْط عَلَى يزيد بْن حاتم بسَخا ونابذوا ، وخرج العُمَّال وكان أميرها عَبْد الجبَّار بْن عبد الرحمن الأَزْديّ وذلك فِي سنة خمسين ومائة . وصاروا إلى شُبْراسُنْباط فقاتلوا ابن عبد الرحمن وانضم إليهم أهل البَشَرُود ، والأوْسِية ، والبُجوم ، فأَتى الخَبر يزيد بْن حاتم ، فعقد لنصر بْن حَبيب المُهلَّبيّ عَلَى أهل الديوان ووُجوه أهل مِصر ، فخرجوا إليهم فبيَّتهم القِبْط ، فطُعِن محمد بْن عبد الرحمن بْن مُعاوية بْن حُدَيج حتى سقط وطُعِن نصر بْن حَبيب طعنتين ، وقُتِل عَبْد الجبَّار بْن عبد الرحمن وألقى تَوبة الخَولاني النار فِي عسكر القِبْط وانصرف الجيش إلى الفُسطاط مُنهَزِمين . ثمَّ صُرف يزيد بْن حاتم عَنْهَا ، ورد عَلَيْهِ كتاب أَبِي جَعْفَر بذلك فِي شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين ومائة ، فكانت ولايته عليها سبع سنين وأربعة أشهُر " .