فحَدَّثَنِي محمد بْن مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا أحمد بْن يحيى بْن عُميرة ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الله بْن يوسف ، عَن ابن لَهِيعة ، عَنْ يزيد بْن أَبِي حَبيب ، " أنَّ محمد بْن أَبِي حُذَيفة ، قَالَ : من يشترط فِي هذا البعث ؟ فكثُر عَلَيْهِ من يشترط ، فقال : إِنَّما يكفينا منكم ستمائة رجُل . فاشترط من أهل مِصر ستمائة رجُل عَلَى كل مائة منهم رئيس ، وعلى جماعتهم عبد الرحمن بْن عُدَيس البَلَويّ ، وهم : كِنانة بْن بِشر بْن سَلَمان التُّجِيبيّ ، وعُروة بْن شُتيم الليثي ، وأبو عمرو بْن بُذيل بْن ورقاء الخُزاعي ، وسودان بْن أَبِي رُومان الأَصبحيّ ، ودِرع بْن يشكُر اليافعيّ ، قَالَ يزيد بْن أَبِي حَبيب : وسُجن رجال من أهل مِصر فِي دورهم ، منهم : بُسر بْن أَبِي أَرطاة ، ومُعاوية بْن حُديج ، فبعث ابن أَبِي حُذيفة إلى مُعاوية بْن حُدَيج وهو أَرمل ليكُرهه عَلَى البيعة ، فلمَّا رأَى ذَلكَ كِنانة بْن بِشر وكان رأس الشيعة الأُولى ، دفع عَنْ مُعاوية بْن حُديج ما كِره ، ثمَّ قُتل عثمان رحِمه اللَّه ، وكان قتله فِي ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ، ثمَّ أنّ الركب انصرفوا إلى مِصر ، فلمَّا دخلوا الفُسطاط ارتجز مرتجزهم : حُذْهَا إِلَيْكَ وَاحْذَرَن أَبَا حَسَنْ إنَّا نُمِر الحَرْبَ إِمْرَارَ الرَّسَنْ بِالسَّيْفِ كَيْ نُخْمِدَ نِيرَانَ الفِتَنْ قَالَ يزيد بْن أَبِي حَبيب : فلمَّا دخلوا المسجد صاحوا : إِنَّا لسنا قتَلة عثمان ولكن اللَّه قتله . فلمَّا رأَى ذَلكَ شيعة عثمان ، قاموا وعقدوا لُمعاوية بْن حُديج عليهم وبايعوه ، فكان أوَّل من بايع عَلَى الطلب بدم عثمان وفيهم يحيى بْن يَعمَر الرُّعينيّ ، ثمَّ العبليّ ، فسار بهم مُعاوية بْن حُديج إلى الصعيد ، فبعث إليهم بْن أَبِي حُذيفة خيلًا ، فالتقوا بدِقناش من كُورة البَهْنَسي ، فهزم أصحاب ابن أَبِي حُذيفة ، ومضى مُعاوية بْن حُديج حتى بلغ بَرقة ، ثمّ رجع إلى الإسكندريَّة ، ثمّ إن ابن أَبِي حُذيفة أمر بجيش آخر عليهم قيس بْن حَرْمَل اللَخْميّ وفيهم ابن الجُثما البَلَويّ ، فاقتتلوا بخَرِبتا أوَّل يوم من شهر رمضان سنة ستّ وثلاثين ، فقُتل قيس بْن حَرمَل ، وابن جُثما وأصحابهما ، وسار مُعاوية بن أَبِي سُفيان إلى مصر ، فنزل سَلْمَنت من كُورة عين شمس فِي شوَّال سنة ست وثلاثين ، فخرج إِلَيْهِ ابن أَبِي حُذيفة ، وأهل مِصر ليمنعوا مُعاوية وأصحابه أن يدخلوها ، فبعث إِلَيْهِ مُعاوية : إِنَّا لا نُريد قتال أحد إنَّما جئنا نسأَل القوَد بدم عثمان ، ادفعوا إلينا قاتليه عبد الرحمن بن عُدَيس ، وكِنانة بْن بِشر ، وهما رأسا القوم . فامتنع ابن أَبِي حُذيفة ، وقال : لو طلبت منَّا جديًا رطب السُّرّة بعثمان ما دفعناه إليك . فقال مُعاوية بْن أَبِي سُفيان لابن أَبِي حُذيفة : اجعل بيننا وبينكم رَهنًا فلا يكون بيننا وبينكم حرب . فقال ابن أَبِي حُذيفة : فإني أرضى بذلك . فاستخلف ابن أَبِي حُذيفة عَلَى مِصر الحكم بْن الصَّلت بْن مَخزَمة بْن المطّلب بْن عَبْد مَناف ، وخرج فِي الرهن هُوَ ، وابن عُدَيس ، وكِنانة بْن بِشر ، وأبو شمس بْن أَبَرهة الصبَّاح ، وغيرهم من قتَلة عثمان ، فلمَّا بلغوا لُدّ سجنهم مُعاوية بها وسار إلى دِمَشق فهربوا من السِّجن ، إلَّا أَبُو شمس بْن أَبَرهة ، فقال : لا أدخله أسيرًا وأخرج منهُ آبقًا . وتبِعهم صاحب فِلَسطين فقتلهم ، فأَتبع عبد الرحمن بْن عُديس رجُل من الفُرس ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : اتَّقِ اللَّهَ فِي دَمِي فَإِنِّي بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ . فَقَالَ لَهُ : الشَّجَرُ فِي الصَّحَرَاءِ كَثِيرٌ . وَقَتَلَهُ " .