حَدَّثَنِي ابن قُدَيد ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو نصر أحمد بْن عليّ بْن صالح ، قَالَ : حَدَّثَنَا يحيى بْن عثمان بْن صالح ، عَنْ أبيه ، قَالَ : سَمِعْتُ بَكْر بْن منصور ، يَقُولُ : " قدِم علينا كتاب أمير المؤمنين مَرْوان فِي حَوْثَرة بْن سُهَيل أن قد بعثتُ إليكم رجُلًا أعرابيًا بَدَوِيًّا فصيح اللسان من حاله ومن حاله كذا ، فأجمعوا لَهُ رجُلًا فِيهِ مثل فِضاله يسدّده فِي القضاء ، ويصوّبه فِي النظر ، ويسدّد فِي كذا وكذا . قَالَ بَكْر بْن منصور : فأَجمع الناس كلُّهم يومئذ عَلَى اللَّيث بْن سعد ، وفيهم مُعلِّماه : يزيد بْن أَبِي حَبيب ، وعمرو بْن الحارث ، وجمع الجُند إلى المسجد ، فخطبهم الحَوْثَرة بشِعر بليغ : دَعَوْتُ أَبَا لَيْلَى إِلَى الصُّلْحِ كَيْ يَبُو بِرَأْيٍ أَصِيلٍ أَوْ يُرَدَّ إِلَى حِلْمِ دَعَانِي لِشَبِّ الْحَرْبِ بَيْني وَبَيْنَهُ فَقُلْتُ لَهُ مَهْلًا هَلُمَّ إِلَى السِّلْمِ وبعث حَوْثَرة الخيل فِي طلَب رُؤساء الفِتْنة ووجوههم وهم : محمد بن شُريح بْن مَيمُون المَهْريّ ، وعمرو بْن يَزيد الشَّيبانيّ ، وعُقْبة بْن نُعَيم الرُّعَينيّ ، ويزيد بْن مَسْروق الحَضْرَمي ، ومحمود بْن سَليط الجُذاميّ ، وأيّوب بْن بَرْغوث اللخْمي ، فجُمِعوا لَهُ ، أو عامَّتهم ، ثمَّ ضرب عُنُق : رَجاء بْن الأَشْيم ، وعمرو بْن سَليط ، وابن بَرغُوث فِي جمع منهم يوم الثلاثاء اثنتي عشرة ليلة بقِيَتْ من المحرَّم سنة ثمان وعشرين ومائة ، وقتل محمد بن شريح بن ميمون المهري ، ثمَّ قتل عُقْبة بْن نُعَيم ، وفَهد بْن مَهْديّ ، وقال حَسَّان بْن عَتاهِية لَحوْثَرة : لم يبقَ لحَضْرَ موت إِلّا هذا القَرْن ، فإن قطعتَه قطعتَها . يعني : خَير بْن نُعيم كَانَ عَلَى القضاء ، فعزله حَوثَرة ، وفرض الحَوثَرة لشِيعة مَرْوان ومن كَانَ يكاتبه فروضًا فِي الخاصَّة ، ففرض لزبَّان بْن عَبْد العزيز فِي موالي بني أُمَيَّة ألفًا ، وفي قيس ألفًا ، وَفرَض لزيد بْن أَبِي أُمَيَّة المعَافِريّ ثلاثمائة ، وعقد الحَوْثَرة لمحمد بْن زَبَّان بْن عَبْد العزيز عَلَى الجُند وأنفذ معه أهل الديوان إلى العَريش ، فقتل عوف بْن حيران الحَرويّ ، وطلبوا ثابت بن نُعَيم الجُذاميّ حتَّى اسروه وبعثوا بِهِ إلى مَرْوان ، ثمَّ قتل الحَوثَرة حَفص بْن الوليد ، ويزيد بْن مُوسَى بن وَردان يوم الثلاثاء لليلتين خلتَا من شوَّال سنة ثمان وعشرين ومائة . وكان زَبَّان بْن عَبْد العزيز شديد التحريض عَلَى حَفْص بْن الوليد حتَّى قُتل ، فكانت حضر موت . . . . وكان . . . . . . عورات زبَّان أيَّام المسوِّدة ، وقال مسرُور الخَولانيّ : فَإيَّاكَ لَا تَجْنِي مِنَ الشَّرِّ غِلْظَةً فَتُؤذِي كَحَفْصٍ أَوْ رَجَا بْن الأُشَيم فَلَا خَيْرَ فِي الدُّنْيا وَلَا العَيْش بَعْدَهُمْ فَكَيْفَ وَقَدْ أَضْحَوا بِسَفْحِ المُقَطَّمِ وقال ابن ميَّادة المُرّيّ : لَقَدْ سَرَّني إنْ كَانَ شَيْئًا يَسُرُّني مُغَارُ ابْنِ هَبَّارٍ عَلَى بَلْخَ والسَّفرُ وحَوْثَرَةُ المُهدِي بِمصْرَ جِيَادَهُ وأسْيَافَهُ حَتَّى استَقَامَتْ لَهُ مِصرُ وقال مرسل بْن حمير يبكي حفصًا وأصحابه : يَا عَيْنِ لَا تُبْقي مِنَ العَبَرَاتِ جُودِي عَلَى الْأَحْيَاء وَالْأَمْوَاتِ بَكِّي الَّذين مَضَوْا فَهُمْ صَادقوا صدقات . . . . . تَاراتِ يَا حَفْص يَا كَهْفَ العَشِيِرةِ كُلِّهَا يَا اخَا النَّوَالِ وَسَاتِرَ الْعَوْرَاتِ إِمَّا قُتِلْتَ فَأَنْتَ كُنْتَ عَمِيدَهُمُ والكَهْفَ لِلأَيْتَامِ والجَارَاتِ أَوْذَى رَجَاءٌ لَا كَمِثْلِ رَجَائِنَا رَجُلٌ وَعُقْبَةُ فَارِجُ الكُرُبَاتِ وَشَبَابُنَا عَمْرو وَفَهْدٌ ذُو النَّدَى وابْنُ السَّليطِ وعَامِرُ الْغَارَاتِ قُتِلُوا وَلَمْ أَسْمَعْ بِمِثْل مُصَابِهِمْ سَرَوَاتُ أَقْوامٍ بَنُوْ سَرَوَاتِ طُلَّتْ دِمَاؤُهُمُ فَلَمْ يُعْرَجْ لَهُمْ بَيْنٌ وَلَمْ يُطْلَبْ لَهُمْ بِجُنَاةِ وقدِم إلى مصر داعِيَة عبد الله بْن يحيى طَالِب الحقّ ، فدعاهم ، فبايع لَهُ ناسٌ من تُجيب وغيرهم ، فبلغ ذَلكَ حسَّان بْن عَتاهِية ، فاستخرجهم ، فقتلهم حَوْثَرة . ثمَّ صرف الحَوْثَرة عَنْهَا فِي جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين ومائة ، وبعث بِهِ مَرْوان مدَدًا إلى يزيد بْن عمرو بْن هُبَيرة بالعِراق ، فحضر الحصار بواسِط ، ثمَّ قُتل مَعَ يزيد بْن هُبيرة ، واستخلف الحَوْثَرة عَلَى مِصر حسَّان بْن عَتاهِية " . وقال ابن أَبِي مَيْسَرة : استخلف عليها أَبَا الجرَّاح الجَرشيّ . فكانت ولايته عليها ثلاث سنين وستَّة أشهُر .