ذكر البيان بان باب الريان يغلق عند اخر دخول الصوام منه حتى لا يدخل منه احد غيرهم


تفسير

رقم الحديث : 3452

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزُوَةٍ غَزَاهَا ، حَتَّى كَانَتْ غَزُوَةَ تَبُوكَ إِلا بَدْرٍ ، وَلَمْ يُعَاتِبِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ ، إِنَّمَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ الْعِيرَ ، وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ مُغِيثِينَ لِعِيرِهِمْ ، فَالْتَقَوَا عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ ، وَلَعَمْرِي إِنَّ أَشْرَفَ مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ لَبَدْرٌ ، وَمَا أُحِبُّ أَنِّي كُنْتُ شَهِدْتُهَا مَكَانَ بَيْعَتِي لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلامِ ، وَلَمْ أَتَخَلَّفْ بَعْدُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزُوَةٍ غَزَاهَا ، حَتَّى كَانَتْ غَزُوَةُ تَبُوكَ ، وَهِيَ آخِرُ غَزُوَةٍ غَزَاهَا ، آذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِالرَّحِيلِ ، وَأَرَادَ أَنْ يَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزُوِهِمْ ، وَذَلِكَ حِينَ طَابَ الظِّلالُ ، وَطَابَتِ الثِّمَارُ ، وَكَانَ قَلَمَا أَرَادَ غَزُوَةً إِلا وَرَّى غَيْرَهَا ، وَكَانَ يَقُولُ : " الْحَرْبُ خُدْعَةٌ " ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزُوَةِ تَبُوكَ أَنْ يَتَأَهَّبَ النَّاسُ أُهْبَتَهُ ، وَأَنَا أَيْسَرُ مَا كُنْتُ ، قَدْ جَمَعْتُ رَاحِلَتَيْنِ لِي ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَادِيًا بِالْغَدَاةِ ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَأَصْبَحَ غَادِيًا ، فَقُلْتُ : أَنْطَلِقُ إِلَى السُّوقِ ، وَأَشْتَرِي جِهَازِي ، ثُمَّ أَلْحَقُ بِهَا ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى السُّوقِ مِنَ الْغَدِ ، فَعَسُرَ عَلَيَّ بَعْضُ شَأْنِي ، فَرَجَعْتُ ، فَقُلْتُ : " أَرْجِعُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَأَلْحَقُ بِهِمْ ، فَعَسُرَ عَلَيَّ بَعْضُ شَأْنِي أَيْضًا ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى لَبَّسَ بِيَ الذَّنْبُ ، وَتَخَلَّفْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي الأَسُوَاقِ وَأَطْرَافِ الْمَدِينَةِ ، فَيُحْزِنُنِي أَنْ لا أَرَى أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا رَجُلا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ ، وَكَانَ لَيْسَ أَحَدٌ تَخَلَّفَ إِلا أَرَى ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ ، وَكَانَ النَّاسُ كَثِيرًا لا يَجْمَعُهُمْ دِيوَانٌ ، وَكَانَ جَمِيعُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلا ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَاً ، فَلَمَّا بَلَغَ تَبُوكَاً ، قَالَ : " مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ؟ " ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي : خَلَّفَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ ، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : بِئْسَ مَا قُلْتَ ، وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا نَعْلَمُ إِلا خَيْرًا ، قَالَ : فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا رَجُلٌ يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُنَّ أَبَا خَيْثَمَةَ " ، فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزُوَةَ تَبُوكَ ، وَقَفَلَ وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ ، جَعَلْتُ أَتَذَكَّرُ مَاذَا أَخْرُجُ بِهِ مِنْ سَخَطِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأِيٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ، حَتَّى إِذَا قِيلَ : النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَبِّحُكُمْ بِالْغَدَاةِ ، رَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لا أَنْجُو إِلا بِالصِّدْقِ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحًى ، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَعَلَ ذَلِكَ ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ جَلَسَ ، فَجَعَلَ يَأْتِيهِ مَنْ تَخَلَّفَ ، فَيَحْلِفُونَ لَهُ ، وَيَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ ، فَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ ، وَيَقْبَلُ عَلانِيَتَهُمْ ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ ، فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ، فَجِئْتُ ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرًا ؟ " ، قُلْتُ : بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَقَالَ : " مَا خَلَّفَكَ عَنِّي ؟ " ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَوْ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَيْرِكَ جَلَسْتُ ، لَخَرَجْتُ مِنْ سَخَطِهِ عَلَيَّ بِعُذْرٍ ، وَلَقَدْ أُوتِيتُ جَدَلا ، وَلَكِنِّي قَدْ عَلِمْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَنِّي إِنْ حَدَّثْتُكَ الِيَوْمَ بِقَوْلٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ وَهُوَ حَقٌّ ، فَإِنِّي أَرْجُو فِيهِ عُقْبَى اللَّهِ ، وَإِنْ حَدَّثْتُكَ الِيَوْمَ بِحَدِيثٍ تَرْضَى عَنِّي فِيهِ وَهُوَ كَذِبٌ أَوْشَكَ أَنْ يُطْلِعَكَ اللَّهُ عَلَيَّ ، وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَيْسَرَ ، وَلا أَخَفَّ حَاذًا مِنِّي ، حَيْثُ تَخَلَّفْتُ عَلَيْكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا هَذَا ، فَقَدْ صَدَقَكُمُ الْحَدِيثَ ، قُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ " ، فَقُمْتُ فَثَارَ عَلَى أَثَرِي نَاسٌ مِنْ قَوْمِي يُؤَنِّبُونَنِي ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَطُّ قَبْلَ هَذَا ، فَهَلا اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُذْرٍ يَرْضَاهُ عَنْكَ فِيهِ ، وَكَانَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَأْتِي مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ ، وَلَمْ تَقِفْ مَوْقِفًا لا نَدْرِي مَاذَا يُقْضَى لَكَ فِيهِ ، فَلَمْ يَزَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ ، فَأُكَذِّبَ نَفْسِي ، فَقُلْتُ : هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ غَيْرِي ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَهُ هِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَمُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، فَذَكَرُوا رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ شَهِدَا بَدْرًا ، لِيَ فِيهِمَا أُسُوَةٌ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لا أَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي هَذَا أَبَدًا ، وَلا أُكَذِّبُ نَفْسِي ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلامِنَا أَيُّهَا الثَّلاثَةُ ، فَجَعَلْتُ أَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ ، وَلا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ ، وَتَنَكَّرَ لَنَا النَّاسُ ، حَتَّى مَا هُمْ بِالَّذِينَ نَعْرِفُ ، وَتَنَكَّرَ لَنَا الْحِيطَانُ حَتَّى مَا هِيَ بِالْحِيطَانِ الَّتِي نَعْرِفُ ، وَتَنَكَّرَتْ لَنَا الأَرْضُ ، حَتَّى مَا هِيَ بِالأَرْضِ الَّتِي نَعْرِفُ ، وَكُنْتُ أَقُوَى أَصْحَابِي ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَطُوفُ فِي الأَسُوَاقِ ، فَآتِي الْمَسْجِدَ ، وَآتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأُسَلِّمَ عَلَيْهِ ، وَأَقُولُ : هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِالسَّلامِ ، فَإِذَا قُمْتُ أُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ ، وَأَقْبَلْتُ عَلَى صَلاتِي ، نَظَرَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُؤَخِرِ عَيْنَيْهِ ، وَإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ ، أَعْرَضَ عَنِّي ، وَاشْتَكَى صَاحِبَايَ ، فَجَعَلا يَبْكِيَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وَلا يُطْلِعَانِ رُءُوسَهُمَا ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا أَطُوفُ فِي الأَسُوَاقِ ، إِذَا رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ قَدْ جَاءَ بِطَعَامٍ لَهُ يَبِيعُهُ ، يَقُولُ : مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَيَّ ، فَأَتَانِي وأَتَى بِصَحِيفَةٍ مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ ، فَإِذَا فِيهَا : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَأَقْصَاكَ وَلَسْتَ بِدَارِ هَوَانٍ وَلا مَضِيَعَةٍ ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ ، فَقُلْتُ : هَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلاءِ ، فَسَجَرْتُ لَهَا التَّنُّورَ ، فَأَحْرَقْتُهَا فِيهِ ، فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِذَا رَسُولٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَتَانِي ، فَقَالَ : اعْتَزَلِ امْرَأَتَكَ ، فَقُلْتُ : أُطَلِّقُهَا ؟ قَالَ : لا ، وَلَكِنْ لا تَقْرَبْهَا ، فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ ، فَقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّ هِلالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَعِيفٌ ، فَهَلْ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَخْدُمَهُ ، قَالَ : " نَعَمْ ، وَلَكِنْ لا يَقْرَبَنَّكِ " ، قَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، مَا بِهِ حَرَكَةٌ لِشَيْءٍ ، مَا زَالَ مُتَّكِئًا يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مُذْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ ، قَالَ كَعْبٌ : فَلَمَّا طَالَ عَلَيَّ الْبَلاءُ ، اقْتَحَمْتُ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ حَائِطَهُ ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ ، فَقُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ فَسَكَتَ ، فَقُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ فَسَكَتَ ، فَقُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحَبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ؟ فَقَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَلَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي أَنْ بَكَيْتُ ، ثُمَّ اقْتَحَمْتُ الْحَائِطَ خَارِجًا ، حَتَّى إِذَا مَضَتْ خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلامِنَا ، صَلَّيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا صَلاةَ الْفَجْرِ ، وَأَنَا فِي الْمَنْزِلَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيْنَا الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْنَا أَنْفُسُنَا ، إِذْ سَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ ذِرُوَةِ سَلْعٍ أَنْ أَبْشِرْ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا ، وَعَرَفْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَاءَنَا بِالْفَرَجِ ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ يَرْكُضُ عَلَى فَرَسٍ يُبَشِّرُنِي ، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ فَرَسِهِ ، فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبَيَّ بِشَارَةً ، وَلَبِسْتُ ثَوْبَيْنِ آخَرِينَ ، وَكَانَتْ تَوْبَتُنَا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُلُثَ اللَّيْلِ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَلا نُبَشِّرُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ ، فَقَالَ : " إِذًا يَحْطِمُكُمُ النَّاسُ وَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ " ، قَالَ : وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي ، تُخْبِرُنِي بِأَمْرِي ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ ، وَحَوْلَهُ الْمُسْلَمُونَ ، وَهُوَ يَسْتَنِيرُ كَاسْتِنَارِ الْقَمَرِ ، وَكَانَ إِذَا سُرَّ بِالأَمْرِ اسْتَنَارَ ، فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : " يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ ، أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ أَتَى عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ " ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَمِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِكَ ؟ قَالَ : " بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " ، ثُمَّ تَلا عَلَيْهِمْ : لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ سورة التوبة آية 117 ، حَتَّى بَلَغَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ سورة البقرة آية 37 ، قَالَ : وَفِينَا نَزَلَتِ اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ سورة التوبة آية 119 ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنِّي لا أُحَدِّثُ إِلا صِدْقًا ، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ ، وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " ، قَالَ : فَقُلْتُ : فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الَّذِي بِخَيْبَرَ ، قَالَ : فَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ بَعْدَ الإِسْلامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَدَقْتُهُ أَنَا وَصَاحِبَايَ ، أَنْ لا نَكُونَ كَذَبْنَا ، فَهَلَكْنَا كَمَا هَلَكُوا ، وَمَا تَعَمَّدْتُ لِكَذْبَةٍ بَعْدُ ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِيَ اللَّهُ فِيمَا بَقِيَ قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَهَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِيهِ

صحابي

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ

ثقة

الزُّهْرِيِّ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

مَعْمَرٌ

ثقة ثبت فاضل

عَبْدُ الرَّزَّاقِ

ثقة حافظ

مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ

صدوق حسن الحديث

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.