تفسير

رقم الحديث : 6358

أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنَا إِِسْحَاقُ بْنُ إِِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِِلَى مُوسَى لِيَقْبِضَ رُوحَهُ ، فَلَطَمَهُ مُوسَى ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ ، قَالَ : فَرَجَعَ إِِلَى رَبِّهِ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، أَرْسَلْتَنِي إِِلَى عَبْدٍ لا يُرِيدُ الْمَوْتَ ؟ قَالَ : ارْجِعْ إِِلَيْهِ ، فَقُلْ : إِِنْ شِئْتَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ ، فَلَكَ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ يَدُكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ : ثُمَّ مَاذَا ؟ ، قَالَ : ثُمَّ الْمَوْتُ ، قَالَ : فَالآنَ يَا رَبِّ ، قَالَ : فَسَأَلَ اللَّهُ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةَ حَجَرٍ " ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَوْ كُنْتُ ثَمَّتَ ، لأَرَيْتُكُمْ مَوْضِعَ قَبْرِهِ إِِلَى جَانِبِ الطُّورِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ " ، قَالَ مَعْمَرٌ : وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِثْلَهُ ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : إِِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلا بَعَثَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلِّمًا لِخَلْقِهِ ، فَأَنْزَلَهُ مَوْضِعَ الإِِبَانَةِ عَنْ مُرَادِهِ ، فَبَلَّغَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِسَالَتَهُ ، وَبَيَّنَ عَنْ آيَاتِهِ بِأَلْفَاظٍ مُجْمَلَةٍ وَمُفَسَّرَةٍ ، عَقَلَهَا عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَوْ بَعْضُهُمْ ، وَهَذَا الْخَبَرُ مِنَ الإِِخْبَارِ الَّتِي يُدْرِكُ مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَحْرُمِ التَّوْفِيقَ لإِِصَابَةِ الْحَقِّ ، وَذَاكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلا أَرْسَلَ مَلَكَ الْمَوْتِ إِِلَى مُوسَى رِسَالَةَ ابْتِلاءٍ وَاخْتِبَارٍ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ : أَجِبْ رَبَّكَ ، أَمْرَ اخْتِبَارٍ وَابْتِلاءٍ ، لا أَمْرًا يُرِيدُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلا إِِمْضَاءَهْ ، كَمَا أَمَرَ خَلِيلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ بِذِبْحِ ابْنِهِ أَمْرَ اخْتِبَارٍ وَابْتِلاءٍ ، دُونَ الأَمْرِ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلا إِِمْضَاءَهُ ، فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى ذَبْحِ ابْنِهِ ، وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ، فَدَاهُ بِالذَّبْحِ الْعَظِيمِ ، وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلا الْمَلائِكَةَ إِِلَى رُسُلِهِ فِي صُوَرٍ لا يَعْرِفُونَهَا ، كَدُخُولِ الْمَلائِكَةِ عَلَى رَسُولِهِ إِِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَعْرِفْهُمْ ، حَتَّى أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ، وَكَمَجِيءِ جِبْرِيلَ إِِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُؤَالِهِ إِِيَّاهُ عَنِ الإِِيمَانِ وَالإِِسْلامِ ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَلَّى ، فَكَانَ مَجِيءُ مَلَكِ الْمَوْتِ إِِلَى مُوسَى عَلَى غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَيْهَا ، وَكَانَ مُوسَى غَيُورًا ، فَرَأَى فِي دَارِهِ رَجُلا لَمْ يَعْرِفْهُ ، فَشَالَ يَدَهُ فَلَطَمَهُ ، فَأَتَتْ لَطْمَتُهُ عَلَى فَقْءِ عَيْنِهِ الَّتِي فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَتَصَوَّرُ بِهَا ، لا الصُّورَةِ الَّتِي خَلْقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا ، وَلَمَّا كَانَ الْمُصَرَّحُ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، حَيْثُ قَالَ : " أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ " ، فَذَكَرَ الْخَبَرَ ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ : " هَذَا وَقْتُكَ وَوَقْتُ الأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ " : كَانَ فِي هَذَا الْخَبَرِ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ أَنَّ بَعْضَ شَرَائِعِنَا قَدْ تَتَّفِقُ بِبَعْضِ شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الأُمَمِ ، وَلَمَّا كَانَ مِنْ شَرِيعَتِنَا أَنَّ مَنْ فَقَأَ عَيْنَ الدَّاخِلِ دَارَهُ بِغَيْرِ إِِذْنِهِ ، أَوِ النَّاظِرِ إِِلَى بَيْتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ مِنْ غَيْرِ جُنَاحٌ عَلَى فَاعِلِهِ ، وَلا حَرَجٍ عَلَى مُرْتَكِبِهِ ، لِلأَخْبَارِ الْجَمَّةِ الْوَارِدَةِ فِيهِ الَّتِي أَمْلَيْنَاهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا : كَانَ جَائِزًا اتِّفَاقُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ بِشَرِيعَةِ مُوسَى ، بِإِِسْقَاطِ الْحَرَجِ عَمَّنْ فَقَأَ عَيْنَ الدَّاخِلِ دَارَهُ بِغَيْرِ إِِذْنِهِ ، فَكَانَ اسْتِعْمَالُ مُوسَى هَذَا الْفِعْلِ مُبَاحًا لَهُ ، وَلا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ ، فَلَمَّا رَجَعَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِِلَى رَبِّهِ ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ مُوسَى فِيهِ ، أَمَرَهُ ثَانِيًا بِأَمْرِ آخَرَ ، أَمْرَ اخْتِبَارٍ وَابْتِلاءٍ كما ذَكَرْنَا قَبْلُ ، إِِذْ قَالَ اللَّهُ لَهُ : قُلْ لَهُ : إِِنْ شِئْتَ ، فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ ، فَلَكَ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ يَدُكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ ، فَلَمَّا عَلِمَ مُوسَى كَلِيمُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، وَأَنَّهُ جَاءَهُ بِالرِّسَالَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، طَابَتْ نَفْسُهُ بِالْمَوْتِ ، وَلَمْ يَسْتَمْهِلْ ، وَقَالَ : فَالآنَ ، فَلَوْ كَانَتِ الْمَرَّةُ الأُولَى عَرَفَهُ مُوسَى أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، لاسْتَعْمَلَ مَا اسْتَعْمَلَ فِي الْمَرَّةِ الأُخْرَى عِنْدَ تَيَقُّنِهِ وَعِلْمِهِ بِهِ ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ ، وَرُعَاةُ اللَّيْلِ ، يَجْمَعُونَ مَا لا يَنْتَفِعُونَ بِهِ ، وَيَرْوُونَ مَا لا يُؤْجَرُونَ عَلَيْهِ ، وَيَقُولُونَ بِمَا يُبْطِلُهُ الإِِسْلامُ ، جَهْلا مِنْهُ لِمَعَانِي الأَخْبَارِ ، وَتَرْكَ التَّفَقُّهِ فِي الآثَارِ ، مُعْتَمِدًا مِنْهُ عَلَى رَأْيِهِ الْمَنْكُوسِ ، وَقِيَاسِهِ الْمَعْكُوسِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

أَبِيهِ

ثقة إمام فاضل

ابْنِ طَاوُسٍ

ثقة

مَعْمَرٌ

ثقة ثبت فاضل

الْحَسَنَ

ثقة يرسل كثيرا ويدلس

عَبْدُ الرَّزَّاقِ

ثقة حافظ

إِِسْحَاقُ بْنُ إِِبْرَاهِيمَ

ثقة حافظ إمام

مَنْ

مَعْمَرٌ

ثقة ثبت فاضل

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.