وحَدَّثَنَا وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْعُكْلِيُّ ، عَنِ الْحِرْمَازِيِّ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ ، قَالَ : قَالَ مُعَاوِيَةُ لِضِرَارٍ الصُّدَائِيِّ : يَا ضِرَارُ ، صِفْ لِي عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : اعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : لَتَصِفَنَّهُ ، قَالَ : أَمَّا إِذْ لابُدَّ مِنْ وَصْفِهِ ، فَكَانَ وَاللَّهِ بَعِيدَ الْمَدَى ، شَدِيدَ الْقُوَى ، يَقُولُ فَصْلا ، وَيَحْكُمُ عَدْلا ، يَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ ، وَتَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِيهِ ، يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا ، وَيَسْتَأْنِسُ بِاللَّيْلِ وَوَحْشَتِهِ ، وَكَانَ وَاللَّهِ غَزِيرَ الْعِبْرَةِ ، طَوِيلَ الْفِكْرَةِ ، يُقَلِّبُ كَفَّهُ ، وَيُخَاطِبُ نَفْسَهُ ، يَعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا قَصُرَ ، وَمِنَ الطَّعَامِ مَا خَشُنَ ، كَانَ فِينَا كَأَحَدِنَا يُجِيبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ وَيُنَبِّئُنَا إِذَا اسْتَنْبَأْنَاهُ ، وَنَحْنُ مَعَ تَقْرِيبِهِ إِيَّانَا وَقُرْبِهِ مِنَّا لا نَكَادُ نُكَلِّمُهُ لِهَيْبَتِهِ ، وَلا نَبْتَدِئُهُ لِعَظَمَتِهِ ، يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ ، وَيُحِبُّ الْمَسَاكِينَ ، لا يَطْمَعُ الْقَوِيُّ فِي بَاطِلِهِ ، وَلا يَيْأَسُ الضَّعِيفُ مِنْ عَدْلِهِ ، وَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سَدُولَهُ ، وَغَارَتْ نُجُومُهُ ، وَقَدْ مَثُلَ فِي مِحْرَابِهِ قَابِضًا عَلَى لِحْيَتِهِ يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ ، وَيَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ ، وَيَقُولُ : يَا دُنْيَا ، غري غيري إِلَى تعرضت ، أم إِلَى تشوقت ، هيهات هيهات ! قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعمرك قصير ، وخطرك حقير ، آه من قلة الزاد ، وبعد السفر ، ووحشة الطريق ! فبكى معاوية رحمه الله وقَالَ : رحم الله أبا الحسن ، فلقد كان كذلك ، فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ قَالَ : حزن مع ذبح واحدها فِي حجرها .
الأسم | الشهرة | الرتبة |