حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ زِيَادٍ التَّاجِرُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُكْرَمُ بْنُ مُحْرِزِ بْنِ الْمَهْدِيِّ نِسْبَتُهُ إِلَى الأَزْدِ وَيُكْنَى مُكْرَمٌ : بِأَبِي الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي سُوقِ قُدَيْدٍ قَالَ مُكْرَمٌ حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ حِزَامِ بْنِ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَتِيلِ الْبَطْحَاءِ يَوْمَ الْفَتْحِ ، حِزَامٌ الْمُحَدِّثُ ، عَنْ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ وَهُوَ أَخُو عَاتِكَةَ بِنْتِ خَالِدٍ الَّتِي كُنْيَتُهَا أُمُّ مَعْبَدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ أُخْرِجَ مِنْ مَكَّةَ : خَرَجَ مِنْهَا مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، وَدَلِيلُهُمَا اللَّيْثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُرَيْقِطٍ ، مَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ ، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُشَتِّينَ ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ ، فَقَالَ : " مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ قَالَتْ : شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ ، قَالَ : " هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ ؟ قَالَتْ : هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ : أَتَأْذَنِينَ لِي أَنْ أَحْلِبَهَا ؟ قَالَتْ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي نَعَمْ إِنْ رَأَيْتَ بِهَا لَبَنًا فَاحْلُبْهَا ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا ، وَسَمَّى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَا لَهَا فِي شَأْنِهَا ، فَتَفَاجَّتْ عَلَيْهِ ، وَدَرَّتْ ، وَاجْتَرَّتْ ، وَدَعَا بِإِنَاءٍ يَرْبِضُ الرَّهْطَ ، فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا حَتَّى عَلاهُ الْبَهَاءُ ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رَوِيَتْ ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ ، حَتَّى رَوَوْا ، ثُمَّ شَرِبَ آخِرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ أَرَاضُوا ، ثُمَّ حَلَبَ فِيهِ ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ ، حَتَّى مَلأَ الإِنَاءَ ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا ، تَابَعَهَا وَارْتَحَلُوا عَنْهَا ، فَقَلَّ مَا لَبِثَتْ أَنْ جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ ، يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَشَارَكْنَ هَزْلَى مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ ، اللَّبَنَ عَجِبَ ، وَقَالَ : مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا اللَّبَنُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ، وَالشَّاءُ عَازِبٌ حِيَالٌ وَلا حَلُوبَ فِي الْبَيْتِ ؟ قَالَتْ : لا وَاللَّهِ ، إِلا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ ، مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا قَالَ : صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ قَالَتْ : " رَأَيْتُ رَجُلا ظَاهَرَ الْوَضَاءَةِ أَبْلَجَ الْوَجْهِ ، حَسَنَ الْخَلْقِ ، لَمْ تَعِبْهُ نُحْلَةٌ ، وَلَمْ يُزْرِهِ صُقْلَةٌ ، وَسِيمًا قَسِيمًا ، فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ ، وَفِي أَشْفَارِهِ غَطَفٌ ، وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ ، أَزَجُّ أَقْرَنُ ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلاهُ الْبَهَاءُ ، أَجْمَلُ النَّاسِ مِنْ بَعِيدٍ ، وَأَحْلاهُ وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ ، فَصْلٌ ، لا نَزْرٌ وَلا هَذْرٌ ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَنْحَدِرْنَ ، رَبْعَةً ، لا بَايِسَ مِنْ طُولٍ ، وَلا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ ، فَهُوَ أَنْظَرُ الثَّلاثَةِ مَنْظَرًا وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا ، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَهُ ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ ، لا عَابِسٌ وَلا مُعْتَدٍ " ، قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ : هُوَ وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذُكِرَ بِمَكَّةَ ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ ، وَلأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلا فَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالِيًا ، يَسْمَعُونَ وَلا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ ؟ وَهُوَ يَقُولُ : جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ رَفِيقَيْنِ قَالا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلاهَا بِالْهُدَى ، فَاهْتَدَتْ بِهِ فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ فَيَا لِقُصَيٍّ ، مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمْ بِهِ مِنْ فعالٍ لا يُجَازَى وَسُؤْدَدِ لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَقَامَ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدَهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ عَلَيْهَا صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدٍ قَالَ : فَلَمَّا سَمِعَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَاعِرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِهَتْفِ الْهَاتِفِ ، شَبَّبَ بِجَوَابِ الْهَاتِفِ ، وَهُوَ يَقُولُ : لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهُمْ وَقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَعْتَدِ تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ ، فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلالَةِ رَبُّهُمْ وَأَرْشَدَهُمْ ، مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يَرْشُدِ وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا عَمَايَتُهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدِي وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ رِكَابُ هُدًى ، حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعَدِ نَبِيّ يَرَى مَا لا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ لِيَهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةَ جَدِّهِ بِصُحْبَتِهِ ، مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ لِيَهْنِ بَنِي كَعْبٍ مَقَامَ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدَهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ " ، قَالَ مُكْرَمٌ : مَعْنَى قَوْلِهَا : يَرْبِضُ الرَّهْطَ : يَرْوِيهِمْ ، وَالْعَازِبُ : الْغَائِبُ عَنْ أَهْلِهِ ، وَالْحِيَالُ : الَّتِي قَدْ مَرَّ لَهَا حَوْلٌ وَلَيْسَ بِهَا لَبَنٌ وَلَمْ يَقْرَبْهَا فَحْلٌ ، وَقَوْلُهُ : ثُمَّ أَرَاضُوا : أَرَاحُوا ، وَالصَّقْلُ : هُوَ اللَّوْنُ الْحَسَنُ ، وَالْوَسِيمُ الصَّبِيحُ ، وَالْقَسِيمُ النَّصَف ، الصَّحَلُ : صِحَّةُ الصَّوْتِ وَصَلابَتُهُ ، وَالسَّطَعُ : طُولُ الْعُنُقِ ، وَالْكَثَاثَةُ : الْغِلَظُ ، أَزَجُّ : طَوِيلُ الْحَاجِبَيْنِ ، وَالأَقْرَنُ : الْمُسْتِجْمِعُ شَعْرَ الْحَاجِبَيْنِ ، وَالنَّزْرُ : الْقَلِيلُ ، وَالْهَذْرُ : الَّذِي يَهْذِرُ بِالْكَلامِ كَثْرَةً .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
حُبَيْشِ بْنِ خَالِدٍ | حبيش بن خالد الخزاعي | صحابي |
حِزَامِ بْنِ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشٍ | حزام بن حبيش الخزاعي | صدوق حسن الحديث |
أَبِي | محرز بن المهدي | مقبول |
مُكْرَمُ بْنُ مُحْرِزِ بْنِ الْمَهْدِيِّ | مكرم بن محرز الخزاعي / ولد في :150 / توفي في :249 | صدوق حسن الحديث |
أَبُو أَحْمَدَ هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ زِيَادٍ التَّاجِرُ | هارون بن يوسف الشطوي / توفي في :303 | ثقة |