أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ الْقَاضِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو السُّكَيْنِ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ أَبِي حِصْنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ خُرَيْمِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ لامٍ الْكُوفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ زَحْرِ بْنِ حِصْنٍ ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ ، قَالَ : " كَانَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ عِنْدَ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ ، وَكَانَ الْفَاكِهُ مِنْ فَتَيَانِ قُرَيْشٍ ، وَكَانَ لَهُ بَيْتٌ لِلضِّيَافَةِ يَغْشَاهُ النَّاسُ عَلَى غَيْرِ إِذْنٍ ، فَخَلا ذَلِكَ الْبَيْتُ يَوْمًا وَاضْطَجَعَ الْفَاكِهُ وَهِنْدٌ فِيهِ فِي وَقْتِ الْقَائِلَةِ ثُمَّ خَرَجَ الْفَاكِهُ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ ، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ كَانَ يَغْشَاهُ فَوَلَجَ الْبَيْتَ ، فَلَمَّا رَأَى الْمَرْأَةَ ، يَعْنِي هِنْدًا وَلَّى هَارِبًا وَأَبْصَرَهُ الْفَاكِهُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْبَيْتِ ، فَأَقْبَلَ إِلَى هِنْدٍ فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ لَهَا : مَنْ هَذَا الَّذِي كَانَ عِنْدَكِ ؟ قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا ، وَلا انْتَبَهْتُ حَتَّى أَنْبَهْتَنِي ؛ قَالَ لَهَا : الْحَقِي بِأَبِيكِ ، وَتَكَلَّمَ فِيهَا النَّاسُ ، فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا : يَا بُنَيَّةُ ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِيكِ فَأَنْبِئِينِي نَبَأَكِ ، فَإِنْ يَكُنِ الرَّجُلُ عَلَيْكِ صَادِقًا دَسَسْتُ إِلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُهُ فَتَنْقَطِعُ عَنْكِ الْقَالَةُ ، وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا حَاكَمْتُهُ إِلَى بَعْضِ كُهَّانِ الْيَمَنِ ، فَحَلَفْتُ لَهُ بِمَا كَانُوا يَحْلِفُونَ بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ عَلَيْهَا . فَقَالَ عُتْبَةُ لِلِفَاكِهِ : يَا هَذَا إِنَّكَ قَدْ رَمَيْتَ ابْنَتِي بِأَمْرٍ عَظِيمٍ فَحَاكِمْنِي إِلَى بَعْضِ كُهَّانِ الْيَمَنِ ، فَخَرَجَ الْفَاكِهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ ، وَخَرَجَ عُتْبَةُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَخَرَجُوا مَعَهُمْ بِهِنْدٍ ، وَنِسْوَةٌ مَعَهَا ، فَلَمَّا شَارَفُوا الْبِلادَ قَالُوا : غَدًا نَرِدُ عَلَى الْكَاهِنِ ، فَتَنَكَّرَتْ حَالُ هِنْدٍ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهَا ، فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا : إِنِّي قَدْ أَرَى مَا بِكِ مِنْ تَنَكُّرِ الْحَالِ وَمَا ذَاكَ إِلا لِمَكْرُوهٍ عِنْدَكِ ، فَأَلا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ نُشْهِدَ النَّاسَ مَسِيرَنَا ، قَالَتْ : لا وَاللَّهِ يَا أَبَتَاهُ مَا ذَاكَ لِمَكْرُوهٍ وَلَكِنِّي أَعْرِفُ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ بَشَرًا يُخْطِئُ وَيُصِيبُ ، وَلا آمَنُهُ أَنْ يَسِمَنِي مَيْسَمًا يَكُونُ عَلَيَّ سُبَّةً فِي الْعَرَبِ ، قَالَ : إِنِّي سَوْفَ أَخْتَبِرُهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَمْرِكِ فَضَفَرَ بِفَرَسٍ حَتَّى أَدْلَى ثُمَّ أَخَذَ حَبَّةً مِنْ حِنْطَةٍ فَأَدْخَلَهَا فِي أَحْلِيلِهِ وَأَوْكَأَ عَلَيْهَا بِسَيْرٍ ، فَلَمَّا وَرَدُوا عَلَى الْكَاهِنِ أَكْرَمَهُمْ وَنَحَرَ لَهُمْ ، فَلَمَّا تَغَدَّوْا ، قَالَ لَهُ عُتْبَةُ : إِنَّا قَدْ جِئْنَاكَ فِي أَمْرٍ وَإِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبْئًا أَخْتَبِرُكَ بِهِ ؛ فَانْظُرْ مَا هُوَ ؟ قَالَ : تَمْرَةٌ فِي كَمَرَةٍ ، قَالَ : أُرِيدُ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا ؛ قَالَ : حَبَّةٌ مِنْ بُرٍّ فِي إِحْلِيلِ مُهْرٍ ؛ قَالَ : صَدَقْتَ ، انْظُرْ فِي أَمْرِ هَؤُلاءِ النِّسْوَةِ ، فَجَعَلَ يَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ فَيَضْرِبُ لعلها كنفهَا وَيَقُولُ : انْهَضِي ، حَتَّى دَنَا مِنْ هِنْدَ فَضَرَبَ لَعَلَّهَا كَنَفُهَا وَقَالَ : انْهَضِي غَيْرَ وَسْخَاءٍ ، وَلا زَانِيَةٍ ، وَلَتلدن مَلِكًا يُقَالُ لَهُ : مُعَاوِيَةُ ، فَوَثَبَ إِلَيْهَا الْفَاكِهُ فَأَخَذَ بِيَدِهَا ، فَنَثَرَتْ يَدَهَا مِنْ يَدِهِ ، وَقَالَتْ : إِلَيْكَ فَوَاللَّهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِكَ ، فَتَزَوَّجَهَا أَبُو سُفْيَانَ فَجَاءَتْ بِمُعَاوِيَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |