أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ : ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، ثنا أَبُو مُقَاتِلٍ يَعْنِي حَفْصَ بْنَ سَلْمٍ ، ثنا عَوْنُ بْنُ أَبِي شَدَّادٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، " فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ لابْنِهِ : يَا بُنَيّ ، لا تَنْتَفِعْ بِالإِيمَانِ إِلا بِالْعَقْلِ ، فَإِنَّ الإِيمَانَ قَائِدٌ ، وَالْعَمَلَ سَائِقٌ ، وَالنَّفْسَ حَرُونٌ ، فَإِنْ فَتَرَ سَائِقُهَا ضَلَّتْ عَنِ الطَّرِيقِ ، فَلَمْ تَسْتَقِمْ لِصَاحِبِهَا ، وَإِنْ فَتَرَ قَائِدُهَا حَرَنَتْ ، فَلَمْ يَنْتَفِعْ سَائِقُهَا ، فَإِذَا اجْتَمَعَ ذَلِكَ اسْتَقَامَتْ طَوْعًا وَكَرْهًا ، وَلا يَسْتَقِيمُ الدِّينُ إِلا بِالتَّطَوُّعِ وَالْكُرْهِ ، إِنْ كَانَ الإِنْسَانُ كُلَّمَا كَرِهَ مِنَ الدِّينِ شَيْئًا تَرَكَهُ ، أَوْشَكَ أَنْ لا يَبْقَيَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلا تَقْنَعْ لِنَفْسِكَ بِقَلِيلٍ مِنَ الإِيمَانِ ، وَلا تَقْنَعْ لَهَا بِضَعِيفٍ مِنَ الْعَمَلِ ، وَلا تُرَخِّصْ لَهَا فِي قَلِيلٍ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلا تَعِدْهَا بِشَيْءٍ مِنَ اسْتِحْلالِ الْحَرَامِ ، فَإِنَّ النَّفْسَ إِذَا أُطْمِعَتْ طَمِعَتْ ، وَإِذَا أَيِسْتَهَا أَيِسَتْ ، وَإِذَا أَقْنَعْتَهَا قَنِعَتْ ، إِذَا أَرْخَيْتَ لَهَا طَغَتْ ، وَإِذَا زَجَرَتْهَا انْزَجَرَتْ ، وَإِذَا عَزَمْتَ عَلَيْهَا أَطَاعَتْ ، وَإِذَا فَوَّضْتَ إِلَيْهَا أَسَاءَتْ ، وَإِذَا حَمَلْتَهَا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ صَلَحَتْ ، وَإِذَا تَرَكْتَ الأَمْرَ إِلَيْهَا فَسَدَتْ ، فَاحْذَرْ نَفْسَكَ وَاتَّهِمْهَا عَلَى دِينِكَ ، وَأَنْزِلْهَا مَنْزِلَةَ مَنْ لا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا ، وَلا بُدَّ مِنْهَا ، فَإِنَّ لا حَاجَةَ لَكَ فِي بَاطِلِهَا ، وَلا بُدَّ لَكَ مِنْ تُهْمَتِهَا ، وَلا تَغْفَلْهَا عَنِ الزَّجْرِ فَتَفْسَدْ عَلَيْكَ ، وَلا تَأْمَنْهَا فَتَغْلِبْكَ ، فَإِنَّهُ مَنْ قَوَّمَ نَفْسَهُ حَتَّى تَسْتَقِيمَ ، فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْفَعَ نَفْسَهُ وَغَيْرَهَا ، وَمَنْ غَلَبَتْهُ نَفْسُهُ فَأَنْفُسُ النَّاسِ أَحْرَى أَنْ تَغْلِبَهُ ، وَكَيْفَ لا يَضْعُفُ عَنْ وَقَدْ ضَعُفَ أَنْفُسِ النَّاسِ عَنْ نَفْسِهِ ؟ ! وَكَيْفَ يُؤْمَنُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّفْسِ ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى نَفْسِهِ ؟ ! وَكَيْفَ يُهْتَدَى بِمَنْ قَدْ أَضَلَّ نَفْسَهُ ؟ وَكَيْفَ يُرْجَا مَنْ قَدْ حُرِمَ حَظَّ نَفْسِهِ ؟ يَا بُنَيَّ ! ثَقِّفْهُمْ بِالْحِكْمَةِ وَاسْتَعِنْ بِمَا فِيهَا ، فَإِنْ وَافَقَكَ الْهَوَى أَوْ خَالَفَكَ ، فَاصْبِرْ نَفْسَكَ لِلْحَقِّ ، وَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحِكَمِ ، فَإِنَّ الْحَكِيمَ يُذِلُّ نَفْسَهُ بِالْمَكَارِهِ حَتَّى تَعْتَرِفَ بِالْحَقِّ ، وَإِنَّ الأَحْمَقَ يُخَيِّرُ نَفْسَهُ فِي الأَخْلاقِ ، فَمَا أَحَبَّتْ مِنْهَا أَحَبَّ ، وَمَا كَرِهَتْ مِنْهَا كَرِهَ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |