وَقَالَ قَتَادَةُ ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى , " لَقِيتُ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ فِي اللَّفْظِ ، وَاجْتَمَعُوا فِي الْمَعْنَى " . وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى اتِّبَاعِ اللَّفْظِ ، قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا كَمَا سَمِعَهَا " . أَوْ قَالَ : " فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا " . وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ عِنْدَ مَضْجَعِهِ فِي دُعَاءٍ عَلَّمَهُ : " آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ " . فَقَالَ الرَّجُلُ : وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ " . قَالُوا : أَفَلا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُسَوِّغْ لِمَنْ عَلَّمَهُ الدُّعَاءَ مُخَالَفَةَ اللَّفْظِ ، وَقَالَ : " فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا " . فَقِيلَ لَهُمْ : أَمَّا قَوْلُهُ : " فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا " . فَالْمُرَادُ مِنْهُ حُكْمُهَا لا لَفْظُهَا ، لأَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِهِ ، وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْخِطَابِ حُكْمُهُ ، قَوْلُهُ : " فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ " . وَأَمَّا رَدُّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ الرَّجُلَ مِنْ قَوْلِهِ : " بِرَسُولِكَ " . إِلَى قَوْلِهِ : " وَبِنَبِيِّكَ " . فَإِنَّ النَّبِيَّ أَمْدَحُ ، وَلِكُلِّ نَعْتٍ مِنْ هَذَيْنِ النَّعْتَيْنِ مَوْضِعٌ ، أَلا تَرَى أَنَّ اسْمَ الرَّسُولَ يَقَعُ عَلَى الْكَافَّةِ ، وَاسْمُ النَّبِيِّ لا يَسْتَحِقُّهُ إِلا الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وَإِنَّمَا فُضِّلَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الأَنْبِيَاءِ لأَنَّهُمْ جَمَعُوا النُّبُوَّةَ وَالرِّسَالَةَ جَمِيعًا ، فَلَمَّا قَالَ : " وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ " جَاءَ بِالنَّعْتِ الأَمْدَحِ وَقَيَّدَهُ بِالرِّسَالَةِ بِقَوْلِهِ : " الَّذِي أَرْسَلْتَ " وَبَيَانٌ آخَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ هُوَ الْمُعَلِّمُ لِلرَّجُلِ الدُّعَاءَ ، وَإِنَّمَا الْقَوْلُ فِي اتِّبَاعِ اللَّفْظِ ، إِذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ حَاكِيًا لِكَلامِ غَيْرِهِ ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقَلَ الرَّجُلَ مِنْ قَوْلِهِ : " وَبِرَسُولِكَ " . إِلَى قَوْلِهِ : " وَبِنَبِيِّكَ " . لِيَجْمَعَ بَيْنَ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ ، وَمُسْتَقْبَحٌ فِي الْكَلامِ أَنْ يَقُولَ : هَذَا رَسُولُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ ، وَهَذَا قَتِيلُ زَيْدٍ الَّذِي قَتَلْتُهُ ، لأَنَّكَ تَجْتَزِئُ بِقَوْلِكَ رَسُولَ فُلانٍ وَقَتِيلَ فُلانٍ ، عَنْ إِعَادَةِ اسْمِ الْمُرْسَلِ وَالْقَاتِلِ ، إِذَا كُنْتَ لا تُفِيدُ بِهِ إِلا الْمَعْنَى الأَوَّلَ ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ أَنْ تَقُولَ : هَذَا رَسُولُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَى عَمْرٍو ، وَهَذَا قَتِيلُ زَيْدٍ بِالأَمْسِ أَوْ فِي وَقْعَةِ كَذَا ، وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |