حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا جُنَيْدُ بْنُ حَكِيمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتَّابٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : " حَضَرْتُ شُعْبَةَ وَسُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي صِحْنَاةٍ ، فَلَمْ يُحْسِنْ يُجِيبُ عَنْهَا " . قَالَ الْقَاضِي : وَلَيْسَ لِلرَّاوِي الْمُجَرَّدِ أَنْ يَتَعَرَّفَ لَمَّا لا يَكْمُلُ لَهُ ، فَإِنَّ تَرْكَهُ مَا لا يَعْنِيهِ أَوْلَى بِهِ وَأَعْذَرُ لَهُ ، وَكَذَلِكَ سَبِيلُ كُلِّ ذِي عِلْمٍ وَكَانَ حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السِّيرْجَانِيُّ ، قَدْ أَكْثَرَ مِنَ السَّمَاعِ وَأَغْفَلَ الاسْتِبْصَارَ ، فَعَمِلَ رِسَالَةً سَمَّاهَا السُّنَّةُ وَالْجَمَاعَةُ . تَعَجْرَفَ فِيهَا ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهَا بَعْضُ الْكَتَبَةِ مِنْ أَبْنَاءِ خُرَاسَانَ مِمَّنْ يُتَعَاطَى الْكَلامَ ، وَيُذْكَرُ بِالرِّيَاسَةِ فِيهِ وَالتَّقَدُّمِ ، فَصَنَّفَ فِي ثَلْبِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ كِتَابًا تَلَفَّظَ فِيهِ مِنْ كَلامِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَابْنِ الْمَدِينِيِّ ، وَمِنْ كِتَابِ التَّدْلِيسِ لِلْكَرَابِيسِيِّ ، وَتَارِيخِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ ، وَالْبُخَارِيِّ ، مَا شَنِعَ بِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ شُيُوخِ الْعِلْمِ ، خَلَطَ الْغَثَّ بِالسَّمِينِ ، وَالْمَوْثُوقَ بِالظَّنِينِ ، وَادَّعَى دَعَاوَى لَمْ يَضْبِطْ أَكْثَرَهَا ، وَلا عَرَفَ وُجُودَ التَّصَرُّفِ فِيهَا ، وَتَسَاخَفَ فِي حِكَايَاتٍ أَوْرَدَهَا ، وَرِوَايَاتٍ أَسْنَدَهَا إِلَى رِجَالٍ لَهُ ، مِمَّنْ لا يُعَدُّ كَلامُهُ مِنْ عَمَلِهِ ، وَلا لَهُ وَاعِظٌ يَزْجُرُهُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَلَوْ أَنْصَفَ لأَيْقَنَ أَنَّ الْغَامِزَ عَلَى حِزْبِهِ أَكْثَرُ ، وَالْخِلافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ كُبَرَاءِ أَهْلِ مَقَالَتِهِ أَوْسَعُ ، وَمَا يَلْحَقُ بِهِ وَبِهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّنَاعَةِ أَعْظَمُ ، وَلَقَادَهُ الإِنْصَافُ إِلَى أَنْ يَحْكُمَ عَلَى نَفْسِهِ بِمِثْلِ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَى خَصْمِهِ ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ ابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ ، فِيمَنْ ذَكَرَهُ ، وَعَيَّرَهُ بِتَقْلِيدِ الأَعْمَالِ ، وَأَنَّهُ عَزَّرَ رَجُلا فَمَاتَ ، وَهُوَ مَعَ هَذَا الْقَوْلِ فِي ابْنِ شِهَابٍ ، حَامِلُ سَيْفٍ تَارَةً ، وَصَاحِبُ قَلَمٍ أُخْرَى ، يَمْضِيَانِ عَلَى غَيْرِ مُرَادَهُ ، وَيَعْصِيَانِ اللَّهَ فِي عِبَادِهِ ، عَلَى أَنَّ مَا حَكَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ نَادِرٌ شَاذُّ ، وَأَمْرُهُ حَاضِرٌ مُشَاهَدَةٌ ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى مَا بَيَّنَ مِنْ دَلائِلِ التَّوْحِيدِ ، وَعَظَّمَ مِنْ شَأْنِ الْوَعِيدِ ، لَكَانَ كَأَحَدِ الْمُتَكَلِّفِينَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ وَلا يَأْتَمِرُونَ ، وَيَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ ، وَجَدِيرٌ أَنْ يَعْقِلَ اللِّسَانُ عَنِ الْخَطْلِ ، وَيُقْرِنَ الْعِلْمَ بِصَالِحِ الْعَمَلِ ، مَنْ كَانَ ذَا فَهْمٍ ثَاقِبٍ ، وَلِسَانٍ بَيِّنٍ ، لِيَكُونَ الْعَمَلُ دَاعِيًا ، وَالْعِلْمُ هَادِيًا ، وَاللِّسَانُ مُعَبِّرًا ، وَلَوْ كَانَ حَرْبٌ مُؤَيِّدًا مَعَهُ الرِّوَايَةَ بِالْفَهْمِ لأَمْسَكَ مِنْ عَنَانِهِ ، وَدَرَى مَا يَخْرُجُ مِنْ لِسَانِهِ ، وَلَكِنَّهُ تَرَكَ أُولاهَا ، فَأَمْكَنَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِالْعِلْمِ ، وَلا يَجْعَلَنَا مِنْ حَمَلَةِ أَسْفَارِهِ ، وَالأَشْقِيَاءِ بِهِ ، إِنَّهُ وَاسِعٌ لَطِيفٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |