اسلام عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه ويكنى ابا نجيح


تفسير

رقم الحديث : 11

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْمَكِّيُّ ، ثنا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ ، قَالَ : ثنا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ ، قَالَ : ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ سَلامَةَ الْعِجْلِيِّ ، قَالَ : جَاءَ ابْنُ أُخْتٍ لِي مِنَ الْبَادِيَةِ يُقَالَ لَهُ قُدَامَةُ ، فَقَالَ لِيَ ابْنُ أُخْتِي : أُحِبُّ أَنْ أَلْقَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ فَأُسَلِّمَ عَلَيْهِ ، فَخَرَجْنَا فَوَجَدْنَاهُ بِالْمَدَائِنِ , وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفًا ، وَوَجَدْنَاهُ عَلَى سَرِيرٍ يَسُفُّ خُوصًا , فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ ، قُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، هَذَا ابْنُ أُخْتٍ لِي قَدِمَ عَلَيَّ مِنَ الْبَادِيَةِ فَأَحَبَّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْكَ ، قَالَ : وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، وَعَلَيْهِ السَّلامُ , قُلْتُ : يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّكَ ، قَالَ : أَحَبَّهُ اللَّهُ ، قَالَ : فتَحَدَّثْنَا ، فَقُلْنَا لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، أَلا تُحَدِّثُنَا عَنْ أَصْلِكَ وَمِمَّنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَمَّا أَصْلِي وَمِمَّنْ أَنَا ، فَأَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ رَامَهُرْمُزَ ، كُنَّا قَوْمًا مَجُوسًا ، فَأَتَانَا رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ كَانَتْ أُمُّهُ مِنَّا ، فَنَزَلَ فِينَا وَاتَّخَذَ فِينَا دَيْرًا ، وَكُنْتُ فِي كُتَّابِ الْفَارِسِيَّةِ ، فَكَانَ لا يَزَالُ غُلامٌ مَعِي فِي الْكُتَّابِ يَجِيءُ مَضْرُوبًا يَبْكِي , قَدْ ضَرَبَهُ أَبَوَاهُ ، فَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : يَضْرِبُنِي أَبَوَايَ ، قُلْتُ : وَلِمَ يَضْرِبَانِكَ ؟ قَالَ : آتِي صَاحِبَ هَذَا الدَّيْرِ , فَإِذَا عَلِمَا ذَلِكَ ضَرَبَانِي ، وَأَنْتَ لَوْ أَتَيْتَهُ سَمِعْتَ مِنْهُ حَدِيثًا عَجَبًا ، قُلْتُ : فَاذْهَبْ بِي مَعَكَ ، فَأَتَيْنَاهُ فَحَدَّثَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ ، وَعَنْ بَدْءِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، قَالَ : فَحَدَّثَنَا بِأَحَادِيثَ عَجَبٍ ، فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ مَعَهُ ، وَفَطِنَ لَنَا غِلْمَانٌ مِنَ الْكُتَّابِ فَجَعَلُوا يَجِيئُونَ مَعَنَا ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَتَوْهُ ، فَقَالُوا : يَا هَذَا ، إِنَّكَ قَدْ جَاوَرْتَنَا فَلَمْ تَرَ فِي جِوَارِنَا إِلا الْحَسَنَ ، وَإِنَّا نَرَى غِلْمَانَنَا يَخْتَلِفُونَ إِلَيْكَ ، وَنَحْنُ نَخَافُ أَنْ تُفْسِدَهُمْ عَلَيْنَا ، اخْرُجْ عَنَّا ، قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ لِذَلِكَ الْغُلامِ الَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ : اخْرُجْ مَعِي ، قَالَ : لا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ، قَدْ عَلِمْتَ شِدَّةَ أَبَوَيَّ عَلَيَّ ، قُلْتُ : لَكِنِّي أَخْرُجُ مَعَكَ ، وَكُنْتُ يَتِيمًا لا أَبَ لِي ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ ، فَأَخَذْنَا جَبَلَ رَامَهُرْمُزَ ، فَجَعَلْنَا نَمْشِي وَنَتَوَكَّلُ وَنَأْكُلُ مِنَ ثَمَرِ الشَّجَرِ ، حَتَّى قَدِمْنَا الْجَزِيرَةَ ، فَقَدِمْنَا نَصِيبِينَ ، فَقَالَ لِي صَاحِبِي : يَا سَلْمَانُ ، إِنَّ هَهُنَا قَوْمًا هُمْ عُبَّادُ أَهْلِ الأَرْضِ ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْقَاهُمْ ، قَالَ : فَجِئْنَا إِلَيْهِمْ يَوْمَ الأَحَدِ وَقَدِ اجْتَمَعُوا ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ صَاحِبِي ، فَحَيَّوْهُ وَبَشُّوا بِهِ ، وَقَالُوا : أَيْنَ كَانَتْ غَيْبَتُكَ ؟ قَالَ : كُنْتُ فِي إِخْوَانٍ لِي مِنْ قِبَلِ فَارِسَ ، فَتَحَدَّثْنَا مَا تَحَدَّثْنَا ، ثُمَّ قَالَ لِي صَاحِبِي : قُمْ يَا سَلْمَانُ انْطَلِقْ ، فَقُلْتُ : لا ، دَعْنِي مَعَ هَؤُلاءِ ، قَالَ ، إِنَّكَ لا تُطِيقُ مَا يُطِيقُ هَؤُلاءِ ، هَؤُلاءِ يَصُومُونَ الأَحَدَ إِلَى الأَحَدِ ، وَلا يَنَامُونَ هَذَا اللَّيْلَ ، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ تَرَكَ الْمُلْكَ وَدَخَلَ فِي الْعِبَادَةِ ، وَكُنْتُ فِيهِمْ حَتَّى أَمْسَيْنَا , فَجَعَلُوا يَذْهَبُونَ وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى غَارِهِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ ، فَلَمَّا أَمْسَيْنَا قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ : هَذَا الْغُلامُ لا تَضَعُوهُ ، لِيَأْخُذْهُ رَجُلٌ مِنْكُمْ ، فَقَالُوا : خُذْهُ أَنْتَ ، فَقَالَ : هَلُمَّ يَا سَلْمَانُ ، فَذَهَبَ بِي مَعَهُ حَتَّى أَتَى غَارَهُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ ، فَقَالَ : يَا سَلْمَانُ هَذَا خُبْزٌ وَهَذَا أَدَمٌ ، فَكُلْ إِذَا غَرِثْتَ ، وَصُمْ إِذَا نَشِطْتَ ، وَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ ، وَنَمْ إِذَا كَسِلْتَ ، ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاتِهِ فَلَمْ يُكَلِّمْنِي إِلا ذَاكَ ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ ، فَأَخَذَنِي الْغَمُّ تِلْكَ السَّبْعَةَ أَيَّامٍ لا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ , حَتَّى إِذَا كَانَ الأَحَدُ فَانْصَرَفَ إِلَيَّ ، فَذَهَبْنَا إِلَى مَكَانِهِمُ الَّذِي كَانُوا يَجْتَمِعُونَ ، قَالَ : وَهُمْ يَجْتَمِعُونَ كُلَّ أَحَدٍ يُفْطِرُونَ فِيهِ فَيَلْقَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَيُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، ثُمَّ لا يَلْتَقُونَ إِلَى مِثْلِهِ . قَالَ : فَرَجَعْنَا إِلَى مَنْزِلِنَا ، فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ : هَذَا خُبْزٌ وَأَدَمٌ فَكُلْ مِنْهُ إِذَا غَرِثْتَ ، وَصُمْ إِذَا نَشِطْتَ ، وَصَلِّ مَا بَدَا لَكَ ، وَنَمْ إِذَا كَسِلْتَ ، ثُمَّ دَخَلَ فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيَّ ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي إِلَى الأَحَدِ الآخَرِ ، فَأَخَذَنِي غَمٌّ وَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِالْفِرَارِ ، فَقُلْتُ أَصْبِرُ أَحَدَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحَدِ رَجَعْنَا إِلَيْهِمْ ، فَأَفْطَرُوا وَاجْتَمَعُوا ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنِّي أُرِيدُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَقَالُوا : وَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : لا عَهْدَ لِي بِهِ ، قَالُوا : إِنَّا نَخَافُ أَنْ يَحْدُثَ بِكَ حَادِثٌ فَيَلِيكَ غَيْرُنَا ، وَكُنَّا نُحِبُّ أَنْ نَلِيَكَ ، قَالَ : لا عَهْدَ لِي بِهِ ، فَلَمَّا سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ فَرِحْتُ ، قُلْتُ : نُسَافِرُ وَنَلْقَى النَّاسَ ، فَيَذْهَبُ عَنِّي الْغَمُّ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ ، فَخَرَجْنَا أَنَا وَهُوَ ، وَكَانَ يَصُومُ مِنَ الأَحَدِ إِلَى الأَحَدِ ، وَيُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ ، وَيَمْشِي النَّهَارَ ، فَإِذَا نَزَلْنَا قَامَ يُصَلِّي ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ , حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَعَلَى بَابِهِ رَجُلٌ مُقْعَدٌ يَسْأَلُ النَّاسَ ، فَقَالَ : أَعْطِنِي ، فَقَالَ : مَا مَعِي شَيْءٌ ، فَدَخَلْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَلَمَّا رَآهُ أَهْلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَشُّوا إِلَيْهِ وَاسْتَبْشَرُوا بِهِ ، فَقَالَ لَهُمْ : غُلامِي هَذَا فَاسْتَوْصُوا بِهِ ، فَذَهَبُوا بِي فَأَطْعَمُونِي خُبْزًا وَلَحْمًا ، وَدَخَلَ فِي الصَّلاةِ ، فَلَمْ يَنْصَرِفْ إِلَيَّ حَتَّى كَانَ يَوْمُ الأَحَدِ الآخَرِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ لِي : يَا سَلْمَانُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَضَعَ رَأْسِي ، فَإِذَا بَلَغَ الظِّلُّ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَأَيْقِظْنِي ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ ، فَبَلَغَ الظِّلُّ الَّذِي قَالَ ، فَلَمْ أُوقِظْهُ مَأْوَاةً لَهُ مِمَّا ذَاقَ مِنِ اجْتِهَادِهِ وَنَصَبِهِ ، فَاسْتَيْقَظَ مَذْعُورًا ، فَقَالَ : يَا سَلْمَانُ ، أَلَمْ أَكُنْ قُلْتُ لَكَ إِذَا بَلَغَ الظِّلُّ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَأَيْقِظْنِي ؟ قُلْتُ : بَلَى ، لَكِنْ إِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ ذَلِكَ مَأْوَاةً لِمَا رَأَيْتُ مِنْ دَأَبِكَ ، قَالَ : وَيْحَكَ يَا سَلْمَانُ ، إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَفُوتَنِي شَيْءٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ أَعْمَلْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ خَيْرًا ، ثُمَّ قَالَ : اعْلَمْ يَا سَلْمَانُ أَنَّ أَفْضَلَ دِينٍ الْيَوْمَ النَّصْرَانِيَّةُ ، قُلْتُ : وَيَكُونُ بَعْدَ الْيَوْمِ دِينٌ أَفْضَلَ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ ؟ كَلِمَةً أُلْقِيَتْ عَلَى لِسَانِي ، قَالَ : نَعَمْ ، يُوشِكُ أَنْ يُبْعَثَ نَبِيٌّ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، فَإِذَا أَدْرَكْتَهُ فَاتَّبِعْهُ وَصَدِّقْهُ ، قُلْتُ : وَإِنْ أَمَرَنِي أَنْ أَدَعَ النَّصْرَانِيَّةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ لا يَأْمُرُ إِلا بِالْحَقِّ ، وَلا يَقُولُ إِلا حَقًّا ، وَاللَّهِ لَوْ أَدْرَكْتُهُ ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَقَعَ فِي النَّارِ لَوَقَعْتُهَا ، ثُمَّ خَرَجْنَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَمَرَرْنَا عَلَى ذَلِكَ الْمُقْعَدِ ، فَقَالَ لَهُ : دَخَلْتَ فَلَمْ تُعْطِنِي ، وَهَذَا تَخْرُجُ فَأَعْطِنِي ، فَالْتَفَتَ فَلَمْ يَجِدْ حَوْلَهُ أَحَدًا ، قَالَ : فَأَعْطِنِي يَدَكَ ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ ، فَقَالَ : قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ ، فَقَامَ صَحِيحًا سَوِيًّا فَتَوَجَّهَ نَحْوَ أَهْلِهِ ، فَاتَّبَعَهُ بَصَرِي تَعَجُّبًا مِمَّا رَأَيْتُ ، وَخَرَجَ صَاحِبِي فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ وَتَبِعْتُهُ ، فَتَلَقَّانِي رُفْقَةٌ مِنْ كَلْبٍ أَعْرَابٌ فَسَبَوْنِي ، فَحَمَلُونِي عَلَى بَعِيرٍ وَشَدُّونِي ، فَتَدَاوَلَنِي الْبُيَّاعُ حَتَّى سَقَطْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَاشْتَرَانِي رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَجَعَلَنِي فِي حَائِطٍ لَهُ مِنْ نَخْلٍ ، فَكُنْتُ فِيهِ . قَالَ : وَمِنْ ثَمَّ تَعَلَّمْتُ عَمَلَ الْخُوصِ ، أَشْتَرِي خُوصًا بِدِرْهَمٍ فَأَعْمَلُهُ فَأَبِيعُهُ بِدِرْهَمَيْنِ ، فَأَرُدُّ أَحَدَهُمَا فِي الْخُوصِ وَأَسْتَنْفِقُ دِرْهَمًا ، أُحِبُّ أَنْ آكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِي ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرٌ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفًا . فَبَلَغَنَا وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ أَنَّ رَجُلا قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَهُ ، فَمَكَثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ نَمْكُثَ ، فَهَاجَرَ إِلَيْنَا وَقَدِمَ عَلَيْنَا ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لأُجَرِبَنَّهُ ، فَذَهَبْتُ إِلَى السُّوقِ فَاشْتَرَيْتُ لَحْمَ جَزُورٍ بِدِرْهَمٍ ، ثُمَّ طَبَخْتُهُ ، فَجَعَلْتُ قَصْعَةً مِنْ ثَرِيدٍ ، فَاحْتَمَلْتُهَا حَتَّى أَتَيْتُهُ بِهَا عَلَى عَاتِقِي ، حَتَّى وَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ : " مَا هَذِهِ ، أَصَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ ؟ " قُلْتُ : بَلْ صَدَقَةٌ ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ : " كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ " ، وَأَمْسَكَ وَلَمْ يَأْكُلْ ، فَلَبِثْتُ أَيَّامًا ثُمَّ اشْتَرَيْتُ لَحْمًا أَيْضًا بِدِرْهَمٍ فَأَصْنَعُ مِثْلَهَا ، فَاحْتَمَلْتُهَا حَتَّى أَتَيْتُهُ بِهَا فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : " مَا هَذِهِ ، هَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ ؟ " قُلْتُ : بَلْ هَدِيَّةٌ ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ : " كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ " وَأَكَلَ مَعَهُمْ ، قُلْتُ : هَذَا وَاللَّهِ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، فَنَظَرْتُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَرَأَيْتُ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ فَأَسْلَمْتُ ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ قَوْمٍ النَّصَارَى ؟ قَالَ : " لا خَيْرَ فِيهِمْ " وَكُنْتُ أُحِبُّهُمْ حُبًّا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُ مِنِ اجْتِهَادِهِمْ ، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُهُ أَيْضًا بَعْدَ أَيَّامٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ قَوْمٍ النَّصَارَى ؟ قَالَ : " لا خَيْرَ فِيهِمْ وَلا فِيمَنْ يُحِبُّهُمْ " قُلْتُ فِي نَفْسِي : فَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّهُمْ . قَالَ : وَذَاكَ وَاللَّهِ حِينَ بَعَثَ السَّرَايَا وَجَرَّدَ السَّيْفَ ، فَسَرِيَّةٌ تَدْخُلُ تَخْرُجُ ، وَالسَّيْفُ يَقْطُرُ ، قُلْتُ : يُحَدَّثُ بِيَ الآنَ أَنِّي أُحِبُّهُمْ فَيَبْعَثُ إِلَيَّ فَيَضْرِبُ عُنُقِي ، فَقَعَدْتُ فِي الْبَيْتِ ، فَجَاءَنِي الرَّسُولُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ : " يَا سَلْمَانُ أَجِبْ " قُلْتُ : مَنْ ؟ قَالَ : " رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قُلْتُ : هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي كُنْتُ أَحْذَرُ ، قُلْتُ : نَعَمْ ، أَنِ اذْهَبْ حَتَّى أَلْحَقَكَ ، قَالَ : لا وَاللَّهِ حَتَّى تَجِيءَ . وَأَنَا أُحَدِّثُ نَفْسِي أَنْ لَوْ ذَهَبَ أَنْ أَفِرَّ ، فَانْطَلَقَ بِي فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ وَقَالَ لِي : " يَا سَلْمَانُ ، أَبْشِرْ فَقَدْ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ " ثُمَّ تَلا عَلَيَّ هَؤُلاءِ الآيَاتِ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ { 52 } وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ { 53 } أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ { 54 } وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ سورة القصص آية 52-55 قُلْتُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، لَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : لَوْ أَدْرَكْتُهُ وَأَمَرَنِي أَنْ أُوقَعَ فِي النَّارِ لَوَقَعْتُهَا ، إِنَّهُ نَبِيٌّ لا يَقُولُ إِلا حَقًّا وَلا يَأْمُرُ إِلا بِالْحَقِّ .

الرواه :

الأسم الرتبة
سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ

صحابي

سَلامَةَ الْعِجْلِيِّ

مقبول

سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ

صدوق سيء الحفظ, تغير بآخره وروايته عن عكرمة مضطربة

دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ

ثقة متقن

مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ

صدوق له أوهام

قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ

ثقة له أفراد

أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْمَكِّيُّ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.