باب ما جاء في الاستسقاء بالانواء


تفسير

رقم الحديث : 987

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِنَّائِيُّ ، ثنا الْمُعَلَّى بْنُ جُزَيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ التُّومِ الرَّقَاشِيُّ ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَافَ رَجُلا ، فَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ ، فَهَرَبَ الرَّجُلُ مِنْ عِنْدِهِ ، فَجَعَلَتْ رُسُلُهُ تَخْتَلِفُ إِلَى مَنْزِلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ ، يَطْلُبُونَهُ وَفِي جِيرَانِهِ ، فَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ ، فَهَرَبَ الرَّجُلُ ، فَجَعَلَ لا يَأْتِي بَلْدَةً ، إِلا قِيلَ لَهُ كُنْتَ تُطْلَبُ هَاهُنَا ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ الأَمْرُ ، وَخَشِيَ أَنْ لا يُفْلِتَ مِنْهُ ، قَالَ : مَا أَجِدُ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى بِلادٍ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مَمْلَكَتُهُ ، فَعَزَمَ عَلَى ذَلِكَ ، فَأَقْبَلَ قَاصِدًا إِلَى أَهْلِهِ ، حَتَّى طَرَقَهُمْ لَيْلا ، فَدَقَّ الْباب ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ : افْتَحِي أَنَا فُلانٌ ، فَقَالَتْ : وَيْحَكَ وَمَا الَّذِي جَاءَ بِكَ ، فَوَاللَّهِ مَا نَأْمَنُ وَلا يَأْمَنُ جِيرَانُنَا ، وَلَكِنْ أَرَى وَاللَّهِ الْحَيْنَ جَاءَ بِكَ ، فَفَتَحَتْ لَهُ وَأَسْرَجَتْ لَهُ سِرَاجًا وَنَبَّهَتْ لَهُ عِيَالَهُ ، وَجَاءَتْهُ بِعَشَاءٍ فَتَعَشَّى ، وَإِنَّهُ أَرَادَهَا عَلَى نَفْسِهَا ، فَلَمْ تَمْتَنِعْ عَلَيْهِ ، فَوَقَعَ بِهَا ، وَقَالَتْ : يَا جَارِيَةُ ، ضَعِي لِمَوْلاكِ فِي الْمُتَوَضَّأِ سِرَاجًا ، وَضَعِي لَهُ مَاءً ، وَاذْهَبِي إِلَى فُلانٍ وَفُلانٍ أَرْبَعَةٍ مِنْ جِيرَانَهَا ، وَلا يَعْلَمُ الرَّجُلُ ، فَأَتَتْ أَبْوَابَهُمْ ، فَدَقَّتْ عَلَيْهِمْ ، فَقَالُوا لَهَا : وَيْلَكِ مَالُكُمْ ، أَطَرَقَكُمُ اللَّيْلَةَ أَحَدٌ ؟ قَالَتْ : لا ، قَالُوا : فَلأَيِّ شَيْءٍ بَعَثَتْكِ ؟ قَالَتْ : مَالِي بِهِ عِلْمٌ ، قَالَ : فَدَقَّ هَذَا عَلَى هَذَا ، وَقَالُوا : تَعَالَوْا إِلَى هَذِهِ الْبَائِسَةِ ، فَقَدِ اسْتَغَاثَتْ بِكُمْ ، فَأَتَوْهَا ، فَفَتَحَتْ لَهُمُ الْباب ، وَقَالَتِ : ادْخُلُوا الْبَيْتَ ، فَدَخَلُوا الْبَيْتَ ، فَقَامَ إِلَيْهِمْ فَاعْتَنَقَهُمْ ، فَقَالُوا : مَا الَّذِي جَاءَ بِكَ ، فَوَاللَّهِ مَا نَأْمَنُ فِي مَنَازِلِنَا ، وَلَكِنَّا نَرَى الْحَيْنَ ، وَاللَّهِ جَاءَ بِكَ ، فَقَالَ : يَا قَوْمُ ، إِنِّي لَمْ آتِ بَلْدَةً إِلا وَجَدْتُنِي أُطْلَبُ فِيهَا ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ أَنْ أَدْخُلَ بَلْدَةً لَيْسَ عَلَيْهَا مَمْلَكَتُهُ ، وَهَذَا وَجْهِي ، وَإِنَّمَا جِئْتُ لأُوصِيَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَصِيَّةَ الْمَوْتِ ، لأَنِّي إِنَّ دَخَلْتُ بِلادًا غَيْرَ بِلادِ الإِسْلامِ ، لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أَخْرُجَ مِنْهَا ، فَأَوْصَيْتُ إِلَيْهَا ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ وَدَّعَهُمْ وَقَامُوا يَخْرُجُونَ ، قَالُوا : أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ لأَيِّ شَيْءٍ بَعَثْتِ إِلَيْنَا ؟ فَقَالَتْ : أَلَيْسَ تَعْرِفُونَ الرَّجُلَ إِنَّهُ زَوْجِي ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَتْ : فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْهُ اللَّيْلَةَ مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى أَهْلِهِ ، فَاشْهَدُوا عَلَى هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، فَإِنِّي لا أَدْرِي مَا يَكُونُ هَاهُنَا ، وَأَوْمَأَتْ إِلَى بَطْنِهَا ، فَيَقُولُ النَّاسُ : مِنْ أَيْنَ جَاءَتْ بِهَذَا وَزَوْجُهَا غَائِبٌ ، قَالَ : وَهُمْ يَقُولُونَ : مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ امْرَأَةً قَطُّ أَحْسَنَ عَقْلا ، وَلا أَقْرَبَ مَذْهَبًا فَخَرَجَ الْقَوْمُ قَالَ : وَوَدَّعُوهُ وَخَرَجَ الرَّجُلُ ترفعه أرض ، وتضعه أخرى ، حتى ظن أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مَمْلَكَتِهِ ، قَالَ : فَبَيْنَا هُوَ فِي صَحْرَاءَ ، لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ ، وَلا مَاءٌ ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ يُصَلِّي ، قَالَ : فَخِفْتُهُ ، وَقُلْتُ : هَذَا يَطْلُبُنِي ، قَالَ : ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ مَا مَعَهُ رَاحِلَةٌ ، وَلا دَابَّةٌ ، وَلا قِرْبَةٌ ، قَالَ : فَكَأَنِّي آنَسْتُ ، فَقَصَدْتُ نَحْوَهُ ، فَلَمَّا صِرْتُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، رَكَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ ، وَأَنَا قَائِمٌ ، فَقَالَ : لَعَلَّ هَذَا الطَّاغِي أَخَافَكَ ، قُلْتُ : أَجَلْ ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، قَالَ : فَمَا يَمْنَعُكَ مِنَ السَّبْعِ ، قُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، وَمَا السَّبْعُ ؟ فَقَالَ : " قُلْ سُبْحَانَ الْوَاحِدِ الَّذِي لَيْسَ غَيْرُهُ إِلَهٌ ، سُبْحَانَ الْقَدِيمِ الَّذِي لا بَادِيَ لَهُ ، سُبْحَانَ الدَّائِمِ الَّذِي لا نَفَادَ لَهُ ، سُبْحَانَ الَّذِي كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ، سُبْحَانَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ، سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ مَا يُرَى وَمَا لا يُرَى ، سُبْحَانَ الَّذِي عَلِمَ كُلَّ شَيْءٍ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ " ، ثُمَّ قَالَ : قُلْهَا ، قَالَ : فَقُلْتُهَا وَحَفِظْتُهَا ، قَالَ : فَأَلْقَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَلْبِي الأَمْنَ ، وَرَجَعْتُ رَاجِعًا مِنْ طَرِيقِي الَّذِي جِئْتُ بِهِ ، فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ الرَّجُلَ ، وَقَصَدْتُ قَاصِدًا أُرِيدُ أَهْلِي ، فَقُلْتُ : لآتِيَنَّ باب سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَأَتَيْتُ بابهُ ، فَإِذَا هُوَ يَوْمَ إِذْنِهِ ، وَهُوَ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ ، فَدَخَلْتُ وَإِنَّهُ لَعَلَى فَرْشِهِ ، فَمَا غَدَا أَنْ رَآنِيَ فَاسْتَوَى عَلَى فَرْشِهِ ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَيَّ ، فَمَا زَالَ يُدْنِينِي ، حَتَّى قَعَدْتُ مَعَهُ عَلَى الْفِرَاشِ ، ثُمَّ قَالَ : سَحَرْتَنِي وَسَاحِرٌ أَيْضًا مَعَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا أَنَا بِسَاحِرٍ ، وَلا أَعْرِفُ السَّحَرَةَ وَلا سَحَرْتُكَ ، قَالَ : فَكَيْفَ ، فَمَا ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَتِمُّ مُلْكِي إِلا بِقَتْلِكَ ، فَلَمَّا رَأَيْتُكَ ، لَمْ أَسْتَقِرَّ حَتَّى دَعَوْتُكَ ، فَأَقْعَدْتُكَ مَعِي عَلَى فِرَاشِي ، وَهُوَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ ، ثُمَّ قَالَ : اصْدُقْنِي أَمْرَكَ ، فَأَخْبَرَهُ بِقِصَّتِهِ ، وَخَوْفِهِ ، وَأَمْرِهِ كُلِّهِ ، وَمَا كَانَ فِيهِ ، قَالَ : يَقُولُ لَهُ سُلَيْمَانُ الْخَضِرُ : وَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَّمَكَهَا ، اكْتُبُوا لَهُ أَمَانَةً ، وَأَحْسِنُوا جَائِزَتَهُ ، وَاحْمِلُوهُ إِلَى أَهْلِهِ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.