حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى ، نَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْوَقَّارُ ، قَالَ : قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ ، وَأَنَا أَسْمَعُ ، قَالَ الثَّوْرِيُّ : قَالَ مُجَالِدٌ : قَالَ أَبُو الْوَدَّاكِ : قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ أَخِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ : يَا رَبِّ أَرِنِي الَّذِي كُنْتَ أَرَيْتَنِي فِي السَّفِينَةِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : يَا مُوسَى ، إِنَّكَ سَتَرَاهُ ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى أَتَاهُ الْخَضِرُ ، وَهُوَ طَيِّبُ الرِّيحِ ، حُسْنُ بَيَاضِ الثِّيَابِ ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ ، إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ . قَالَ مُوسَى : هُوَ السَّلامُ ، وَمِنْهُ السَّلامُ ، وَإِلَيْهِ السَّلامُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي لا أُحْصِي نِعَمَهُ ، وَلا أَقْدِرُ عَلَى شُكْرِهِ إِلا بِمَعُونَتِهِ . ثُمَّ قَالَ مُوسَى : أُرِيدُ أَنْ تُوصِينِي بِوَصِيَّةٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا بَعْدَكَ . فَقَالَ الْخَضِرُ : يَا طَالِبَ الْعِلْمِ ، إِنَّ الْقَائِلَ أَقَلَّ مَلالَةً مِنَ الْمُسْتَمِعِ ، فَلا تَمَلَّ جُلَسَاءَكَ إِذَا حَدَّثْتَهُمْ ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَلْبَكَ وِعَاءٌ ، فَانْظُرْ مَاذَا تَحْشُو بِهِ وِعَاءَكَ ، واعْزِفْ عَنِ الدُّنْيَا ، وانْبِذْهَا وَرَاءَكَ ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَكَ بِدَارٍ ، وَلا لَكَ فِيهَا مَحَلُّ قَرَارٍ ، وَإِنَّهَا جُعِلَتْ بُلْغَةً لِلْعِبَادِ ، ولِيَتَزَوَّدُوا مِنْهَا لِلْمَعَادِ ، وَيَا مُوسَى ، وَطِّنْ نَفْسَكَ عَلَى الصَّبْرِ تُلَقَّ الْحِكَمَ ، وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ التَّقْوَى تَنَلِ الْعِلْمَ ، وَرَضِّ نَفْسَكَ عَلَى الصَّبْرِ تَخْلُصْ مِنَ الإِثْمِ . يَا مُوسَى ، تَفَرَّغْ لِلْعِلْمِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُهُ ، فَإِنَّمَا الْعِلْمُ لِمَنْ يَفْرَغُ لَهُ ، وَلا تَكُونَنَّ مِكْثَارًا بِالْمَنْطِقِ مِهْدَارًا ، إِنَّ كَثْرَةَ الْمَنْطِقِ تُشِينُ الْعُلَمَاءَ ، وَتُبْدِي مَسَاوِئَ السُّخَفَاءِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِذِي اقْتِصَادٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ التَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْجُهَّالِ ، واحْلُمْ عَنِ السُّفَهَاءِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ فَضْلُ الْحُكَمَاءِ ، وَزَيْنُ الْعُلَمَاءِ ، إِذَا شَتَمَكَ الْجَاهِلُ فَاسْكُتْ عَنْهُ سِلْمًا ، وجانِبْهُ حَزْمًا ، فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنْ جَهْلِهِ عَلَيْكَ ، وَشَتْمِهِ إِيَّاكَ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ . يَا ابْنَ عِمْرَانَ ، أَلا تَرَى أَنَّكَ مَا أُوتِيتَ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلًا ، فَإِنَّ الانْدِلاثَ ، وَالتَّعَسُّفَ مِنَ الاقْتِحَامِ وَالتَّكَلُّفِ . يَا ابْنَ عِمْرَانَ ، لا تَفْتَحَنَّ بَابًا لا تَدْرِي مَا غَلْقُهُ ، وَلا تُغْلِقَنَّ بَابًا لا تَدْرِي مَا فَتْحُهُ . يَا ابْنَ عِمْرَانَ ، مَنْ لا تَنْتَهِي مِنَ الدُّنْيَا نَهْمَتُهُ ، وَلا تَنْقَضِي مِنْهَا رَغْبَتُهُ ، كَيْفَ يَكُونُ عَابِدًا ؟ مَنْ يَحْقِرُ حَالَهُ ، وَيَتَّهِمُ اللَّهَ بِمَا قَضَى لَهُ ، كَيْفَ يَكُونُ زَاهِدًا ؟ هَلْ يَكُفَّ عَنِ الشَّهَوَاتِ مَنْ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ هَوَاهُ ؟ وَيَنْفَعُهَ طَلَبُ الْعِلْمِ ، وَالْجَهْلُ قَدْ حَوَاهُ ؟ لأَنَّ سَفَرَهُ إِلَى آخِرَتِهِ وَهُوَ مُقْبِلٌ عَلَى دُنْيَاهُ . يَا مُوسَى ، تَعَلَّمْ مَا تَعْمَلُ لِتَعْمَلَ بِهِ ، وَلا تَعْلَمْهُ لِيُتَحَدَّثَ بِهِ ، فَيَكُونُ عَلَيْكَ بُورُهُ ، وَيَكُونُ لِغَيْرِكَ نُورُهُ . يَا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ ، اجْعَلِ الزُّهْدَ وَالتَّقْوَى لِبَاسَكَ ، وَالْعِلْمَ وَالذِّكْرَ كَلَامَكَ ، وَاسْتَكْثِرْ مِنَ الْحَسَنَاتِ ، فَإِنَّكَ مُصِيبُ السَّيِّئَاتِ ، وَزَعْزِعْ بِالْخَوْفِ قَلْبَكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُرْضِي رَبَّكَ ، وَاعْمَلْ خَيْرًا ، فَإِنَّكَ لا بُدَّ عَامِلٌ سِوَاهُ ، قَدْ وُعِظْتَ إِنْ حَفِظْتَ ، فَتَوَلَّى الْخَضِرُ ، وَبَقِيَ مُوسَى حَزِينًا مَكْرُوبًا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |
أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ | أبو سعيد الخدري | صحابي |
أَبُو الْوَدَّاكِ | جبر بن نوف الهمداني | صدوق يهم |
مُجَالِدٌ | مجالد بن سعيد الهمداني / ولد في :48 / توفي في :144 | ضعيف الحديث |
الثَّوْرِيُّ | سفيان الثوري | ثقة حافظ فقيه إمام حجة وربما دلس |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ | عبد الله بن وهب القرشي / ولد في :125 / توفي في :197 | ثقة حافظ |
زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْوَقَّارُ | زكريا بن يحيى الوقار | متهم بالوضع |
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى | محمد بن المعافى الصيداوي / توفي في :291 | مقبول |