حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ، قَالَ : نا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ الذَّارِعُ ، قَالَ : نا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ ، قَالَ : نا أَبُو طَاهِرٍ ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : كَانَ لِي أَخٌ يُقَالَ لَهُ أُنَيْسٌ ، وَكَانَ شَاعِرًا فَتَنَافَرَ هُوَ وشَاعِرٌ آخَرُ ، فَقَالَ أُنَيْسٌ : أَنَا أَشْعَرُ مِنْكَ ، وَقَالَ الآخَرُ أَنَا أَشْعَرُ ، قَالَ أُنَيْسٌ : فَمَنْ تَرْضَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا ؟ قَالَ : أَرْضَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا كَاهِنُ مَكَّةَ ، قَالَ : نَعَمْ ، فَخَرَجَا إِلَى مَكَّةَ ، فَاجْتَمَعَا عِنْدَ الْكَاهِنِ ، فَأَنْشَدَهُ هَذَا كَلامَهُ ، وَهَذَا كَلامَهُ ، فَقَالَ لأُنَيْسٍ : قَضَيْتَ لِنَفْسِكَ ، فَكَأَنَّهُ فَضَّلَ شِعْرَ أُنَيْسٍ ، فَقَالَ : يَا أَخِي ، بِمَكَّةَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، وَهُوَ عَلَى دِينِكَ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قُلْتُ لأَبِي ذَرٍّ : وَمَا كَانَ دِينُكَ ؟ قَالَ : رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ ، فَقُلْتُ : أَيَّ شَيْءٍ كُنْتَ تَعْبُدُ ؟ قَالَ : لا شَيْءَ ، كُنْتُ أُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى أَسْقُطَ كَأَنِّي خِفَاءٌ ، حَتَّى يُوقِظَنِي حَرُّ الشَّمْسِ ، فَقُلْتُ : أَيْنَ كُنْتَ تُوَجِّهُ وَجْهَكَ ؟ قَالَ : حَيْثُ وَجَّهَنِي رَبِّي ، فَقَالَ لِي أُنَيْسٌ : وَقَدْ سَئِمُوهُ ، يَعْنِي : كَرِهُوهُ ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ : فَجِئْتُ حَتَّى دَخَلْتُ مَكَّةَ ، فَكُنْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَيَوْمًا ، أَخْرُجُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَأَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً ، فَمَا وَجَدْتِ عَلَى كَبِدِي سَحْقَةَ جُوعٍ ، وَلَقَدْ تَعَكَّنَ بَطْنِي ، فَجَعَلَتِ امْرَأَتَانِ تَدْعُوَانِ لَيْلَةً آلِهَتَهُمَا ، وَتَقُولُ إِحْدَاهُمَا : يَا إِسَافُ ، هَبْ لِي غُلامًا ، وَتَقُولُ الأُخْرَى : يَا نَائِلُ ، هَبْ لِي كَذَا وَكَذَا ، فَقُلْتُ : هَنَّ بِهِنَّ ، فَوَلَّتَا وجَعَلَتَا تَقُولانِ : الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا ، إِذْ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يَمْشِي وَرَاءَهُ ، فَقَالَتَا : الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا ، فَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلامٍ قَبَّحَ مَا قَالَتَا ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ : فَظَنَنْتُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : " وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ " ، ثَلاثًا ، ثُمَّ قَالَ لِي : " مُنْذُ كَمْ أَنْتَ هَا هُنَا ؟ " قُلْتُ : مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ يَوْمًا وَلَيْلَةً ، قَالَ : " فَمِنْ أَيْنَ كُنْتَ تَأْكُلُ ؟ " قَالَ : كُنْتُ آتِي زَمْزَمَ كُلَّ لَيْلَةٍ نِصْفَ اللَّيْلِ ، فَأَشْرَبُ مِنْهَا شَرْبَةً ، فَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سَحْقَةَ جُوعٍ ، وَلَقَدْ تَعَكَّنَ بَطْنِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّهَا طُعْمٌ وَشِرْبٌ ، وَهِيَ مُبَارَكَةٌ " ، قَالَهَا ثَلاثًا ، ثُمَّ سَأَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِمَّنْ أَنْتَ ؟ " فَقُلْتُ : مِنْ غِفَارٍ ، قَالَ : وَكَانَتْ غِفَارٌ يَقْطَعُونَ عَلَى الْحَاجِّ ، وَكَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْقَبَضَ عَنِّي ، فَقَالَ لأَبِي بَكْرٍ : " انْطَلِقْ بِنَا يَا أَبَا بَكْرٍ " ، فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي بَكْرٍ ، فَقَرَّبَ لَنَا زَبِيبًا ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ ، وَأَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَلَّمَنِي الإِسْلامَ ، وَقَرَأْتُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُظْهِرَ دِينِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ " ، قُلْتُ : لا بُدَّ مِنْهُ ، قَالَ : " إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُقْتَلَ " ، قُلْتُ : لا بُدَّ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنْ قُتِلْتُ ، فَسَكَتَ عَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقُرَيْشٌ حِلَقٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقُلْتُ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، فَتَنَفَّضَتِ الْحِلَقُ ، فَقَامُوا إِلَيَّ ، فَضَرَبُونِي حَتَّى تَرَكُونِي كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُونِي ، فَقُمْتُ ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَأَى مَا بِي مِنَ الْحَالِ ، فَقَالَ لِي : " أَلَمْ أَنْهَكَ ؟ " فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَانَتْ حَاجَةٌ فِي نَفْسِي فَقَضَيْتُهَا ، فَأَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لِي : " الْحَقْ بِقَوْمِكَ ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظُهُورِي فَأْتِنِي " ، فَجِئْتُ وَقَدْ أَبْطَأْتُ عَلَيْهِمْ ، فَلَقِيتُ أُنَيْسًا ، فَبَكَى ، وَقَالَ : يَا أَخِي ، مَا كُنْتُ أَرَاكَ إِلا قَدْ قُتِلْتَ لَمَّا أَبْطَأْتَ عَلَيْنَا ، مَا صَنَعْتَ ؟ أَلَقِيتَ صَاحِبَكَ الَّذِي طَلَبْتَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ أُنَيْسٌ : يَا أَخِي ، مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَأَسْلَمَ مَكَانَهَ ، ثُمَّ أَتَيْتُ أُمِّي ، فَلَمَّا رَأَتْنِي بَكَتْ ، وَقَالَتْ : يَا بُنَيَّ ، أَبْطَأْتَ عَلَيْنَا ، حَتَّى تَخَوَّفْتُ أَنْ قَدْ قُتِلْتَ ، مَا صَنَعْتَ ؟ ، أَلَقِيتَ صَاحِبَكَ الَّذِي طَلَبْتَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَتْ : فَمَا صَنَعَ أُنَيْسٌ ؟ قُلْتُ : أَسْلَمَ ، فَقَالَتْ : وَمَا بِي عَنْكُمَا رَغْبَةٌ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَأَقَمْتُ فِي قَوْمِي ، فَأَسْلَمَ مِنْهُمْ نَاسٌ كَثِيرٌ ، حَتَّى بَلَغَنَا ظُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُهُ ، لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ إِلا أَبُو طَاهِرٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، تَفَرَّدَ بِهِ : جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ .
| الأسم | الشهرة | الرتبة |
| أَبِي ذَرٍّ | أبو ذر الغفاري | صحابي |
| ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |
| أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ | أبو يزيد المديني | مقبول |
| أَبُو طَاهِرٍ | أبو طاهر الهاشمي | مجهول الحال |
| جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ | جعفر بن سليمان الضبعي | صدوق يتشيع |
| قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ الذَّارِعُ | قطن بن نسير الغبري | صدوق يخطئ |
| إِبْرَاهِيمُ | إبراهيم بن هاشم البغوي | ثقة |