حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ بْنِ مُوسَى الْخَلالُ التُّسْتَرِيُّ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْجُنْدِيسَابُورِيُّ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دَاحَةَ ، ثنا أَبُو خِدَاشٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَهْتَمِ التَّمِيمِيِّ ، ثنا أَبَانُ بْنُ الْوَلِيدِ ، قَالَ : كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْبَيْعَةِ ، فَأَبَى أَنْ يُبَايِعَهُ ، فَظَنَّ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ إِنَّمَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ لِمَكَانِهِ ، فَكَتَبَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ : " أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْمُلْحِدَ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَعَاكَ إِلَى بَيْعَتِهِ ليُدْخِلَكَ فِي طَاعَتِهِ ، فَتَكُونَ عَلَى الْبَاطِلِ ظَهِيرًا ، وَفِي الْمَأْثَمِ شَرِيكًا ، فَامْتَنَعْتَ عَلَيْهِ وَانْقَبَضْتَ ، لِمَا عَرَّفَكَ اللَّهُ مِنْ نَفْسِكَ فِي حَقِّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ أَفْضَلَ مَا يَجْزِي الْوَاصِلِينَ مِنْ أَرْحَامِهِمُ ، الْمُوفِينَ بِعُهُودِهِمْ ، فَمَهْمَا أَنْسَى مِنَ الأَشْيَاءِ فَلَسْتُ أَنْسَى بِرَّكَ وَصِلَتَكَ ، وَحُسْنَ جائِزَتِكَ ، بِالَّذِي أَنْتَ أَهْلُهُ مِنَّا فِي الطَّاعَةِ وَالشَّرَفِ وَالْقَرَابَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَانْظُرْ مَنْ قِبَلَكَ مِنْ قَوْمِكَ ، وَمَنْ يَطْرَأُ عَلَيْكَ مِنْ أَهْلِ الآفَاقِ مِمَّنْ يَسْحَرُهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِلِسَانِهِ ، وَزُخْرُفِ قَوْلِهِ ، فَخَذِّلْهُمْ عَنْهُ ، فَإِنَّهُمْ لَكَ أَطْوَعُ ، وَمِنْكَ أَسْمَعُ مِنْهُمْ للمُلْحِدِ الْخَارِبِ الْمَارِقِ ، وَالسَّلامُ ، فَكَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَيْهِ : " أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ دُعَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِيَّايَ الَّذِي دَعَانِي إِلَيْهِ ، وَأَنِّي امْتَنَعْتُ مَعْرِفَةً لِحَقِّكَ ، فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَلَسْتُ بِرَّكَ أَغْزُو بِذَلِكَ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ بِمَا أَنْوِي بِهِ عَلِيمٌ ، وَكَتَبْتَ إِلَيَّ أَنْ أَحُثَّ النَّاسَ عَلَيْكَ ، وَأُخَذِّلَهُمْ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، فَلا سُرُورًا وَلا حُبُورًا بِفِيكَ الْكِثْكِثُ ، وَلَكَ الأَثْلَبُ ، إِنَّكَ لَعَازِبٌ إِنْ مَنَّتْكَ نَفْسُكَ ، وَإِنَّكَ لأَنْتَ الْمَنْفُودُ الْمَثْبُورُ ، وَكَتَبْتَ إِلَيَّ تَذْكُرُ تَعْجِيلَ بِرِّي وَصِلَتِي ، فَاحْبِسْ أَيُّهَا الإِنْسَانُ عَنِّي بِرَّكَ وَصِلَتَكَ ، فَإِنِّي حَابِسٌ عَنْكَ وُدِّي وَنُصْرَتِي ، وَلَعَمْرِي مَا تُعْطِينَا مِمَّا فِي يَدَيْكَ لَنَا إِلا الْقَلِيلَ ، وَتَحْبِسُ مِنْهُ الْعَرِيضَ الطَّوِيلَ ، أَلا أَبَا لَكَ أَتُرَانِي أَنْسَى قَتْلَكَ حُسَيْنًا وَفِتْيانَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، مَصَابِيحَ الدُّجَى ، وَنُجُومَ الأَعْلامِ ، غَادَرَتْهُمْ جُنُودُكَ بِأَمْرِكَ ، فَأَصْبَحُوا مُصَرَّعِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، مُزَمَّلِينَ فِي الدِّمَاءِ ، مَسْلُوبِينَ بِالْعَرَاءِ ، لا مُكَفَّنِينَ ، وَلا مُوسَّدِينَ ، تَسْفِيهِمُ الرِّيَاحُ ، وَتَغْزُوهُمُ الذِّئَابُ ، وَتَنْتَابُهُمْ عُرُجُ الضِّباعِ ، حَتَّى أَتَاحَ اللَّهُ لَهُمْ قَوْمًا لَمْ يُشْرِكُوا فِي دِمَائِهِمْ ، فَكَفَّنُوهُمْ وَأَجَنُّوهُمْ ، وَبِهِمْ وَاللَّهِ وَبِي مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ ، فَجَلَسْتَ فِي مَجْلِسِكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ ، وَمَهْمَا أَنْسَى مِنَ الأَشْيَاءِ فَلَسْتُ أَنْسَى تَسْلِيطَكَ عَلَيْهِمُ الدَّعِيَ ابْنَ الدَّعِيِّ لِلْعَاهِرَةِ الْفَاجِرَةِ ، الْبَعِيدَ رَحِمًا ، اللَّئِيمَ أَبًا وَأُمًّا ، وَالَّذِي اكْتَسَبَ أَبُوكَ فِي ادِّعَائِهِ لِنَفْسِهِ الْعَارَ وَالْمَأْثَمَ وَالْمَذَّلَةَ وَالْخِزْيَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ " ، وَإِنَّ أَبَاكَ زَعَمَ أَنَّ الْوَلَدَ لِغَيْرِ الْفِرَاشِ ، وَلا يَضُرُّ الْعَاهِرَ ، وَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهُ كَمَا يَلْحَقُ وَلَدُ الْبَغِيِّ الْمُرْشِدَ ، وَلَقَدْ أَمَاتَ أَبُوكَ السُّنَّةَ جَهْلا ، وَأَحْيَا الأَحْدَاثَ الْمُضِلَّةَ عَمْدًا ، وَمَهْمَا أَنْسَى مِنَ الأَشْيَاءِ فَلَسْتُ أَنْسَى تَسْيِيرَكَ حُسَيْنًا مِنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ ، وَتَسْيِيرَكَ إِلَيْهِمُ الرِّجَالَ ، وَإِدْسَاسَكَ إِلَيْهِمْ ، إِنْ هُوَ نَذَرَ بِكُمْ ، فَعَاجِلُوهُ ، فَمَا زِلْتَ بِذَلِكَ حَتَّى أَشْخَصْتَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضِ الْكُوفَةِ ، تَزْأَرُ إِلَيْهِ خَيْلُكَ وَجُنُودُكَ زَئِيرَ الأَسَدِ ، عَدَاوَةً مِثْلِكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَهْلِ بَيْتِهِ ، ثُمَّ كَتَبْتَ إِلَى ابْنِ مَرْجَانَةَ يَسْتَقْبِلُهُ بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ وَالأَسِنَّةِ وَالسُّيُوفِ ، ثُمَّ كَتَبْتَ إِلَيْهِ بُمُعَاجَلَتِهِ ، وَتَرْكِ مُطَاوَلَتِهِ ، حَتَّى قَتَلْتَهُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ فِتْيَانِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا ، نَحْنُ أُولَئِكَ لا كَآبَائِكَ الأَجْلافِ الْجُفَاةِ أَكْبَادِ الْحَمِيرِ ، وَلَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ كَانَ أَعَزَّ أَهْلِ الْبَطْحَاءِ بِالْبَطْحَاءِ قَدِيمًا ، وَأَعَزَّهُ بِهَا حَدِيثًا ، لَوَّثُوا بِالْحَرَمَيْنِ مَقَامًا ، وَاسْتَحَلَّ بِهَا قِتَالا ، وَلَكِنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُسْتَحَلُّ بِهِ حَرَمُ اللَّهِ ، وَحَرَمُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَحُرْمَةُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، فَطَلَبَ إِلَيْكُمُ الْحُسَيْنُ الْمُوَادَعَةَ ، وَسَأَلَكُمُ الرَّجْعَةَ ، فَاغْتَنَمْتُمْ قِلَّةَ نُصَّارِهِ ، وَاسْتئِصَالَ أَهْلِ بَيْتِهِ ، كَأَنَّكُمْ تَقْتُلُونَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ التُّرْكِ ، أَوْ كَابُلَ ، فَكَيْفَ تَحْدُونِي عَلَى وُدِّكَ ، وَتَطْلُبُ نُصْرَتِي ، وَقَدْ قَتَلْتَ بَنِي أَبِي ، وَسَيْفُكَ يَقْطُرُ مِنْ دَمِي ، وَأَنْتَ آخِذُ ثَأْرِي ؟ فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ لا يَطُلْ لَدَيْكَ دَمِي ، وَلا تَسْبِقْنِي بِثَأْرِي ، وَإِنْ تَسْبِقْنَا بِهِ فَقَبِلْنَا مَا قَبِلَتِ النَّبِيُّونَ وَآلُ النَّبِيِّينَ ، فظَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَكَانَ الْمَوْعِدُ اللَّهَ ، فَكَفَى بِاللَّهِ لِلْمَظْلُومِينَ ناصِرًا ، وَمِنَ الظَّالِمِينَ مُنْتَقِمًا ، وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ ، وَمَا عِشْتَ بِرَبِّكَ الدَّهْرَ الْعَجَبُ ، حَمْلُكَ بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَحَمْلُكَ أَبْنَاءَهُمْ أُغَيْلِمَةً صِغَارًا إِلَيْكَ بِالشَّامِ ، تُرِي النَّاسَ أَنَّكَ قَدْ قَهَرْتَنَا ، وَأَنَّكَ تُذِلُّنَا ، وَبِهِمْ وَاللَّهِ وَبِي مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى أَبِيكَ وَأُمِّكَ مِنَ النِّسَاءِ ، وَايْمُ اللَّهِ ، إِنَّكَ لَتُمْسِي وَتُصْبِحُ آمِنًا لجِرَاحِ يَدِي ، وَلَيَعْظُمَنَّ جُرْحُكَ بِلِسَانِي وَنَقْضِي وَإِبْرَامِي ، فَلا يَسْتَفِزَّنَّكَ الْجَدَلُ ، فَلَنْ يُمْهِلَكَ اللَّهُ بَعْدَ قَتْلِكَ عِتْرَةَ رَسُولِهِ إِلا قَلِيلا ، حَتَّى يَأْخُذَكَ أَخْذًا أَلِيمًا ، وَيُخْرِجَكَ مِنَ الدُّنْيَا آثِمًا مَذْمُومًا ، فَعِشْ لا أَبَالَكَ مَا شِئْتَ ، فَقَدْ أَرْدَاكَ عِنْدَ اللَّهِ مَا اقْتَرَفْتَ ، فَلَمَّا قَرَأَ يَزِيدُ الرِّسَالَةَ ، قَالَ : لَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مُضِيًّا عَلَى الشَّرِّ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنُ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |
أَبَانُ بْنُ الْوَلِيدِ | أبان بن الوليد القرشي | مقبول |
أَبُو خِدَاشٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَهْتَمِ التَّمِيمِيِّ | عبد الرحمن بن طلحة التميمي | مجهول الحال |
إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دَاحَةَ | إبراهيم بن إسحاق المدني | مجهول الحال |
عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْجُنْدِيسَابُورِيُّ | علي بن حرب الجنديسابوري | ثقة |
أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ بْنِ مُوسَى الْخَلالُ التُّسْتَرِيُّ | أحمد بن حمدان التستري | مقبول |