حدثنا الْحَسَنُ بْنُ هَارُونَ بْنِ سُلَيْمَانَ الأَصْبَهَانِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : وَلَمَّا رَجَعَ الْمَشْرِكُونَ إِلَى مَكَّةَ ، وَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ ، أَقْبَلَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ حَتَّى جَلَسَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ ، فَقَالَ : قَبَّحَ اللَّهُ الْعَيْشَ بَعْدَ قَتْلَى بَدْرٍ ، قَالَ : أَجَلْ ، وَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ بَعْدَهُمْ ، وَلَوْلا دَيْنٌ عَلِيَّ لا أَجِدُ لَهُ قَضَاءً ، وَعِيَالٌ لا أَدَعُ لَهُمْ شَيْئًا ، لَرَحَلْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقَتَلْتُهُ إِنْ مَلأَتُ عَيْنَيَّ مِنْهُ ، فَإِنَّ لِي عِنْدَهُ عِلَّةً أَعْتَلُّ بِهَا لَهُ أَقُولُ قَدِمْتُ عَلَى ابْنِي هَذَا الأَسِيرُ ، فَفَرِحَ صَفْوَانُ بِقَوْلِهِ ، وَقَالَ عَلَيَّ : دَيْنُكَ وَعِيَالُكَ أُسْوَةُ عِيَالِي فِي النَّفَقَةِ ، لا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَأَعْجَزُ عَنْهُ ، فَحَمَلَهُ صَفْوَانُ ، وَجَهَّزَهُ وَأَمَرَ بِسَيْفِ عُمَيْرٍ ، فَصَقَلَهُ وَسَمَّ ، وَقَالَ عُمَيْرٌ لِصَفْوَانَ أَنِ اكْتُمْنِي أَيَّامًا ، فَأَقْبَلَ عُمَيْرٌ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَنَزَلَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ ، وَعَقَلَ رَاحِلَتَهُ ، وَأَخَذَ السَّيْفَ فَعَمَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنَ الأَنْصَارِ ، يَتَحَدَّثُونَ عَنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَيَذْكُرُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ فِيهَا ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ مَعَهُ السَّيْفُ ، فَزِعَ وَقَالَ عُمَرُ : هَذَا الْكَلْبُ هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَحَزَرَنَا لِلْقَوْمِ ثُمَّ قَامَ عُمَرُ ، وَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : هَذَا عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا ، وَهُوَ الْغَادِرُ الْفَاجِرُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لا تَأْمَنْهُ ، قَالَ : أَدْخِلْهُ ، فَخَرَجَ عُمَرُ ، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ يَحْتَرِسُوا مِنْ عُمَيْرٍ ، إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ وَعُمَيْرٌ حَتَّى دَخَلا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَ عُمَيْرٍ سَيْفَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ : تَأَخَّرْ عَنْهُ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ عُمَيْرٌ ، قَالَ : أَنْعِمُوا صَبَاحًا ، وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ عَنْ تَحِيَّتِكَ ، فَجَعَلَ تَحِيَّتَنَا تَحِيَّةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهِيَ السَّلامُ ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : إِنَّ عَهْدَكَ بِهَا لَحَدِيثٌ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ أَبْدَلَنَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا ، فَمَا أَقْدَمَكَ يَا عُمَيْرُ ، قَالَ : قَدِمْتُ فِي أَسْرَانَا ، فَإِنَّكُمُ الْعَشِيرَةُ وَالأَهْلُ ، قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي رَقَبَتِكَ ؟ قَالَ عُمَيْرٌ : قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ وَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ ؟ إِنَّمَا نَسِيتُهُ فِي رَقَبَتِي حِينَ نَزَلَتْ وَلَعَمْرِي إِنَّ لِي بِهَا عِبْرَةً ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اصْدُقْنِي مَا أَقْدَمَكَ ، قَالَ : مَا قَدِمْتُ إِلا فِي أَسِيرِي ، قَالَ : " فَمَا الَّذِي شَرَطْتَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ " ، فَفَزِعَ عُمَيْرٌ ، وَقَالَ : مَاذَا شَرَطْتُ لَهُ ؟ قَالَ : " تَحَمَّلْتَ لَهُ بِقَتْلِي عَلَى أَنْ يَعُولَ بَنِيكَ وَيَقْضِيَ دَيْنَكَ ، وَاللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلِكَ " ، قَالَ عُمَيْرٌ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نُكَذِّبُكَ بِالْوَحْيِ وَبِمَا يَأْتِيكَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَفْوَانَ بِالْحِجْرِ ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ ، وَغَيْرِي فَأَخْبَرَكَ اللَّهُ بِهِ " فَآمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي لِهَذَا الْمَسَاقِ ، فَفَرِحَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ حِينَ هَدَاهُ اللَّهُ ، وَقَالَ عُمَرُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ الْخِنْزِيرُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عُمَيْرٍ حِينَ طَلَعَ , وَلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ بَنِيَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اجْلِسْ يَا عُمَيْرُ نُوَاسِكَ ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ : " عَلِّمُوا أَخَاكُمُ الْقُرْآنَ ، وَأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ " فَقَالَ عُمَيْرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كُنْتُ جَاهِدًا فِيمَا اسْتَطَعْتُ عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَاقَنِي وَهَدَانِي ، فَأْذَنْ لِي فَلأَلْحَقَ بِقُرَيْشٍ ، فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الإِسْلامِ لَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيهِمْ وَيَسْتَنْقِذُهُمْ مِنَ الْهَلَكَةِ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَحِقَ بِمَكَّةَ ، وَجَعَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ : أَبْشِرُوا بِفَتْحٍ يُنْسِيكُمْ بِوَقْعَةِ بَدْرٍ وَجَعَلَ يَسْأَلُ كُلَّ رَاكِبٍ قَدِمَ مِنَ الْمَدِينَةِ هَلْ كَانَ بِهَا مِنْ حَدَثٍ وَكَانَ يَرْجُو مَا قَالَ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَسَأَلَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْهُ ، فَقَالَ قَدْ أَسْلَمَ ، فَلَعَنَهُ الْمُشْرِكُونَ وَقَالُوا : صَبَأَ ، وَقَالَ صَفْوَانُ : إِنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لا أَنْفَعَهُ بِنَفَقَةٍ أَبَدًا وَلا أُكَلِّمَهُ مِنْ رَأْسِي كَلامًا أَبَدًا وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ عُمَيْرٌ ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَنَصَحَهُمْ جُهْدَهُمْ وَأَسْلَمَ بَشَرٌ كَثِيرٌ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ شِهَابٍ | محمد بن شهاب الزهري / ولد في :52 / توفي في :124 | الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه |
مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ | موسى بن عقبة القرشي / توفي في :141 | ثقة فقيه إمام في المغازي |
مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ | محمد بن فليح الأسلمي / توفي في :197 | صدوق يهم |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ | محمد بن إسحاق المسيبي / توفي في :236 | ثقة |
الْحَسَنُ بْنُ هَارُونَ بْنِ سُلَيْمَانَ الأَصْبَهَانِيُّ | الحسن بن هارون السلمي | صدوق حسن الحديث |