وَبِإِسْنَادِهِ ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَجُلَيْنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ بِحِمْصَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فِيمَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ ، وَكَانَا قَدِ اكْتَتَبَا مِنَ الْيَهُودِ مِلْءَ صَفِينَةٍ ، فَأَخَذَاهَا مَعَهُمَا ، يَسْتَفْتِيَانِ فِيهَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيَقُولانِ : إِنْ رَضِيَهَا لَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ازْدَدْنَا فِيهَا رَغْبَةً ، وَإِنْ نَهَانَا عَنْهَا رَفَضْنَاهَا ، فَلَمَّا قَدِمَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّا بِأَرْضٍ فِيهَا أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ ، وَإِنَّا نَسْمَعُ مِنْهُمْ كَلامًا تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُنَا ، فَنَأْخُذُ مِنْهُ أَمْ نَتْرُكُ ؟ فَقَالَ : لَعَلَّكُمَا اكْتَتَبْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا ؟ قَالا : لا ، قَالَ : سَأُحَدِّثُكُمَا ، إِنِّي انْطَلَقْتُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَيْتُ خَيْبَرَ ، فَوَجَدْتُ يَهُودِيًّا يَقُولُ قَوْلا فَأَعْجَبَنِي ، فَقُلْتُ : هَلْ أَنْتَ مُكْتِبِي مِمَّا تَقُولُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، فَأَتَيْتُهُ بِأَدِيمِ ثَنِيَّةٍ أَوْ جَذَعَةٍ ، فَجَعَلَ يُمْلِي عَلَيَّ حَتَّى كَتَبْتُ فِي الأَكْرَعِ رَغْبَةً فِي قَوْلِهِ ، فَلَمَّا رَجَعْتُ ، قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنِّي أَتَيْتُ يَهُودِيًّا ، يَقُولُ قَوْلا لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهُ بَعْدَكَ ، قَالَ : " فَلَعَلَّكَ اكْتَتَبْتَ مِنْهُ ؟ " ، فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : " ائْتِنِي بِهِ " ، فَانْطَلَقْتُ أَرْغَبُ عَنِ الْمَشْيِ رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ جِئْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ مَا يُحِبُّ ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ بِهِ قَالَ : " اجْلِسِ اقْرَأْهُ عَلَيَّ : " فَقَرَأْتُ سَاعَةً ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ ، فَإِذَا هُوَ يَتْلُونَ ، فَخِرْتُ مِنَ الْفَرَقِ ، فَمَا اسْتَطَعْتُ أُجِيزُ مِنْهُ حَرْفًا ، فَلَمَّا رَأَى الَّذِي بِي دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ جَعَلَ يَتَتَبَّعُهُ رَسْمًا فَيَمْحُوهُ بِرِيقِهِ وَهُوَ يَقُولُ : " لا تَتَّبِعُوا هَؤُلاءِ قَدْ هَوَّكُوا وَتَهَوَّكُوا " حَتَّى مَحَا آخِرَهُ حَرْفًا ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : فَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا اكْتَتَبْتُمَا مِنْهُمْ شَيْئًا ، جَعَلْتُكُمَا نَكَالا لِهَذِهِ الأُمَّةِ ، فَقَالا : وَاللَّهِ لا نَكْتُبُ مِنْهُمْ شَيْئًا أَبَدًا ، فَخَرَجَا بِصَفْنَتِهِمَا ، فَحَفَرَا لَهَا فِي الأَرْضِ ، فَلَمْ يَأْلُوا أَنْ يُعَمِّقَا فَدَفَنَاهَا ، فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْهُمَا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |
جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ | جبير بن نفير الحضرمي | ثقة |
سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ | سليم بن عامر الكلاعي | ثقة |