أَخْبَرَنِي أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ : قَالَ دَاوُدُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِ ابْنِ الْعُتْبِيِّ يَذْكُرُهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ يَتَأَوَّهُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ أَدْخَلْتَ عَلْيَكَ مَنْ يُؤْنِسُكَ بِأَحَادِيثِ الْعَرَبِ وَفُنُونِ الأَسْمَارِ ؟ قَالَ : لَسْتُ صَاحِبَ هَزْلٍ ، وَالْجَدُّ مَعَ عِلَّتِي أَحْجَى بِي . قَالَ : وَمَا عِلَّتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : هَاجَ بِي عِرْقُ النَّسَا فِي لَيْلَتِي هَذِهِ ، فَبَلَغَ مِنِّي . قَالَ : فَإِنَّ بُدَيْحًا مَوْلايَ أَرْقَى النَّاسَ مِنْهُ . فَوَجَّهَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ ، فَلَمَّا مَضَى الرَّسُولُ سَقَطَ فِي يَدَيِ ابْنِ جَعْفَرٍ ، وَقَالَ : كَذِبَةٌ قَبِيحَةٌ عِنْدَ خَلِيفَةٍ . فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ طَلَعَ بُدَيْحٌ ، فَقَالَ : كَيْفَ رَقَيْتُكَ مِنْ عِرْقِ النَّسَا . قَالَ : أَرْقَى الْخَلْقَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . قَالَ : فَسُرِّيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، لأَنَّ بُدَيْحًا كَانَ صَاحِبَ فُكَاهَةٍ يُعْرَفُ بِهَا ، فَمَدَّ رِجْلَهُ فَتَفِلَ عَلَيْهَا وَرَقَاهَا مِرَارًا ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : اللَّهُ أَكْبَرُ وَجَدْتُ وَاللَّهِ خَفًّا ، يَا غُلامُ ادْعُ فُلانَةَ حَتَّى تَكْتُبُ الرُّقْيَةَ ، فَإِنَّا لا نَأْمَنُ هَيْجَهَا بِاللَّيْلِ فَلا نُذْعِرُ بُدَيْحًا . فَلَمَّا جَاءَتِ الْجَارِيَةُ قَالَ بُدَيْحٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، امْرَأَتُهُ الطَّلاقُ إِنْ كَتَبَتْهَا حَتَّى تُعَجِّلَ حِبَائِي . فَأَمَرَ لَهُ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ ، فَلَمَّا صَارَ الْمَالُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ : وَامْرَأَتُهُ الطَّلاقُ إِنْ كَتَبَتْهَا أَوْ يَصِيرَ الْمَالَ إِلَى مَنْزِلِي . فَأَمَرَ بِهِ فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَلَمَّا أَحْرَزَهُ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ امْرَأَتُهُ الطَّلاقُ إِنْ كُنْتُ قَرَأْتُ عَلَى رِجْلِكَ إِلا أَبْيَاتِ نُصَيْبٍ : أَلا إِنَّ لَيْلَى الْعَامِرِيَّةَ أَصْبَحَتْ عَلَى النَّأْيِ مِنِّي ذَنْبَ غَيْرِي تَنْقَمُ وَذَكَرَ الأَبْيَاتَ وَزَادَ فِيهَا : وَمَا زِلْتُ أَسْتَصْفِي لَكِ الْوُدَّ أَبْتَغِي مُحَاسَنَةً حَتَّى كَأِنِّيَ مُجْرِمُ قَالَ : وَيْلُكَ مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : امْرَأَتُهُ الطَّلاقُ إِنْ كَانَ رَقَاكَ إِلا بِمَا قَالَ . قَالَ : فَاكْتُمْهَا عَلَيَّ . قَالَ : وَكَيْفَ ذَاكَ وَقَدْ سَارَتْ بِهَا الْبُرُدُ إِلَى أَخِيكَ بِمِصْرَ ؟ فَطَفِقَ عَبْدُ الْمَلِكِ ضَاحِكًا يَفْحَصُ بِرِجْلَيْهِ . أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ يُونُسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الأَصْمَعِيُّ ، عَنِ الْمُنْتَجِعُ النَّبْهَانِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا الْخَبَرِ مِثْلَ الَّذِي قَبْلَهُ . وَزَادَ فِي الشِّعْرِ : فَلا تَصْرِمِينِي حِينَ لا لِيَ مَرْجِعُ وَرَائِي وَلا لِيَ عَنْكُمُ مُتَقَدَّمُ وَقَالَ فِيهِ : فَسَكَنَ مَا كَانَ يَجِدُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ ، وَأَمَرَ لِبُدَيْحٍ بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ لِبُدَيْحٍ : مَا سَمِعْتُ هَذَا الْغِنَاءَ مِنْكَ مُذْ مَلَكْتُكَ . فَقَالَ : هَذَا مِنْ نُتَفِ سَائِبٍ خَاثِرٍ . أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ نَافِعٍ أَرَاهُ نَافِعَ الْخَيْرِ مَوْلَى ابْنَ جَعْفَرٍ بِهَذَا الْخَبَرِ مِثْلَهُ ، وَزَادَ فِيهِ ، أَنَّ بُدَيْحًا رَفَعَ صَوْتَهُ يُغَنِّيهِ بِهِ لَمَّا قَالَ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ الرُّقْيَةَ . وَزَادَ فِيهِ : فَجَعَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَقُولُ : مَهْلا يَا بُدَيْحُ . فَقَالَ : إِنَّمَا رَقَيْتُكَ كَمَا عَلِمْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |