أخبرني أخبرني الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ , قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى , قَالَ : حدثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ , عن الْمَدَائِنِيِّ , عن ابْنِ دَأْبٍ , عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ الْمَنْتُوفِ , قَالَ : " بَيْنَا ابْنُ عَبَّاسٍ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ كَفَّ بَصَرُهُ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِذْ أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ يَخْطُرُ وَعَلَيْهِ مِطْرَفُ خَزٍّ وَجُبَّةُ خَزٍّ وَعِمَامَةُ خَزٍّ , حَتَّى سَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ , فَرَدُّوا عَلَيْهِ السَّلامَ , فَقَالَ : يَابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ , أَفْتِنِي , قَالَ : فِي مَاذَا ؟ قَالَ : أَتَخَافُ عَلَيَّ جُنَاحًا إِنْ ظَلَمَنِي رَجُلٌ فَظَلَمْتُهُ , وَشَتَمَنِي فَشَتَمْتُهُ , وَقَصَّرَ بِي فَقَصَّرْتُ بِهِ , فَقَالَ : الْعَفْوُ خَيْرٌ وَمَنِ انْتَصَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ , فَقَالَ : يَابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَرَأَيْتَ امْرَأً أَتَانِي فَوَعَدَنِي , وَغَرَّنِي وَمَنَّانِي ثُمَّ أَخْلَفَنِي , وَاسْتَخَفَّ بِحُرْمَتِي , أَيَسَعُنِي أَنْ أَهْجُوَهُ , قَالَ : لا يَصْلُحُ الْهِجَاءُ لأَنَّهُ لا بُدَّ لَكَ مِنْ أَنْ تَهْجُوَ غَيْرَهُ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَتَظْلِمُ مَنْ لَمْ يَظْلِمْكَ , وَتَشْتُمُ مَنْ لَمْ يَشْتُمْكَ , وَتَبْغِي عَلَى مَنْ لَمْ يَبْغِ عَلَيْكَ , وَالْبَغْيُ مَرْتَعٌ وَخِيمٌ , وَفِي الْعَفْوِ مَا قَدْ عَلِمْتَ مِنَ الْفَضْلِ , قَالَ : صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ , فَلَمْ يَنْشِبْ أَنْ أَقْبَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَيْحَانَ الْمُحَارِبِيُّ حَلِيفُ قُرَيْشٍ , فَلَمَّا رَأَى الأَعْرَابِيَّ أَجَلَّهُ وَأَعْظَمَهُ وَأَلْطَفَ فِي مَسْأَلَتِهِ , وَقَالَ : قَرَّبَ اللَّهُ دَارَكَ يَا أَبَا مُلَيْكَةَ , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَجَرْوَلٌ ؟ قَالَ : جَرْوَلٌ , فَإِذَا هُوَ الْحُطَيْئَةُ , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لِلَّهِ أَنْتَ , أَيُّ مَرْدِي قَذَّافٌ , وَذَائِدٌ عن عَشِيرَةٍ , وَمُثْنٍ بِعَارِفِهِ تُؤْتَاهَا أَنْتَ يَا أَبَا مُلَيْكَةَ , وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ عَرَكْتَ بِجَنْبِكَ بَعْضَ مَا كَرِهْتَ مِنْ أَمْرِ الزِّبْرِقَانِ , كَانَ خَيْرًا لَكَ وَلَقَدْ ظَلَمْتَ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ لَمْ يَظْلِمْكَ , وَشَتَمْتَ مَنْ لَمْ يَشْتِمْكَ , قَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ بِهِمْ يَا أَبَا الْعَبَّاسِ لَعَالِمٌ , قَالَ : مَا أَنْتَ بِأَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ غَيْرِكَ , قَالَ : بَلَى وَاللَّهِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ , ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : أَنَا ابْنُ بَجْدَتِهِمْ عِلْمًا وَتَجْرِبَةً فَسَلْ بِسَعْدٍ تَجِدْنِي أَعْلَمَ النَّاسِ سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ كَثِيرٌ إِنْ عَدَدْتَهُمُ وَرَأْسُ سَعْدِ بْنِ زَيْدٍ آلُ شَمَّاسِ وَالزِّبْرِقَانُ ذُنَابَاهُمْ وَشَرُّهُمُ لَيْسَ الذُّنَابَى أَبَا الْعَبَّاسِ كَالرَّاسِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ أَلا تَقُولَ إِلا خَيْرًا , قَالَ : أَفْعَلُ , ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يَا أَبَا مُلَيْكَةَ , مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ ؟ قَالَ : أَمِنَ الْمَاضِينَ أَمْ مِنَ الْبَاقِينَ ؟ قَالَ : مِنَ الْمَاضِينَ , قَالَ : الَّذِي يَقُولُ : وَمَنْ يَجْعَلِ الْمَعْرُوفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ يَفِرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ وَمَا بِدُونِهِ الَّذِي يَقُولُ : وَلَسْتُ بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لا تَلُمُّهُ عَلَى شَعَثٍ أَيُّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبُ وَلَكِنَّ الضَّرَاعَةَ أَفْسَدَتْهُ كَمَا أَفْسَدَتْ جَرْوَلا ، يَعْنِي نَفْسَهُ , وَاللَّهِ يَابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ , لَوْلا الطَّمَعُ وَالْجَشَعُ لَكُنْتُ أَشْعَرَ الْمَاضِينَ , فَأَمَّا الْبَاقُونَ فَلا تَشُكُّ أَنِّي أَشْعَرُهُمْ وَأَصْرَدُهُمْ سَهْمًا إِذَا رَمَيْتُ .