أَخْبَرَنِي أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي بَعْضُ الْقُرَشِيِّينَ ، قَالَ : " قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَافِدًا ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ ، فَقال : هَذَا ابْنُ جَعْفَرٍ يَشْرَبُ النَّبِيذَ ، وَيَسْمَعُ الْغِنَاءَ ، وَيُحَرِّكُ رَأْسَهُ عَلَيْهِ ، فَجَاءَ مُعَاوِيَةُ مُتَغَيِّرًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ ، وَعَزَّةُ الْمَيْلاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالشَّمْسِ الطَّالِعَةِ فِي كِوَاءِ الْبَيْتِ يُضِيءُ بِهَا الْبَيْتُ ، تُغَنِّيهِ عَلَى عُودِهَا : تَبَلَتْ فُؤَادَكَ فِي الظَّلامِ خَرِيدَةٌ تَشْفِي الضَّجِيعَ بِبَارِدٍ بَسَّامِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عُسٌّ ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا أَبَا جَعْفَرٍ ؟ قَالَ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَتَشْرَبَنَّ مِنْهُ ، فَإِذَا عَسَلٌ مَجْدُوحٌ بِمِسْكٍ وَكَافُورٍ ، فَقَالَ : هَذَا طَيِّبٌ ، فَمَا هَذَا الْغِنَاءُ ؟ قَالَ : هَذَا شِعْرُ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ . قَالَ : فَهَلْ تُغَنِّي بِغَيْرِ هَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، بِالشِّعْرِ الَّذِي يَأْتِيكَ بِهِ الأَعْرَابِيُّ الْجَافِي الأَذْفَرِ ، الْقَبِيحِ الْمَنْظَرِ ، فَيُشَافِهُكَ بِهِ ، فَتُعْطِيهِ عَلَيْهِ ، وَآخُذُهُ أَنَا ، فَأَخْتَارُ مَحَاسِنَهُ وَرَقِيقَ كَلامَهُ ، فَأُعْطِيهِ هَذِهِ الْحَسَنَةَ الْوَجْهِ ، اللَّيِّنَةَ اللَّمْسِ ، الطَّيِّبَةَ الرِّيحِ فَتُرَتِّلَهُ بِهَذَا الصَّوْتِ الْحَسَنِ . قَالَ : فَمَا تَحْرِيكُكَ رَأْسَكَ ؟ قَالَ : أَرْيَحِيَّةٌ أَجِدُهَا إِذَا سَمِعْتُ الْغِنَاءَ ، لَوْ سُئِلْتُ عِنْدَهَا لأَعْطَيْتُ ، وَلَوْ لَقِيتُ لأَبْلَيْتُ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : قَبَّحَ اللَّهُ قَوْمًا عَرَّضُونِي لَكَ . ثُمَّ خَرَجَ وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِصِلَةٍ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |