وَذَكَرَ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِيمَا أَخْبَرَنَا بِهِ الْحَرَمِيُّ بْنُ أَبِي الْعَلاءِ عَنْهُ ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الضَّحَّاكِ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ جَبَلَةَ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي أَلْفٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَأَسْلَمَ . قَالَ : وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَلامٌ ، فَسَبَّ الْمَدِينِيُّ فَرَدَّ عَلَيْهِ ، فَلَطَمَهُ جَبَلَةُ فَلَطَمَهُ الْمَدِينِيُّ ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ : دَعُوهُ حَتَّى أَسْأَلَ صَاحِبَهُ ، وَأَنْظُرَ مَا عِنْدَهُ ، فَجَاءَ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ : إِنَّكَ فَعَلْتَ بِهِ فِعْلا ، فَفَعَلَ بِكَ . قَالَ : أَوَلَيْسَ عِنْدَكَ مِنَ الأَمْرِ إِلا مَا أَرَى ؟ قَالَ : لا . فَمَا الأَمْرُ عِنْدَكَ يَا جَبَلَةَ ؟ قَالَ : مَنْ سَبَّنَا ضَرَبْنَاهُ ، وَمَنْ ضَرَبَنَا قَتَلْنَاهُ . قَالَ : إِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ بِالْقَصَاصِ . فَغَضِبَ وَخَرَجَ بِمَنْ مَعَهُ وَدَخَلَ أَرْضَ الرُّومِ فَتَنَصَّرَ ، ثُمَّ نَدِمَ وَقَالَ : تَنَصَّرَتِ الأَشْرَافُ مِنْ عَارِ لَطْمَةٍ وَذَكَرَ الأَبْيَاتَ وَزَادَ فِيهَا بَعْدُ : وَيَا لَيْتَ لِي بِالشَّامِ أَدْنَى مَعِيشَةٍ أُجَالِسُ قَوْمِي ذَاهِبُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ أَدِينُ بِمَا دَانُوا بِهِ مِنْ شَرِيعَةٍ وَقَدْ يُحْبَسُ الْعُودُ الضَّجُورُ عَلَى الدُّبُرْ وَذَكَرَ بَاقِي خَبَرِهِ فِيمَا وَجَّهَ بِهِ إِلَى حَسَّانٍ مِثْلَهُ ، وَزَادَ فِيهِ ، 23 أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا وُلِّيَ بَعَثَ إِلَيْهِ ، فَدَعَاهُ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى الإِسْلامِ ، وَوَعَدَهُ إِقْطَاعَ الْغُوطَةِ بِأَسْرِهَا ، فَأَبَى وَلَمْ يَقْبَلْ ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَدَا لَهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى هِرَقْلٍ يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَإِلَى الإِسْلامِ ، وَوَجَّهَ إِلَيْهِ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَهُوَ جَثَّامَةُ بْنُ مُسَاحِقٍ الْكِنَانِيُّ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ الرَّجُلُ بِكِتَابِ عُمَرَ أَجَابَ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ سِوَى الإِسْلامِ ، فَلَمَّا أَرَادَ الرَّسُولُ الانْصِرَافَ قَالَ لَهُ هِرَقْلُ : هَلْ رَأَيْتَ ابْنَ عَمِّكَ هَذَا الَّذِي جَاءَنَا رَاغِبًا فِي دِينِنَا ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَالْقَهْ . قَالَ الرَّجُلُ : فَتَوَّجَهْتُ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِهِ رَأَيْتُ مِنَ الْبَهْجَةِ وَالْحُسْنِ وَالسُّرُورِ مَا لَمْ أَرَ بِبَابِ هِرَقْلَ مِثْلَهُ ، فَلَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ إِذَا هُوَ فِي بَهْوٍ عَظِيمٍ ، وَفِيهِ مِنَ التَّصَاوِيرِ مَا لا أُحْسِنُ وَصْفَهُ ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ قَوَارِيرَ ، قَوَائِمُهُ أَرْبَعَةُ أُسْدٍ مِنْ ذَهَبٍ وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ أَصْهَبُ ذُو سِبَالٍ وَعُثْنُونٍ وَقَدْ أَمَرَ بِمَجْلِسِهِ فَاسْتَقْبَلَ بِهِ وَجْهَ الشَّمْسِ فَمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَلُوحُ فَمَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ رَدَّ السَّلامَ وَرَحَّبَ بِي وَأَلْطَفَنِي وَلامَنِي عَلَى تَرْكِي النُّزُولَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَقْعَدَنِي عَلَى شَيْءٍ لَمْ أُثْبِتْهُ فَإِذَا هُوَ كُرْسِيٌّ مِنْ ذَهَبٍ فَانْحَدَرْتُ عَنْهُ فَقَالَ : مَا لَكَ ؟ فَقُلْتُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا . فَقَالَ جَبَلَةُ : أَيْضًا مِثْلَ قَوْلِي فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حِينَ ذَكَرْتُهُ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ . ثُمَّ قَالَ : يَا هَذَا إِنَّكَ إِذَا طَهَّرْتَ قَلْبَكَ لَمْ يَضُرَّكَ مَا لَبِسْتَهُ وَلا مَا جَلَسْتَ عَلَيْهِ . ثُمَّ سَأَلَنِي عَنِ النَّاسِ وَأَلْحَفَ فِي السُّؤَالِ عَنْ عُمَرَ ، ثُمَّ جَعَلَ يُفَكِّرُ حَتَّى رَأَيْتُ الْحُزْنَ فِي وَجْهِهِ ، فَقُلْتُ : مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى قَوْمِكَ وَالإِسْلامِ ؟ قَالَ : أَبَعْدَ الَّذِي قَدْ كَانَ ؟ قُلْتُ : قَدِ ارْتَدَّ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَمَنَعَهُمُ الزَّكَاةَ وَضَرَبَهُمْ بِالسَّيْفِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الإِسْلامِ ، فَتَحَدَّثْنَا مَلِيًّا ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى غُلامٍ عَلَى رَأْسِهِ فَوَلَّى يَحْضُرُ ، فَمَا كَانَ إِلا هُنْيَهَةً حَتَّى أَقْبَلَتِ الأَخْوِنَةُ يَحْمِلُهَا الرِّجَالُ فَوُضِعَتْ ، وَجِيءَ بِخِوَانٍ مِنْ ذَهَبٍ فَوُضِعَ أَمَامِي فَاسْتَعْفَيْتُ مِنْهُ ، فَوُضِعَ أَمَامِي خِوَانُ خَلَنْجَ وَجَامَاتُ قَوَارِيرَ ، وَأُدِيرَتِ الْخَمْرُ فَاسْتَعْفَيْتُ مِنْهَا ، فَلَمَّا فَرَغْنَا دَعَا بِكَأْسٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَشَرِبَ بِهِ خَمْسًا عَدَدًا . ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى غُلامٍ فَوَلَّى يَحْضُرُ ، فَمَا شَعَرْتُ إِلا بِعَشْرِ جَوَارٍ يَتَكَسَّرْنَ فِي الْحُلِيِّ ، فَقَعَدَ خَمْسٌ عَنْ يَمِينِهِ ، وَخَمْسٌ عَنْ شِمَالِهِ ، ثُمَّ سَمِعْتُ وَسْوَسَةً مِنْ وَرَائِي ، فَإِذَا أَنَا بِعَشْرٍ أَفْضَلَ مِنَ الأُوَلِ عَلَيْهِنَّ الْوَشْيُ وَالْحُلِيُّ ، فَقَعَدَ خَمْسٌ عَنْ يَمِينِهِ ، وَخَمْسٌ عَنْ شِمَالِهِ ، وَأَقْبَلَتْ جَارِيَةٌ عَلَى رَأْسِهَا طَائِرٌ أَبْيَضُ كَأَنَّهَ لُؤْلُؤَةٌ مُؤَدَّبٌ ، وَفِي يَدِهَا الْيُمْنَى جَامٌ فِيهِ مِسْكٌ وَعَنْبَرٌ قَدْ خُلِطَا وَأُنْعِمَ سَحْقُهُمَا ، وَفِي الْيُسْرَى جَامٌ فِيهِ مَاءُ وَرْدٍ ، فَأَلْقَتِ الطَّائِرَ فِي مَاءِ الْوَرْدِ ، فَتَمَعَّكَ بَيْنَ جَنَاحَيْهِ وَظَهْرِهِ وَبَطْنِهِ ، ثُمَّ أَخْرَجَتْهُ فَأَلْقَتْهُ فِي جَامِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ ، فَتَمَعَّكَ فِيهَا حَتَّى لَمْ يَدَعْ فِيهَا شَيْئًا ، ثُمَّ نَفَرَتْهُ فَطَارَ فَسَقَطَ عَلَى تَاجِ جَبَلَةَ ، ثُمَّ رَفْرَفَ وَنَفَضَ رِيشَهُ فَمَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ إِلا سَقَطَ عَلَى رَأْسِ جَبَلَةَ ، ثُمَّ قَالَ لِلْجَوَارِي : أَطْرِبْنَنِي فَخَفَقْنَ بِعِيدَانِهِنَّ يُغَنِّينَ : لِلَّهِ دَرُّ عِصَابَةٍ نَادَمْتُهُمْ يَوْمًا بِجِلَّقَ فِي الزَّمَانِ الأَوَّلِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَرِيمَةٌ أَحْسَابُهُمْ شُمُّ الأُنُوفِ مِنَ الطَّرَازِ الأَوَّلِ يَغْشَوْنَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلابُهُمْ لا يَسْأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ الْمُقْبِلِ فَاسْتَهَلَّ وَاسْتَبْشَرَ وَطَرِبَ ثُمَّ قَالَ : زِدْنَنِي فَانْدَفَعْنَ يُغَنِّينَ : لِمَنِ الدَّارُ أَقْفَرَتْ بِمَعَانِ بَيْنَ شَاطِي الْيَرْمُوكِ فَالصَّمَّانِ فَحِمَى جَاسِمٍ فَأَبْنِيَةِ الصُّفْرِ مُغَنَّى قَنَابِلَ وَهِجَانِ فَالْقُرَيَّاتِ مِنْ بَلاسَ فَدَارِيَّا فَسَكَّاءَ فَالْقُصُورِ الدَّوَانِي ذَاكَ مَغْنَى لآلِ جَفْنَةَ فِي الدَّارِ وَحَقُّ تَعَاقُبِ الأَزْمَانِ قَدْ دَنَا الْفْصَّحُ فَالوَلائِدُ يَنْظِمَنَّ سِرَاعًا أَكَلَةَ الْمُرْجَانِ لَمْ يُعَلِّلَنَّ بِالْمَغَافِيرِ وَالصَّمْغِ وَلا نَقِفُ حَنْظَلَ الشِّرْيَانِ قَدْ أَرَانِي هُنَاكَ حَقًّا مَكِينًا عِنْدَ ذِي التَّاجِ مَقْعَدِي وَمَكَانِي فَقَالَ : أَتَعْرِفُ هَذِهِ الْمَنَازِلَ ؟ قُلْتُ : لا . قَالَ : هَذِهِ مَنَازِلُنَا فِي مُلْكِنَا بِأَكْنَافِ دِمَشْقَ ، وَهَذَا شِعْرُ ابْنِ الْفُرَيْعَةِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ شَاعِرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : أَمَا إِنَّهُ مَضْرُورُ الْبَصَرِ كَبِيرُ السِّنِّ . قَالَ : يَا جَارِيَةُ ، هَاتِي فَأَتَتْهُ بِخَمْسِ مِائَةِ دِينَارٍ وَخَمْسَةِ أَثْوَابٍ مِنَ الدِّيبَاجِ . فَقَالَ : ادْفَعْ هَذَا إِلَى حَسَّانٍ وَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ ، ثُمَّ أَرَادَنِي عَلَى مِثْلِهَا ، فَأَبَيْتُ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ لِجَوَارِيهِ : أَبْكِينَنِي فَوَضَعْنَ عِيدَانَهُنَّ وَأَنْشَأْنَ يَقُلْنَ : تَنَصَّرَتِ الأَشْرَافُ مِنْ عَارِ لَطْمَةٍ وَمَا كَانَ فِيهَا لَوْ صَبَرْتُ لَهَا ضَرَرْ تَكَنَّفَنِي فِيهَا لُجَاجٌ وَنَخْوَةٌ وَبِعْتُ بِهَا الْعِينَ الصَّحِيحَةَ بِالْعُورْ فَيَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي وَلَيْتَنِي رَجَعْتُ إِلَى الْقَوْلِ الَّذِي قَالَ لِي عُمَرْ وَيَا لَيْتَنِي أَرْعَى الْمَخَاضَ بِقَفْرَةٍ وَكُنْتُ أَسِيرًا فِي رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ وَيَا لَيْتَ لِي بِالشَّامِ أَدْنَى مَعِيشَةٍ أُجَالِسُ قَوْمِي ذَاهِبَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ ثُمَّ بَكَى وَبَكَيْتُ مَعَهُ حَتَّى رَأَيْتُ دُمَوعَهُ تَجُولُ عَلَى لِحْيَتِهِ كَأَنَّهَا اللُّؤْلُؤُ ، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَانْصَرَفْتُ ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ سَأَلَنِي عَنْ هِرَقْلَ وَجَبَلَةَ ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا ، فَقَالَ : أَوَرَأَيْتَ جَبَلَةَ يَشْرَبِ الْخَمْرَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : أَبْعَدَهُ اللَّهُ تَعَجَّلَ فَانِيَةً اشْتَرَاهَا بِبَاقَيِةٍ ، فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُ فَهَلْ سَرَّحَ مَعَكَ شَيْئًا ؟ قُلْتُ : سَرَّحَ إِلَى حَسَّانٍ خَمْسَ مِائَةِ دِينَارٍ وَخَمْسَةَ أَثْوَابِ دِيبَاجٍ . فَقَالَ : هَاتِهَا وَبَعَثَ إِلَى حَسَّانٍ فَأَقْبَلَ يَقُودُهُ قَائِدُهُ حَتَّى دَنَا فَسَلَّمَ ، وَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي لأَجِدُ أَرْوَاحَ آلِ جَفْنَةَ . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَدْ نَزَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَكَ مِنْهُ عَلَى رَغْمِ أَنْفِهِ ، وَأَتَاكَ بِمَعُونَةٍ . فَانْصَرَفَ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ : إِنَّ ابْنَ جَفْنَةَ مِنْ بَقِيَّةِ مَعْشَرٍ لَمْ يَغْذُهُمْ آبَاؤُهُمْ بِاللَّوْمِ لَمْ يَنْسَنِي بِالشَّامِ إِذْ هُوَ رَبُّهَا كَلا وَلا مُتْنَصِرًا بِالرُّومِ يُعْطِي الْجَزِيلَ وَلا يَرَاهُ عِنْدَهُ إِلا كَبَعْضِ عَطِيَّةِ الْمَذْمُومِ وَأَتَيْتُهُ يَوْمًا فَقَرَّبَ مَجْلِسِي وَسَقَى فَرَوَانِي مِنَ الْخُرْطُومِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ فِي مَجْلِسِ عُمَرَ : أَتَذْكُرُ قَوْمًا كَانُوا مُلُوكًا فَأَبَادَهُمُ اللَّهُ وَأَفْنَاهُمْ ؟ فَقَالَ : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟ قَالَ : مُزَنِيٌّ . قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْلا سَوَابِقُ قَوْمِكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَطَوَّقْتُكَ طَوْقَ الْحَمَامَةِ . وَقَالَ : مَا كَانَ خَلِيلِي لِيُخِلَّ بِي ، فَمَا قَالَ لَكَ ؟ قَالَ : قَالَ : إِنْ وَجَدْتَهُ حَيًّا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ ، وَإِنْ وَجَدْتَهُ مَيِّتًا فَاطْرَحِ الثِّيَابَ عَلَى قَبْرِهِ ، وَابْتَعْ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ بُدْنًا فَانْحَرْهَا عَلَى قَبْرِهِ . فَقَالَ حَسَّانٌ : لَيْتَكَ وَجَدْتَنِي مَيِّتًا ، فَفَعَلْتَ ذَلِكَ بِي . أَخْبَرَنِي الْحَرَمِيُّ بْنُ أَبِي الْعَلاءِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّبَيْر ، قَالَ : قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ الرَّسُولُ الَّذِي بَعَثَ بِهِ إِلَى جَبَلَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّتَهُ مَعَ الْجَارِيَةِ الَّتِي جَاءَتْ بِالْجَامَيْنِ وَالطَّائِرِ الَّذِي تَمَعَّكَ فِيهِمَا ، وَذَكَرَ قَوْلَ حَسَّانٍ : إِنَّ ابْنَ جَفْنَةَ مِنْ بَقِيَّةِ مَعْشَرٍ وَلَمْ يَذْكُر غَيْرَ ذَلِكَ هَكَذَا رَوَى أَبُو عَمْرٍو فِي هَذَا الْخَبَرِ .