أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دُرَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ ، قَالَ : لَمَّا كَثُرَ الْهِجَاءُ بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ بْن أَبِي الْعَاصِ ، وَتَفَاحَشَا ، كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ ، أَنْ يَجْلِدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ سَوْطٍ ، وَكَانَ ابْنُ حَسَّانٍ صَدِيقًا لِسَعِيدٍ ، وَمَا مَدَحَ أَحَدًا غَيْرَهُ قَطُّ ، فَكَرِهَ أَنْ يَضْرِبَهُ أَوْ يَضْرِبَ ابْنَ عَمِّهِ ، فَأَمْسَكَ عَنْهُمَا ، ثُمَّ وَلَّى مَرْوَانَ ، فَلَمَّا قَدِمَ أَخَذَ ابْنَ حَسَّانٍ فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ ، وَلَمْ يَضْرِبْ أَخَاهُ ، فَكَتَبَ ابْنُ حَسَّانٍ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَهُوَ بِالشَّامِ ، وَكَانَ كَبِيرًا أَثِيرًا مَكِينًا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ : لَيْتَ شِعْرِي أَغَائِبٌ لَيْسَ بِالشَّامِ خَلِيلِي أَمْ رَاقِدٌ نُعْمَانُ أَيَّةُ مَا يَكُنْ فَقَدْ يَرْجِعُ الْغَائِبُ يَوْمًا وَيُوْقَظُ الْوَسْنَانُ إِنَّ عَمْرًا وَعَامِرًا أَبَوَيْنَا وَحَرَامًا قِدْمًا عَلَى الْعَهْدِ كَانُوا أَفَهِمَ مَانِعُوكَ أَمْ قِلَّةَ الْكُتَّابِ أَمْ أَنْتَ عَاتِبٌ غَضْبَانُ أَمْ جَفَاءٌ أَمْ أَعْوَزَتْكَ الْقَرَاطِيسُ أَمْ أَمْرِي بِهِ عَلَيْكَ هَوَانُ يَوْمَ أُنْبِئْتَ أَنَّ سَاقِي رُضَّتْ وَأَتَتْكُمْ بِذَلِكَ الرُّكْبَانُ ثُمَّ قَالُوا إِنَّ ابْنَ عَمَّكَ فِي بَلْوَى أُمُورٌ أَتَى بِهَا الْحُدْثَانُ فَنَسِيتَ الأَرْحَامَ وَالْوُدَّ وَالصُّحْبَةَ فِيمَا أَتَتْ بِهِ الأَزْمَانُ إِنَّمَا الرُّمْحُ فَاعْلَمْنَ قَنَاةً أَوْ كَبَعْضِ الْعِيدَانِ لَوْلا السِّنَانُ وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ . فَدَخَلَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّكَ أَمَرْتَ سَعِيدًا بِأَنْ يَضْرِبَ ابْنَ حَسَّانٍ وَابْنَ الْحَكَمِ مِائَةً مِائَةً ، فَلَمْ يَفْعَلْ ، ثُمَّ وَلَّيْتَ أَخَاهُ فَضَرَبَ ابْنَ حَسَّانٍ ، وَلَمْ يَضْرِبْ أَخَاهُ . قَالَ : فَتُرِيدُ مَاذَا ؟ قَالَ : أَنْ تَكْتُبَ إِلَيْهِ بِمِثْلِ مَا كَتَبْتَ بِهِ إِلَى سَعِيدٍ ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ يَعْزِمُ عَلَيْهِ أَنْ يَضْرِبَ أَخَاهُ مِائَةً فَضَرَبَهُ خَمْسِينَ ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ ابْنُ حَسَّان بِحُلَّةٍ ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ خَمْسِينَ فَفَعَلَ ، وَقَالَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ : إِنَّمَا ضَرَبَنِي حَدَّ الْحُرِّ مِائَةً ، وَضَرَبَهُ حَدَّ الْعَبْدِ خَمْسِينَ ، فَشَاعَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ حَتَّى بَلَغَتِ ابْنَ الْحَكَمِ فَجَاءَ إِلَى أَخِيهِ فَأَخْبَرَهُ ، وَقَالَ : لا حَاجَةَ لِي فِيمَا عَفَا عَنْهُ ابْنُ حَسَّانٍ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ لا حَاجَةَ لَنَا فِيمَا تَرَكْتَ ، فَهَلُمَّ فَاقْتَصَّ مِنْ صَاحِبِكَ . فَحَضَرَ فَضَرَبَهُ بِهِ مَرْوَانُ خَمْسِينَ أُخْرَى .