الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنِي بِهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ أَخْبَرَنِي بِهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ ، عَنِ الزُّبَيْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : " هَاجَرَ كِلابُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ الأَسْكَرِ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً ، ثُمَّ لَقِيَ ذَاتَ يَوْمٍ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، فَسَأَلَهُمَا : " أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ فِي الإِسْلامِ ؟ فَقَالا : الْجِهَادُ ، فَسَأَلَ عُمَرَ فَأَغْزَاهُ فِي جَيْشٍ ، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ كَبُرَ وَضَعُفَ ، فَلَمَّا طَالَتْ غَيْبَةُ كِلابٍ عَنْهُ ، قَالَ : لِمَنْ شَيْخَانِ قَدْ نَشَدَا كِلابَا كِتَابُ اللَّهِ إِنْ قُبِلَ الْكِتَابَا أُنَادِيهِ فَيَعْرِضُ فِي إِبَاءٍ فَلا وَأَبِي كِلابٍ مَا أَصَابَا إِذَا سَجَعَتْ حَمَامَةُ بَطْنِ وَادٍ إِلَى بَيْضَاتِهَا دَعُّوا كِلابَا أَتَاهُ مُهَاجِرَانِ تَكَنَّفَاهُ فَفَارَقَ شَيْخَهُ خَطِئًا وَخَابَا تَرَكْتَ أَبَاكَ مُرْعِشَةً يَدَاهُ وَأُمَّكَ مَا تَسِيغُ لَهَا شَرَابًا تَمَسَّحَ مُهْرَهُ شَفَقًا عَلَيْهِ وَتَجْنُبُهُ أَبَاعِرُهَا الصِّعَابَا قَالَ : تَجْنُبُهُ وَتُجْنِبُهُ وَاحِدٌ ، مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ سورة إبراهيم آية 35 ، قَالَ : فَإِنَّكَ قَدْ تَرَكْتَ أَبَاكَ شَيْخًا يُطَارِقُ أَيْنُقًا شَزِبًا طِرَابَا فَإِنَّكَ وَالْتِمَاسُ الأَجْرِ بَعْدِي كَبَاغِي الْمَاءِ يَتَّبِعُ السَّرَابَا فَبَلَغَتْ أَبْيَاتُهُ عُمَرَ ، فَلَمْ يَرْدُدْ كِلابَا وَطَالَ مَقَامَهُ فَأُهْتِرَ أُمَيَّةَ وَخَلَطَ جَزَعًا عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَتَاهُ يَوْمًا وَهُوَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَوْلَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارِ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ : أَعَاذِلُ قَدْ عَذَلْتَ بِغَيْرِ قَدْرٍ وَلا تَدْرِينَ عَاذِلُ مَا أُلاقِي فَإِمَّا كُنْتِ عَاذِلَتِي فَرُدِّي كِلابًا إِذْ تَوَجَّهَ لِلْعِرَاقِ وَلَمْ أَقْضِ اللُّبَانَةَ مِنْ كِلابٍ غَدَاةَ غَدٍ وَأَذَّنَ بِالْفِرَاقِ فَتَى الْفِتْيَانِ فِيْ عُسْرٍ وَيُسْرٍ شَدِيدُ الرُّكْنِ فِي يَوْمِ التَّلاقِي فَلا وَاللَّهِ مَا بَالَيْتُ وَجْدِي وَلا شَفَقِي عَلَيْكَ وَلا اشْتِيَاقِي وَإِبْقَائِي عَلَيْكَ إِذَا شَتَوْنَا وَضَمُّكَ تَحْتَ نَحْرِي وَاعْتِنَاقِي فَلَوْ فَلَقَ الْفُؤَادُ شَدِيدَ وَجْدٍ لَهُمْ سَوَادُ قَلْبِي بِانْفِلاقِ سَأَسْتَعْدِي عَلَى الْفَارُوقِ رَبًّا لَهُ دَفْعُ الْحَجِيجِ إِلَى بُسَاقِ وَأَدْعُو اللَّهَ مُجْتَهِدًا عَلَيْهِ بِبَطْنِ الأْخَشْبَيَنْ ِإلِىَ دِفَاقِ إِنَّ الْفَارُوقَ لَمْ يَرْدُدْ كِلابًا إِلَى شَيْخَيْنِ هَامُهُمَا زَوَاقِ قَالَ : فَبَكَى عُمَرُ بُكَاءٍ شَدِيدًا ، وَكَتَبَ بِرَدِّ كِلابٍ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ دَخَلَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : مَا بَلَغَ مِنْ بِرِّكَ بِأَبِيكَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أُوثِرُهُ وَأَكْفِيهِ أَمْرَهُ ، وَكُنْتُ أَعْتَمِدُ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَحْلِبَ لَهُ لَبَنًا أَغْزَرَ نَاقَةٍ فِي إِبِلِهِ وَأَسْمَنَهَا فَأُرِيحُهَا وَأَتْرُكُهَا حَتَّى تَسْتَقِرَّ ، ثُمَّ أَغْسِلُ أَخْلافَهَا حَتَّى تَبْرُدَ ثُمَّ أَحْتَلِبَ لَهُ فَأَسْقِيَهِ ، فَبَعَثَ عُمَرُ إِلَى أُمَيَّةَ مَنْ جَاءَ بِهِ إِلَيْهِ ، فَأَدْخَلَهُ يَتَهَادَى وَقَدْ ضَعُفَ بَصَرُهُ وَانْحَنَى ، فَقَالَ لَهُ : كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا كِلابٍ ؟ قَالَ : كَمَا تَرَانِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : فَهَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَشْتَهِي أَنْ أَرَى كِلابًا فَأَشُمُّهُ شَمَّةً ، وَأَضُمُّهُ ضَمَّةً قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ ، فَبَكَى عُمَرُ ، ثُمَّ قَالَ : سَتَبْلُغُ مِنْ هَذَا مَا تُحِبُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، ثُمَّ أَمَرَ كِلابًا أَنْ يَحْتَلِبَ لأَبِيهِ نَاقَةً كَمَا كَانَ يَفْعَلُ ، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِ بِلَبَنِهَا ، فَفَعَلَ فَنَاوَلَهُ عُمَرُ الإِنَاءَ ، وَقَالَ : دُونَكَ هَذَا يَا أَبَا كِلابٍ ، فَلَمَّا أَخَذَهُ وَأَدْنَاهُ إِلَى فَمِهِ ، قَالَ لِعُمَرَ : وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي لأَشُمُّ رَائِحَةَ يَدَيْ كِلابٍ مِنْ هَذَا الإِنَاءِ ، فَبَكَى عُمَرُ ، وَقَالَ : هَذَا كِلابٌ عِنْدَكَ حَاضِرًا قَدْ جِئْنَاكَ بِهِ ، فَوَثَبَ إِلَى ابْنِهِ ، وَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَقَبَّلَهُ ، وَجَعَلَ عُمَرُ يَبْكِي وَمَنْ حَضَرَهُ ، وَقَالَ لِكِلابٍ : الْزَمْ أَبَوَيْكَ ، فَجَاهِدْ فِيهِمَا مَا بَقِيَا ، ثُمَّ شَأْنُكَ بِنَفْسِكَ بَعْدَهُمَا ، وَأَمَرَ لَهُ بِعَطَائِهِ وَصَرَفَهُ مَعَ أَبِيهِ ، فَلَمْ يَزَلْ مَعَهُ مُقِيمًا حَتَّى مَاتَ أَبُوهُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |